IMLebanon

كلام الراعي يجمّد “طحشة” لودريان

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

وضعت باريس نفسها في موقف لا تُحسد عليه. فقد اهتزّت الثقة بدورها بعد تبنّيها مرشح «حزب الله» رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية، وعلى رغم التراجع عن هذا الدعم، إلا أنها لم تستطع ترميم الثقة مع معظم أطراف الداخل. وبات الدور الفرنسي في لبنان ثانوياً ولا يستطيع تغيير مجريات الأحداث.

لا يوجد أكثر من تهكّم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على طريقة عمل الفرنسيين في لبنان من خلال إنتقاده في عظة الأحد الأسئلة التي وجّهها المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان إلى النواب، للدلالة على «الركاكة» التي وصل إليها الدور الفرنسي. فانتقاد البطريرك طريقة العمل جاء بمثابة ضربة معنوية موجعة لكل ما يقوم به لودريان، وظهر البطريرك في عظته وكأنه يقول لفرنسا التي تتفاخر بثورتها عام 1789 وبأنها تصدّر الديموقراطية والقوانين، تعالوا لنذكّركم كيف تتمّ عملية الإنتخابات، فصندوق الإقتراع هو من ينتخب رئيساً وليس الأسئلة والأجوبة.

ليس خافياً على أحد إنتقاد بكركي للدور الفرنسي، وتؤكد مصادر كنسية لـ»نداء الوطن» تقدير البطريركية لاستبدال فريق عمل «سماسرة الإليزيه» بالمبعوث لودريان الذي تُكنّ بكركي له كل الإحترام، لكن على الرغم من هذه الخطوة، إلا أنّ بكركي لم تتأمّل خيراً لسبب بسيط وهو غياب التأثير الفرنسي عن الساحة اللبنانية وعدم قدرة باريس على الحلّ والربط.

وبنظر بكركي، كانت باريس قادرة على لعب دور أكبر وأهم لو لم تفضّل مصالحها مع إيران على مصالح الشعب اللبناني، لكن سياستها الماضية تركت ترسبات من الصعب على لودريان إزالتها. ومن جهة ثانية على الفرنسيين، إذا كانوا صادقين، الضغط على النواب للنزول إلى المجلس وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وليس إجراء إمتحان وطرح أسئلة وانتظار أجوبة، فالفريق المعطّل هو على علاقة جيدة مع باريس في الفترة الأخيرة، لذلك قد تكون قادرة على أن تمون عليه والطلب منه الإحتكام إلى اللعبة الديموقراطية بدل الإستقواء بفائض قوته واللجوء إلى التعطيل لفرض مرشحه.

تحاول بكركي عدم قطع «شعرة معاوية» مع الفرنسيين، لأنّها تعتبر أنّ الحق في قسمه الأكبر يقع على النواب المعطّلين ولا يجب إنتظار الخارج لإنتخاب رئيس، وبما أنّ قسماً من الداخل قرر رهن قراره إلى الخارج، تستبعد بكركي إنتخاب رئيس في القريب العاجل بلا تسوية إقليمية.

وإذا كان موقف بكركي والقوى السياسية الداخلية وجّه الضربة الأقوى للفرنسيين، إلا أنّ الأساس يبقى عدم وجود إشارات سعودية وأميركية مشجّعة للدور الفرنسي، وتؤكّد مصادر دبلوماسية عودة التوتّر الإقليمي، وتشرح ما جرى في الأيام الأخيرة من تراشق إعلامي، فالساحة اللبنانية لم تتأثر بالتفاهم السعودي – الإيراني، لكن كان هناك تبريد للأجواء، ومنذ أيام عادت الحرب الإعلامية والسياسية، فالرياض تعتبر مواجهتها مع «حزب الله» مفصولة عن التفاهم مع طهران، لذلك عادت حدّة الإشتباك بين الرياض و»حزب الله» ولا يُعرف ما إذا كانت هناك عودة إلى التهدئة.

من جهة ثانية، لا يوجد أي تغيّر في الموقف الأميركي، والقرار ما زال هو نفسه بعدم انتخاب رئيس يخدم إيران ومحور «الممانعة»، وإذا انتُخب مثل هكذا رئيس فلا مانع عند الأميركيين لكن لن تكون هناك مساعدات لا عربية ولا غربية، وبالتالي عاد التشدد الأميركي والسعودي إلى ما كان عليه، وهذا الأمر يُفرمل الدور الفرنسي ويُعيد التفاوض في الملف الرئاسي إلى المربّع الأول، ويضعه في أيدي واشنطن والرياض وطهران.

تجتمع كل العوامل لتقضي على الآمال بانتخاب رئيس قريباً، ما يدل على إطالة أمد الفراغ، إلا إذا حصلت معجزة تخلط الركود القاتل.