IMLebanon

هل بدأت “كاسحة الألغام” لفتح الطريق أمام المرشح الثالث؟

كتب وسام أبو حرفوش وليندا عازار في “الراي” الكويتية:

يُجْري الموفد الفرنسي جان – إيف لودريان اليوم وغداً محادثات ثنائية في بيروت مع مختلف الأطراف اللبنانية في إطار الجولة الثالثة من مهمته الرامية إلى تفكيكِ تعقيداتِ المأزق الرئاسي في لبنان وتوفير إطار محدَّد لإخراج هذا الاستحقاق من حقل الاشتباك السياسي مستفيداً من «أرضية مهادَنة» في الإقليم الذي يشهد تحوّلات على مسارات عدة بعضها ثنائي الطابع وبعضها الآخر ذا بُعد جيو – سياسي عميق يُنْذِر بتبديل وجه المنطقة ووُجهة المصالح فيها وفق ما عبّر عنه الممرّ الاقتصادي العملاق للربط بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط.

ورغم محاولات الإيحاء بأن مَهمة لودريان هذه المَرة تأتي مدفوعة بـ «وقود» شركاء بلاده في «مجموعة الخمس حول لبنان» (أي الولايات المتحدة، السعودية، مصر وقطر) رَبْطاً بلقاء يُفترض أن يكون عُقد قبيل انتقاله إلى «بلاد الأرز» أمس وجَمَعه في باريس مع الوزير السعودي نزار العلولا والسفير لدى بيروت وليد بخاري، فإنّ هذا الأمرَ لا يكفي لتَوقُّع أن يحقق المبعوث الشخصي للرئيس ايمانويل ماكرون اختراقاً وشيكاً في الجدارِ السميك الذي مازال يرتفع حول قصر بعبدا.

فلودريان، الذي سيشهد «بأم العين» على الانفجار الخطير المستمرّ منذ الخميس في مخيم عين الحلوة والذي تعزّزت أمس أبعادُه التي تطلّ على وقوع الملف الفلسطيني في عين الصراع الإقليمي المتعدّد الجبهة وعلى محاولاتِ توسيع أدوات ربْطه باستراتيجية «وحدة الساحات» سواء بوجه ما يُروَّج أنه مسار تطبيعٍ متدرّج أو للمضي في تجميع الأوراق في مرحلة «تنويم الاشتباك» الإقليمي، سيكمل من حيث انتهت جولته الثانية مستعيضاً عن اللقاء الموسع الذي طرح عقده بين الأطراف اللبنانيين والذي أحبطتْه غالبية المعارضة بلقاءات مع هؤلاء كل على حدة، ليناقشهم في مضمون الأجوبة سواء التي تسلّمها أو لم يتلقاها على سؤالين كان وجّههما الى النواب حول مواصفات الرئيس وأولوياته، مستطلعاً إمكان توفير آلية عملية وفق «برمجة زمنية» محددة لفتْح البرلمان وإنجازِ الاستحقاق بالانتخاب وفق ما ينص عليه الدستور ودعت إليه «مجموعة الخمس» وذك بعد تضييق فجوة التباينات ما أمكن.

ولم يكن ممكناً أمس معرفة إذا كان لودريان، الذي يتهياً لبدء مهمة بارزة في المملكة العربية السعودية (رئيساً لوكالة التنمية الفرنسية في العلا)، يحمل معه طرحاً جديداً متكاملاً، ولا مصير وساطته بحال لم ينجح في فتْح ثغرة جدية في الحائط المسدود الرئاسي، وسط تقارير تحدّثت عن أن قطر تنتظر ما ستسفر عنه زيارة الموفد الفرنسي لاستكمال دورٍ كانت تقوم به في الكواليس، وفي ظلّ تطورٍ لافت ارتسم في الأيام الأخيرة بارتفاع أسهم قائد الجيش العماد جوزف عون كمرشّح جدي يحظى بقبول خارجي معروف وتَسقط داخلياً حواجز من أمامه، إن لم يكن لتأمين انتخابه فأقله لإعلان «لا ممانعة» لانتخابه وفق ما عبّرت عنه حركة «حزب الله» في اتجاهه والتي بقيت القراءات لها تراوح بين:

– إمكان أن تكون مناورةً أو «غطاء نارياً» لضمان انتخاب زعيم «المردة» سليمان فرنجية عبر جعْل «التيار الوطني الحر» المنخرط في حوار مع «حزب الله» يشعر «بالسخن»، هو الذي حاول بتقاطعه مع المعارضة على ترشيح جهاد أزعور «إبعاد كأس» فرنجية ويعتقد خصومه أنه باستئنافه التواصل الجدي مع الحزب تحت عنوان إسقاط «الاستحالة» عن دعم رئيس «المردة» يسعى لقطْع الطريق على قائد الجيش وتمرير الوقت لِما بعد إحالة العماد جوزف عون على التقاعد (يناير المقبل) اعتقاداً منه أن ذلك يضعه على «مقاعد الاحتياط» رئاسياً.

– أن «حزب الله» بات يقارب الملف الرئاسي وفق أولوية استراتيجية مختلفة تماماً موْصولة بمخاوف من تداعيات المجيء برئيسٍ على خط انقسام عمودي وبالنصف زائد واحد في ظلّ كلامه عن مخطط لإغراقه في مستنقع صِدامات داخلية وبعض ملامحه تُقرأ بين سطور سيناريوات لدفْع إسرائيل لحلّ النقاط البرية المتنازَع عليها على طول الخط الأزرق وحتى إمكان حضّها على الانسحاب من مزارع شبعا علّ ذلك يجعل موضوع السلاح فتيل اشتباك لبناني على حافة حرب أهلية، وذلك بالتوازي مع اقتناعٍ بأن المهادنة الإيرانية مع المملكة العربية السعودية لابد أن تلقى صدى في بيروت وتحديداً في الملف الرئاسي بحيث يمكن أيضاً «الربط الإيجابي» مع الولايات المتحدة في ما خص عناوين أخرى تهمّ طهران إقليمياً ودولياً.

وستتقاسم محادثات لودريان في بيروت المشهد مع دخان الحريق المتواصل في عين الحلوة، والذي شهد أمس مساعٍ متجددة لاحتوائه عبر وقف المواجهات الدائرة بين حركة «فتح» ومجموعات إسلامية متشددة وكان أبرزها اللقاء الذي استضافه المدير العام للأمن العام اللبناني بالإنابة اللواء الياس البيسري وضم قادة للفصائل الفلسطينية أو ممثلين عنهم وهيئة العمل الفلسطيني المشترك.