IMLebanon

رفع رسوم “المهني” 14 ضعفاً: باب جديد للتنفيعات؟

كتبت فاتن الحاج في “الأخبار”:

لم تخرج بعد صرخة طلاب التعليم المهني الرسمي اعتراضاً على رفع كلفة الرسوم المفروضة عليهم هذا العام بنحو 14 ضعفاً، تتضمن رسوماً إضافية من دون مسوّغات قانونية، علماً أن معظم الرسوم لا تذهب لدعم صناديق المعاهد والطلاب والأساتذة، بل تنتهي على الأغلب لمنافع شخصية.

كما في التعليم الثانوي الرسمي والجامعة اللبنانية، فاجأ وزير التربية، عباس الحلبي، طلاب التعليم المهني الرسمي (نحو 40 ألف طالب)، أخيراً، بقرار زيادة رسوم التسجيل في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والمشاريع المشتركة، مع فرض رسوم إضافية تتعلق برسم لدراسة المواد العامة في بعض السنوات بقيمة مليون ليرة، رسم اشتراك في مباراة الدخول يراوح بين مليون ومليون و500 ألف ليرة بحسب الاختصاصات، رسم اشتراك في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بقيمة مليون و80 ألف ليرة، فضلاً عن رسم اشتراك للنشاطات الرياضية بقيمة 300 ألف ليرة، يُدفع منها 150 ألفاً للجنة الرياضية التي تشرف على المباريات في المهنيات و150 ألفاً أخرى لشراء الأدوات الرياضية. كما يفرض القرار على الطالب الأجنبي غير اللبناني أن يدفع، إضافة إلى كل هذه الرسوم، رسماً سنوياً مقداره ثلاثة ملايين ليرة.

بذلك، يرتفع اجمالي الرسوم المفروضة على الطالب في العام الدراسي 2023 – 2024 بنحو 14 ضعفاً عن العام الدراسي الماضي. ووفق القرار 88 بتاريخ 16 آب 2023، باتت رسوم التكميلية المهنية 8 ملايين و80 ألف ليرة بدلاً من 580 ألفاً، والثانوية المهنية 10 ملايين و78 ألف ليرة بدلاً من 745 ألفاً، والامتياز الفني 13 مليوناً و80 ألف ليرة بدلاً من 905 آلاف، والإجازة الفنية والمشرف الفني – ماستر 14 مليوناً و440 ألف ليرة بدلاً من 985 ألفاً.

القسم الأكبر من الرسوم، أي رسوم التسجيل، يذهب لتغذية صناديق المديرية العامة للتعليم المهني والتقني، ولا سيما الصندوق الداخلي (لدعم المشاريع المشتركة بين المديرية والقطاع الخاص) وصندوق المساهمة (لدعم المدارس المتعثرة)، ولا تحوّل الأموال المستوفاة من الطلاب إلى صناديق المعاهد أو المدارس التي يتسجّلون فيها، وبالتالي لا يستفيد منها مباشرة الطالب أو صندوق المعهد لدعم المصاريف التشغيلية أو رواتب الموظفين المتعاقدين ممن يقومون بالأعمال الإدارية والحراسة والكناسة وغيرها، كما لا يستفيد منها أستاذ الملاك الذي يقبض راتبه من الدولة، ولا حتى الأستاذ المتعاقد الذي يتقاضى مستحقاته عادة من ميزانية التعاقد المرصودة في المديرية، علماً أن توزيع هذه الأموال على المشاريع المشتركة أو المدارس المتعثّرة يخضع لاستنسابية المدير العام وكبار الموظفين المسؤولين.

إذا كانت رسوم التسجيل تستند إلى مراسيم، وزيادتها تحصل بقرار من وزيرَي التربية والمالية، فإن فرض رسوم إضافية من دون الاستناد إلى مراسيم أمر مخالف للقانون، وفق مصادر إدارية في التعليم المهني. فالمادة 2 (الفقرة أ) من قرار الوزير تنصّ على دفع رسم مستحدث بقيمة مليون ليرة لدراسة المواد العامة في السنتين الثانية والثالثة من شهادة البكالوريا الفنية والثانوية المهنية، من دون أيّ مسوغ قانوني، فما هو هذا الرسم؟ ولماذا سيُدفع، وما هي وجهة استعماله وإلى أيّ صندوق سيذهب؟

أما الفقرة «ب» فتتناول رسم الاشتراك في مباراة الدخول بقيمة مليون ليرة لشهادات السنتين الأولى والثانية من شهادة التكميلية المهنية، والثانوية المهنية والبكالوريا الفنية، ومليون و500 ألف ليرة للانتساب إلى مباراة الدخول في الامتياز الفني والإجازة الفنية والمشرف الفني – ماستر. وربما هي سابقة في التعليم المهني الرسمي أن يفرض رسم للمشاركة في مباريات دخول لا تحصل إلا في ما ندر، علماً أن الرسم كان يتراوح العام الماضي بين 100 و150 ألف ليرة. والمفارقة هي في وجهة استعمال هذه الأموال المنصوص عليها في الفقرة نفسها، وهي لتغطية أجور المراقبة وتصحيح المسابقات في مباراة الدخول، وتدفع للأساتذة المتعاقدين غير الموظفين وفقاً للقوانين المرعية الإجراء، وبموجب جداول ينظمها مدير المعهد ورئيس الدروس النظرية. لكن هل هناك فعلاً قوانين تسمح بدفع تعويضات إضافية للأساتذة المتعاقدين غير مستحقاتهم السنوية وتعويضات المشاركة في الامتحانات الرسمية؟ وماذا عن الطلاب في السنوات الثانية والثالثة، هل يدفعون رسم مباراة الدخول؟ والأهم من سيراقب توزيع التعويضات ووفق أي معايير؟ مع الإشارة إلى أن هذه التعويضات المالية ستحوّل إلى صندوق المساهمة في المعهد، لكن من يضمن عدم توزيع الأموال على الأزلام والمحاسيب وتغطية توظيف سياسي مخالف للقانون، وخصوصاً أن الأموال قد تحوّل، وفق المصادر الإدارية، إلى معاهد توظف موظفين على حساب صناديقها أكثر من العدد المسموح به في القانون وفقاً لعدد الطلاب، كأن يكون هناك 17 موظفاً فيما القانون يسمح بتوظيف 6 أشخاص كحد أقصى!

أما رسم الانتساب إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فقد ارتفع من 90 ألف ليرة في العام الماضي إلى مليون و80 ألفاً هذا العام (2023 – 2024).

كذلك، يبدو مفاجئاً في ظل هذا الوضع الاقتصادي الاستثنائي، أن يفرض القرار على الطالب دفع 150 ألف ليرة لشراء الأدوات الرياضية، وتمويل لجنة رياضية غير معروفة مهامها بـ 150 ألف ليرة، في حين أن غالبية المعاهد المهنية الرسمية تفتقر إلى ملاعب رياضية، ونادراً ما تكون فيها حصص رياضية، وهنا أيضاً ليس هناك مسوّغ قانوني أو مرسوم يستند إليه الوزير لاستيفاء هذه الرسوم.

يبقى أن الرسم السنوي الإضافي الذي يدفعه الطالب الأجنبي بقيمة 3 ملايين ليرة سيذهب هو أيضاً إلى الصندوق الداخلي في المديرية العامة، ولن يستفيد منه الطالب أو صندوق المعهد أو الأستاذ.