IMLebanon

لبنان مقر للأزمات

كتب وسام أبو حرفوش وليندا عازار في “الراي” الكويتية:

على «الصفيح الساخن» في عين الحلوة يصل الموفد الفرنسي جان – إيف لودريان إلى بيروت حيث يُجري غداً لقاءات ثنائية مع الأطراف اللبنانيين في محاولة متجددة لإخراج الانتخابات الرئاسية من عنق الزجاجة وبلوغ تسويةٍ تتيح وصول مرشّحٍ يؤسس لمسار إخراج «بلاد الأرز» من الحفرة السحيقة التي تتخبّط فيها منذ نحو 4 أعوام وإعادة «وصْلها» بـ «أحزمة الأمان» التي لطالما شكّلت «الحمّالة» التي تنقلها إلى خارج «ملاعب» الدم والدمار.

وأي مفارقةٍ أن يحل لودريان على بيروت، في الجولة الثالثة من وساطته الرئاسية قبيل توليه مهمة بارزة في المملكة العربية السعودية (رئيساً لوكالة التنمية الفرنسية في العلا)، في ظلّ إشارة مُحْزِنة إضافية إلى أن «القطارَ فات» على لبنان الذي تحوّل من دول «الهامش» وجزءاً من «أحزمة البؤس» في المحيط والبلدان الغارقة في صراعاتها أو صراعات الآخرين على أرضها وبأرضها، بعدما أمعنت أطراف وازنة فيه بارتهان الملف الرئاسي لحسابات إقليمية فضاعت أي فرصة للالتحاق بنظام المصلحة الاقتصادي الآخِذ بالتشكّل في المنطقة والذي بات معه أي تدخل إيجابي في ساحةٍ أو بلدٍ ومدّه بالدعم المالي محكوم بمعادلات «العائد الاستثماري» وليس النفوذ السياسي «غير القابل للصرف»، وهي «قواعد انخراطٍ» جديدة يبدو المعنيون في «بلاد الأرز» في غيبوبة كاملة عن أبعادها الاستراتيجية التي غيّرت «شروط اللعبة» إقليمياً ودولياً.

ولم يكن عابراً ما عبّر عنه الإعلان عن مشروع «الممر» العملاق للربط بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط، وذلك على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي والذي يضمّ «جسر» الشرق الأوسط منه كلاً من الإمارات والسعودية والأردن، وسط اعتبار أوساط واسعة الاطلاع أن بقاء لبنان على هامش هذا التحوّل الهائل اعتباراتٌ عدة تبدأ من خروج الوطن الصغير بالكامل من «خريطة المصالح» في المنطقة بعدما زَحَلَ في الأعوام الماضية إلى المحور الإيراني وأولوياته إلى جانب أنه يقيم في ما يشبه «العصر الحجري» في ما خص البنية التحتية ومدى جاهزيتها لملاقاة مثل هذا المشروع العابر للقارات الذي يشمل مشروعات للسكك الحديد وربط الموانئ البحرية، إلى جانب خطوط لنقل الكهرباء والهيدروجين، وكابلات نقل البيانات.

وفيما المنطقة ودول الثقل الخليجية فيها تركّز على رفاه شعوبها وازدهارها ورؤاها لِما بات يُسمى «أوروبا الجديدة»، يَمْضي لبنان على «مقاعد المتفرجين» على حروب صغيرة ولكنها قد تكون «فتّاكة» تنحر ما بقي من هيبةٍ لدولةٍ صارت «هيكلاً عظمياً» بمؤسساتها التي تتآكلها فراغاتُ يُخشى أنها… باقية وتتمدّد.

وليس أقلّ هذه «الحروب» خطورة المواجهات الضارية المستمرة منذ 4 أيام في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا والتي شهدت أمس أعنف المعارك بين حركة «فتح» ومجموعات إسلامية متشددة اتسعت رقعتها في شكل كبير داخل المخيم وطاولت تشظياتها بقعاً أوسع في مدينة صيدا حيث انهمر رصاص وقذائف طائشة سقط بعضها على الطريق البحرية، وسط تقارير عن أن حصيلة الضحايا ترتفع تباعاً وكانت بلغت حتى العصر ما لا يقل عن 9 قتلى وعشرات الجرحى.