IMLebanon

نفي رعد “الإيجابي” والتخبّط والعجز

كتب وليد شقير في “نداء الوطن”:

لقي نفي رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد أي رغبة لدى «حزب الله» في تعديل اتفاق الطائف، استحساناً عند الكثير من الأوساط السياسية وبعضها على خصومة مع «الحزب»، بعد أسبوعين من الأخذ والرد، والكتابات عن أنّ «الحزب» يريد ضمانات لبقاء سلاحه ليس فقط من رئيس الجمهورية المقبل ومرشحه رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، بل من الفرقاء السياسيين كافة، لمناسبة انتخاب الرئيس، ما فتح الباب على تكهنات كثيرة عن نوايا «الحزب» للإمساك بالسلطة السياسية عن طريق تعدي الدستور، وبالتالي الطائف.

قال رعد: «لن ندعو لتعديل شيء في الطائف، ونحن نريد فقط تطبيق نصه، ولا ندعو إلى صيغة سياسية جديدة، وكفى تشويشاً على أنفسكم وعلى الناس وإطلاق الأكاذيب والتحريض ضدنا». واعتبر أن «إذا طُبّق الطائف كما ورد في نصه، لتمكنا من تجاوز العديد من المشاكل والأزمات، فنحن أهل الإلتزام وليس بمقدور أحد أن يعلّم علينا».

رأى بعض خصوم «الحزب» أنّه أول كلام بهذا الوضوح في التزام اتفاق تقاسم السلطة بين المكونات اللبنانية، الذي يتعرض على الدوام للانتهاك، ولعدم استكمال تنفيذ بنوده. وسجّل البعض أنّ «الحزب» لم يطرح علناً في أي مرة تعديل الطائف، وأنّ الفريق الوحيد الذي يسعى إلى ذلك جهاراً هو «التيار الوطني الحر» وخصوصاً رئيسه النائب جبران باسيل.

واعتبر جزء ممن وجدوا في هذا الموقف تطميناً للخصوم حيال سعي «الحزب» إلى اغتنام فرصة الاستحقاق الرئاسي وإطالة الفراغ من أجل الحصول على مكاسب باسم حقوق الطائفة الشيعية لطرح تعديلات على الطائف تكرس مكاسب وأعرافاً اعتاد على تطبيقها.

يقتضي التذكير بأنّها ليست المرة الأولى التي يؤكد فيها «الحزب» التزامه الطائف ونفيه نيته إدخال تعديلات عليه، في وقت سبق لنائب الأمين العام لـ»الحزب» الشيخ نعيم قاسم أن كان واضحاً في هذا الصدد، قبل أشهر عدة نافياً نية أي تعديل ومؤكداً أنه مع إبقاء الأمور على ما هي عليه، مشيراً إلى أنّ أي تغيير في ميثاق الوفاق الوطني يحتاج إجماعاً ويتطلب توافقاً، إذا طرحه أحد الفرقاء. كما أنه سبق للأمين العام السيد حسن نصر الله أن رد على اتهامات بسعي «الحزب» إلى تغيير الاتفاق، مؤكداً الالتزام به.

ما أطلق التكهنات والمخاوف من سعي «الحزب» إلى تغيير في صيغة الحكم في الأسابيع الماضية هو ما نقله الموفد البطريركي المطران بولس عبد الساتر عن نصر الله إثر اجتماعه به مبعوثاً من البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، وبالتالي ما أبلغه الأخير إلى سياسيين منهم رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة بأن نصر الله يتهمه بأنه سعى إلى «تهجيرنا» إلى جنوب العراق عام 2006، نفاه السنيوررة. نصر الله كان يتحدث عن حاجة المقاومة «إلى ضمانات»، لا يكفي أن تأتي من شخص رئيس الجمهورية بل من القيادات السياسية كافة حول صيغة الحكم. البعض فهم من تسريب كلامه أنه يريد ضمانات ضمن اتفاق سلة يشمل نوعية الحكومة والبعض الآخر فهمه على أنه تلميح إلى تعديل في توزيع الشراكة في السلطة.

الغموض الذي اكتنف ما نقل عن نصر الله، وعدم نفي ما نقل عنه أوحى بأنّ «الحزب» يريد لكل ذلك أن يتفاعل، وأن تصل الرسالة إلى فرقاء داخليين وخارجيين، لا سيما أنّ باريس كانت حذرت سياسيين لبنانيين من مخاطر عدم التوصل إلى تسوية على الرئاسة يهدد موقع المسيحيين في السلطة ويقوض الطائف، ما فتح المجال للحديث عن معادلة «إما سليمان فرنجية للرئاسة أو تعديل في صيغة الحكم». فبعض رموز «الحزب» مثل رئيس الهيئة التنفيذية السيد هاشم صفي الدين لوح بأن رفض ما يعرض على الآخرين لن يكون متوفراً لاحقاً.

علّق أحد الأقطاب المعارضين لسياسة «الحزب» على كلام رعد معتبراً أنه «إيجابي لكن أسمع كلامك يعجبني أرى أفعالك أتعجب»… في إشارة إلى تناقض الأفعال مع الأقوال. فالاحتفاظ بالسلاح والإصرار على وزارة المال للشيعة (وهو مطلب الرئيس نبيه بري أكثر مما هو مطلب «الحزب»)، واعتماد بدعة الثلث المعطل في الحكومة وعرقلة تأليف الحكومات عبر التلطي خلف باسيل، وتعطيل انتخاب الرئيس وغيرها من المواقف، تنسف الطائف بالممارسة، فلا يعود حديث التزام ميثاق الوفاق الوطني نصاً وروحاً، واقعياً». وتعاطى معارضو كلامه على أنه تهديد، أو أنه للتهويل للقبول بفرنجية.

التلويح بتعديل الطائف يحرج «الحزب» مع حليفه بري، والأهم يحرجه مع فرنجية نفسه ومع حلفائه من السنة، ولربما هذا ما اقتضى نفي رعد. لكن يفترض عدم استبعاد غرق قيادته في التخبط كسائر الفرقاء اللبنانيين الذين تتحكم بهم العشوائية وقلة الحيلة إزاء الانسداد والعجز السياسيين عن إيجاد المخرج المطلوب، رغم فائض القوة لديه.