IMLebanon

هل يحمل لودريان آلية للحوار إبان عودته إلى بيروت؟

كتبت كارول سلوم في “اللواء”:

منذ أن أنهى الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودربان زيارته في بيروت في الثالث والعشرين من حزيران الفائت، دخل الملف الرئاسي في سبات عميق ودخلت معه المساعي المتصلة بهذا الإستحقاق في اجازة،حتى أن ما يُطلق من مواقف تكاد تمر مرور الكرام على هذا الملف، وليس خافيًا على أحد أنّ ما سجل من أحداث أخيراً ادى الى تراجع الحديث عنه ، لكن المسألة لن تطول ومن المرجّح إعادة تحريكه مع العودة الجديدة للموفد الرئاسي الفرنسي إلى بيروت في الشهر الجاري. بالتزامن، تبدو البلاد أمام استحقاقات مرتقبة بعضها لا يتحمل التأجيل واقترب من موعد حلوله ولأن حكومة تصريف الأعمال في مرمى الإنتقاد من قبل القوى التي تتهمها بالتعدي على صلاحيات الرئاسة، فقد تكون امام اختبار في الأيام أو الأسابيع المقبلة، مع العلم أنه لم تظهر مؤشرات حول ما إذا كان هناك من اتفاق أو تفاهم على تعيينات في ظل واقع تصريف الأعمال. وقد يُفتح نقاش قديم جديد حول دستورية قيام الحكومة بأي تعيين، والمقصود بذلك التعيين المستعجل في حاكمية مصرف لبنان مع العلم أن إمكانية ذلك ضئيلة جدا،وهناك خيارات أخرى قد تكون بعيدة عن طاولة مجلس الوزراء، لكن في الوقت نفسه قد تجد نفسها أمام تحدي إنجاز مشروع الموازنة، إذا كان الأمر متاحًا.

رئاسياً، جولة جديدة من المفاوضات تُفتتح خلال زيارة لودريان المرتقبة، أمّا حكوميًّا فالرئيس نجيب ميقاتي سيدعو مجلس الوزراء إلى الانعقاد عندما تستدعي الحاجة إلى ذلك، وآلية العمل المتبعة سابقًا لا سيما التشاور في جدول الأعمال ستبقى على حالها.

وتفيد أوساط سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن الكلام المتداول عن مبادرة حوار يحملها معه لودريان ينتظر الترجمة، وبالتالي لا يمكن الدخول في تكهنات عنها وما هي أبرز نقاطها وما إذا كانت متعلقة بإتمام الاستحقاق، ام ان هذا الحوار يتضمن تفاصيل عن استحقاقات دستورية أخرى من رئيس الحكومة وتأليف الحكومة الجديدة، لاسيما أن فرنسا من محبذي السلة المتكاملة للحل، وتوضح أن هناك أسئلة بدأت تدور حول رعاية الحوار وإدارته وشكله دون أن يعني أنه أصبح بحكم المنعقد، إذ لا بد من معرفة مواقف مختلف الأطراف لأن اي حوار كما كان يقوم سابقا، ليس محور تأييد فريق المعارضة وهذا ما اضحى معلوما لدى لودريان.

وتسأل الأوساط نفسها ما إذا كان لودريان سيطرح نواة مبادرة ام أنه يرغب من الأفرقاء تأكيد تجاوبهم الفوري أو درس المقترح ليعود مرة جديدة، كما أن من بين الأسئلة التي يعتبر البعض أنها مشروعة هل ان الحوار سيجري لاختيار اسم من لائحة أسماء مرشحة تضم في عدادها رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية والوزير السابق جهاد ازعور، أم لا. وتعرب عن اعتقادها أن المسألة تتطلب توضيحا محددا ووحده الموفد الفرنسي قد يقدم أجوبة.

وتقول أنه لا بد أن تضم جعبة لودربان مساعي بديلة لاسيما إذا كان طرح الحوار سيصل إلى حائط مسدود، على أن موعد زيارته الثانية إلى بيروت يقترب وعندها تتبلور الصورة بشأن ما إذا كان هناك من مقترح مكتوب أو ورقة فرنسية معينة عن الحوار ووقائعه، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن هذا التحرك الجديد للودريان ينسق فيه مع الدول المؤثرة رئاسياً ولا يمكن إدراجه إلا في سياق دفع الاستحقاق إلى الأمام ، وهنا يجوز القول أن الملف الرئاسي لن يتجاوز التعقيدات الراهنة وبالتالي لن ينتهي الشغور قريبا.
اما على صعيد الحكومة، فإن الأوساط ترى أن ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري من أن الضرورات تبيح المحظورات وذلك في إشارته إلى موضوع التعيينات من الحكومة ليس واضحا ما إذا كان في الإمكان اعتباره كلاما لجس النبض، أم أنه إطلاق ليد حكومة تصريف الأعمال في مرحلة الشغور التي قد تطول، لافتة إلى أنّه منذ بداية الطريق حددت مهمة تصريف الأعمال بالمعنى الضيق وهذا لا يعني أن ملفا كالتعيينات لاسيما في المراكز الرئيسية يصعب تمريره في ظل غياب رئيس للبلاد، وأي خطوة غير ذلك تعني فتح باب على الحكومة لا يمكن إغلاقه لا بل قد يؤدي إلى تأزيم الأوضاع وافتعال مشكل واسع يرتدي طابعًا مذهبيًا.

وتستبعد هذه الأوساط تمرير أي استحقاق يتطلب توافقًا وطنيًا، وتدعو إلى رصد المواقف في هذا المجال والمخارج التي يعمل عليها وما إذا كانت تحظى بالتوافق أم لا، مذكِّرة بمقاطعة وزراء داخل الحكومة وبرفض وزراء التيار الوطني الحر التمديد لموظفي الفئة الأولى ولاسيما حاكم مصرف لبنان، وهناك افرقاء خارج الحكومة يرفضون ذلك أيضًا، وتتحدث عن أن بيان نواب الحاكم عن التعيين يشير إلى اللجوء إلى خيارات تتصل بهم وهي أيضاً ليست واضحة.

سيكون الملف الرئاسي على موعد مع حراك جديد مع لودريان يحيط به هاجس فشل أي مسعى طالما أن جميع القوى السياسية على تبايناتها حيال هوية الرئيس ومشروعه وما هو أبعد من ذلك، في حين أن إطالة أمد الفراغ سيرتّب مسؤوليات على حكومة تصريف الأعمال تستدعي الحسم.