IMLebanon

“النافعة” في المجهول!

كتبت لوسي بارسخيان في “نداء الوطن”:

انتهى أمس عقد شركة Inkript مع هيئة إدارة السير. موعد النهاية حسمه قانونياً ديوان المحاسبة من خلال الرأي الاستشاري الذي أصدره مطلع شهر أيلول الجاري، حين لفت إلى أن احتساب مهلة العقد الذي يمتد لخمس سنوات، يبدأ من تاريخ الدخول في المرحلة التأهيلية وإصدار أول رخصة بيومترية، وبالتالي ينتهي في 20 أيلول الجاري. فوضع الديوان بذلك حداً لطموحات مشغلي «إنكربت» بتمديد هذه المهلة لمدة سنتين، بعدما ربط هؤلاء إحتساب مدة عقدها بمواعيد المباشرة بالعمل.

ونهاية مهلة العقد هذه أكّدها لـ»نداء الوطن» أيضاً النائب إبراهيم منيمنة عضو لجنة الأشغال التي انبثقت منها لجنة تقصي الحقائق بملف «إنكربت». اذ شرح منيمنة أنّ حق شركة «إنكربت» الإستفادة من قانون تعليق المهل الذي صدر في العام 2020 بالتزامن مع جائحة كورونا، هو موضوع بحث أيضاً على طاولة لجنة الأشغال. والقراءة الغالبة لدى أعضاء اللجنة حتى الآن بحسب منيمنة، أنه لا ينطبق على «إنكربت»، لأنّ القانون الذي يمدد مهل العقود ويعطي إعفاءات من الرسوم والضرائب، وضع لمعالجة حالات العقود التي داهمتها المواعيد خلال جائحة كورونا حصراً، وهي ليست بمفعول رجعي بالنسبة لسائر العقود التي انتهت مهلتها بعد انتهاء الجائحة. هذا في وقت كانت مصادر قانونية مواكبة للرأي الإستشاري الذي صدر عن ديوان المحاسبة قد أوضحت لـ»نداء الوطن» بأنّ هذه المهل تحتسب بين الإدارة والشركة، بما يضمن إستمرار تسيير المرفق العام إلى حين إنهاء إجراءات تلزيم عملية التشغيل لشركة أخرى.

إستمرار تسيير المرفق العام في المقابل يشكل القاسم المشترك بين أهداف القراءات الموضوعة لمستقبل «النافعة» وخدماتها بعد انتهاء عقد «إنكربت». وقد اعتبر منيمنة «أنّ هذا الأمر مرتبط بالخيارات التي تطرحها هيئة إدارة السير والمركبات، ونحن لا نزال ننتظر خطتها البديلة التي قد تتضمن الإستعانة بالقطاع الخاص، أو السعي لإستعادة كاملة للخدمة من قبلها».

كلام منيمنة في المقابل يعني أنّ إطلاق مناقصة جديدة لتلزيم خدمات تشغيل هذا المرفق لشركة أخرى، ليس خياراً مطروحاً حتى الآن، علماً أنّ هذا الأمر شكّل إحدى توصيات ديوان المحاسبة، مقابل توصيته بفتح دفاتر» إنكربت» القديمة والحديثة، وإحالة الشبهات المثارة حول الصفقة المعقودة معها إلى القضاء الجزائي.

وكان ديوان المحاسبة قد أحال الشبهات التي كوّنها حول المبالغ التي تقاضتها إنكربت، والتي بلغت حتى شهر تموز الماضي 184 مليار ليرة، إلى النيابة العامة التمييزية والنيابة العامة التابعة لديوان المحاسبة. وطلب تدقيق الخبراء في كلفة العمليات المقدمة. وذلك بعد الشكوك التي لفّت الأكلاف «المُبالغ بها» بالنسبة لهذه الخدمة. هذا مع العلم أنّ ملاحقة «إنكربت» قضائياً ليست الأولى من قبل ديوان المحاسبة، بل كان قد سبقه قرار قضائي في 19 تموز من العام 2022 ، خلص إلى تغريم رئيس وأعضاء مجلس إدارة هيئة إدارة السير، نتيجة المخالفات المرتكبة في مشروع التلزيم.

مصادر مواكبة لهذه الملفات القضائية تتحدث عن إشادات دولية وجّهت لديوان المحاسبة في ما يتعلق برأيه الاستشاري الأخير، وما تبعه من خطوات عملية لجهة إحالة الملف إلى النيابة العامة التمييزية. وبحسب هذه المصادر، فإنّ الديوان قام بواجباته في هذا الإطار، ويُفترض بالمعنيين الآخرين أن يتخدوا إجراءات عملية أيضاً. فإنتهاء عقد «إنكربت» وفقاً لهذه المصادر «لا يعفيها مما مضى»، ومن واجب النيابة العامة المباشرة بتحقيقاتها، كما أنّه من واجب هيئة إدارة السير التقدم بادعاءات قضائية مباشرة، أقلّه لمطالبة «إنكربت» بتعويضات عن تعطيلها المرفق خلال فترة إلتزامها بتشغيله.

يوافق منيمنة من جهته على ضرورة أن يتحرك القضاء الجزائي فوراً في ملاحقة هذا الملف. وهو يشير إلى كون لجنة تقصي الحقائق التي يرأسها باشرت بتحمل حصّتها من المسؤولية، علماً أنّ هذه اللجنة ستنظر وفقاً لمؤتمر صحافي عقده منيمنة مطلع الأسبوع الجاري «في دفتر الشروط الذي هو أساس المخالفات التي حصلت، وحوله علامات إستفهام كبيرة إزاء ما أمَنه من ثغرات تمكنت من خلالها شركة «إنكربت» من ابتزاز المرفق العام، أو فرضت أسعاراً للخدمة فاقت المقبول. وبالإضافة إلى النظر في العقد الموقع وعملية التلزيم التي تمت، فهي ستتقصى أيضاً حول كيفية إدارة المرفق نفسه، وكيف تم تعطيله بشكل تعسفي أضر بالمصلحة العامة».

في المقابل، وإلى أن تكشف هيئة إدارة السير خطتها البديلة «إذا وجدت»، لا يبدو أنّ عمل النافعة مرشّح لإستعادة إنتظامه، أقله في المدى المنظور. فالشركة المطالبة بتسيير عمل هذا المرفق، هي نفسها التي تلاحق قضائياً في ملفات سوء إدارته وابتزازه وتعطيله، وهي بالتالي مطالبة بتعويضات عن كل الخسائر التي ألحقتها بالخزينة العامة ومصلحة المواطنين. أما إستعادة هيئة إدارة السير لهذا المرفق فقد تحتاج أوّلاً لبناء الثقة مجدداً مع الإدارة الرسمية، والتي لا يزال عدد كبير من موظفيها ملاحقين قضائياً بملفات فساد وتقاضي رشاوى وتزوير رخص.