IMLebanon

البحر أمامهم والجيش بجهوزيته عند المعابر… النزوح الجديد: كفى!

كتبت جوانا فرحان في “المركزية”: 

في السياسة متفقون على أن ساعة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم أو إلى حيث يشاؤون دقّت . لكن حتى الآن لا إجماع على خطة استراتيجية ترسم خريطة العودة بشكل محكم وحتمي.

في الأمن لا اتفاق سياسي من الجهات المختصة ولا تجهيزات ولا خطة معدّة لضبط المعابر غير الشرعية على الحدود البرية. فقط كلام وإلقاء تبعات مسؤولية أمن المعابر الحدودية على الجيش اللبناني.

آخر “المخارج” المطروحة لاقفال وضبط الحدود الطويلة بين لبنان وسوريا ومنع دخول النازحين السوريين، تتضمن وفق ما تردد اقتراحا يقوم على سحب الجيش اللبناني من بيروت وجبل لبنان لتعزيز مراكزه الحدودية، وتسليم الأمن في هذه المناطق الى قوى الامن الداخلي.

قد يكون هذا المخرج – المقترح مطروح عن حسن نية لدق ناقوس الخطر، أو عن سوء نية للتصويب على قائد الجيش العماد جوزف عون . وفي الحالتين ليس إلا إسفيناً في هيكل المؤسسة العسكرية.

نبدأ من الواقع الجغرافي للمعابر .فالأبراج ونقاط المراقبة التابعة للجيش اللبناني والكمائن التي نصبها العناصر منذ بدء حركة النزوح الجديدة للنازحين السوريين في الأسبوعين الأخيرين من شهر آب الماضي، كشفت عن وجود 53 معبراً غير شرعي يدخل منها اللاجئون السوريون في منطقة البقاع، وأكثر منها في شمال البلاد. وعليه، فإن تكثيف عديد الجيش على مئات المعابر والنقاط “المجهولة” على طول 375 كيلومترا لاينفع. كذلك الأمر بالنسبة إلى مطالبة الجيش بوضع حواجز أمنية ثابتة عند المعابر البرية غير الشرعية، نظراً إلى الطبيعة الجغرافية المتداخلة التي تتيح للمهربين التحايل على الحواجز، وضعف الإمكانات اللوجستية والتقنية، لا سيما منها النقص بالمحروقات وتعطل آليات بسبب غياب الصيانة.

رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والأبحاث العميد المتقاعد هشام جابر يصف الإقتراح بأنه غير منطقي وصعب التنفيذ “تماما كمن يغادر منزله في العاصفة ويقف منتظرا عند المفترق”.ويضيف” الجيش اللبناني مكلف بحفظ الأمن في بيروت وجبل لبنان، وفي حال أخلى مراكزه هذا يعني حتما أن الأمن سيختل. أساساً من غير الوارد أن يتخلى الجيش عن الأماكن المولج حمايتها في كل لبنان وليس في العاصمة بيروت وجبل لبنان وحسب، وهو يقوم بالمهمات الموكلة إليه حيث هو”.

بين العديد والعتاد حلقة متكاملة. أما فرضية نقل العناصر من مراكزها إلى المعابر الحدودية فلا تقدم في الأمر حلاً “لأن العديد المتواجد في العاصمة وجبل لبنان لا يكفي لحماية حدود بطول 375 كلم .و أياً يكن العديد فهو يحتاج إلى عتاد متطور إضافة إلى 6 طائرات استطلاع مع طيار أو من دونه وثمنها لا يتعدى 5 مليون دولار”.

خلال حفل في منطقة جرود عرسال، قال قائد الجيش العماد جوزف عون أن “انتشارنا هنا على طول الحدود تتخلله صعوبات كثيرة، سواء طبيعة المنطقة الجغرافية أم نقص العديد، لكن عسكريينا يبذلون قصارى جهودهم لحمايتها ومنع عمليات التهريب والنزوح غير الشرعي…مِن هنا أدعو كل مشكك، لزيارة الحدود، والاطلاع ميدانياً على الوضع الذي ينذر بالأسوأ قريباً”.

جرس الإنذار الذي دقه عون، قابلته اقتراحات عديدة منها، زرع الألغام على الحدود مع سوريا، للحد من حركة النزوح الجديدة، ودعوة حكومة تصريف الأعمال كافة الجمعيات الإنسانية إلى التنسيق مع الوزارات والإدارات والأجهزة العسكرية والأمنية تحت طائلة سحب العلم والخبر منها، ما يعني محاولة إسكات المنظمات الحقوقية التي تدعم السوريين. إلى ذلك طلبت الحكومة من الأجهزة الأمنية والعسكرية التعاون والتنسيق في ما بينها لتوحيد الجهود وتعزيز التدابير المُتخذة لاسيما من قبل أفواج الحدود البرية في الجيش والمراكز الحدودية كافة إضافة إلى تعزيز نقاط التفتيش على المسالك التي يستخدمها المتسللون، وتنفيذ عمليات مشتركة شاملة ومُنسقة تستهدف شبكات التهريب وإحالتهم إلى القضاء المختص.

“كلها تدابير غير نافعة والقرارات التي تتخذها الحكومة “العرجاء” تساهم في إضاعة البوصلة خصوصا أن الوزراء غير متفقين في ما بينهم على خطة واستراتيجية موحدة”. أما العلاج الشافي بحسب جابر فيتطلب أولا لقاءً مباشراً وعلى مستوى عالٍ من قبل مسؤولين لبنانيين مع نظرائهم السوريين. “فمن شأن ذلك أن يحد من حركة النزوح بنسبة 25 في المئة”.

ثانياً: طرح موضوع النزوح السوري مع الإتحاد الأوروبي الذي يصر على إبقاء النازحين في لبنان أو اللجوء إلى سياسة العين بالعين والسن بالسن بحيث تستقدم الدولة بواخر ويتم وضعها في مرافئ بيروت وصور وجونية لنقل من يرغب من النازحين بالسفر إلى إحدى الدول الأوروبية. ومجرد وصولهم إلى شواطئ قبرص واليونان سيشعر المجتمع الأوروبي حتما بالخطر ويأتي إلينا مستنجدا” .

ويختم جابر”كفانا خوفا وهلعا من شبح العقوبات الدولية. فنحن في الأساس في قعر الحجيم. وكفانا مواقف مشتتة ولتتفق الأحزاب على خيار موحد من النزوح السوري .فإما أن نكون مع بقائهم أو ننطلق بالحلول الجذرية التي تبدأ بتجهيز الجيش بالعتاد المتطور، والذهاب ثانيا إلى سوريا، واستقدام البواخر لإرسال من يرغب إلى أوروبا بحرا. المسألة لم تعد تحتمل الإنتظار والمماطلة. نحن أمام خطر وجودي والإحصاءات تشير إلى أن عدد النازحين السوريين بات يوازي عدد السكان اللبنانيين. وأي اقتراح يتعلق بعديد الجيش أو سحبه من موقع إلى آخر لا يفيد، لأننا بذلك نسلم هذه المناطق إلى الخراب وبالتالي نصوب السهام على مؤسسة الجيش الوحيدة الضامنة لبقاء لبنان”.