IMLebanon

لبنان أمام خطرين… خطة وقائية وإلا أيّام سوداء!

كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:

لم يكن المشهد على أرض بلدة رميش الحدودية عاديا ليل أمس بعدما طاولتها صواريخ من داخل الأراضي الإسرائيلية. فالأهالي الذين كانوا في حال استنفار استعادوا ذكريات حرب تموز 2006 السوداء، يوم استقبلوا النازحين من البلدات والقرى الخاضعة لحزب الله والتي كانت تتعرض للقصف المدفعي والصواريخ . وكما غالبية البلدات الحدودية المحايدة التي استقبلت نازحين من قرى شيعية لم يدقق أبناء رميش بين المسالمين والمقاتلين إلى أن وقعت الكارثة مع إطلاق صواريخ من داخل بلدة رميش ليرد عليها الجيش الإسرائيلي بقصف مركز.

وتفاديا من تكرار الواقعة قرر الأهالي وضع خطة استراتيجية لحماية بلدتهم وسكانها تقوم على التأكد من النازحين اللبنانيين وعدم استقبال النازحين السوريين ومطالبة قوات اليونيفيل بحماية بلدتهم وفقا للقرار 1701 كما ناشدوا القوى الأمنية بتأمين الحماية داخل البلدة وعند تخومها وأعلنوا أنهم مستعدون لاستقبال المساعدات وليس الصواريخ.

ما حصل ويحصل في بلدة رميش وربما في قرى مسالمة متاخمة للحدود الجنوبية مع إسرائيل يجب أن يشكل خارطة طريق لكل البلدات والمناطق اللبنانية “لأننا غير مؤهلين ومجهزين في حال قرر حزب الله دخول الحرب مع إسرائيل أو إذا قررت الأخيرة أن تكف “شر” صواريخ الحزب عن سكان مستوطناتها، خصوصا أنها المرة الأولى وقد تكون الأخيرة التي تحظى فيها إسرائيل بهذا الدفق من الدعم وتعاطف الرأي العام الأميركي والأوروبي. أما بالنسبة إلى موقف الدول العربية فالمواقف الخجولة تؤكد أن حماس ستكون وحيدة وغير محصنة إلا من إيران وسوريا وأذرعهما في المنطقة”.

في العودة إلى فجر السبت الماضي وتحديداً ما حصل لجهة عملية الإنزال التي قام بها عناصر من “حماس” وتعطيل أجهزة إلكترونية وتشويش واختراق السياج عند المعابر” كل هذا يؤكد أن العملية كانت منظمة بالتنسيق مع إيران من خلال حزب الله وتم التخطيط والإعداد لها من الضاحية الجنوبية كما ورد في تقارير الصحف” يقول رئيس لجنة تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بلبنان طوني نيسي.

ويضيف” الهدف في البداية كان التوقف عند عملية الإنزال ودخول المستوطنات وأخذ الأسرى الإسرائيليين ليتم التفاوض عليهم مع إيران من خلال حماس. إلا أن حجم الأضرار والخسائر وأسر عدد كبير من الضباط وعناصر في الجيش الإسرائيلي غيّر المعادلة فتعاظم التعاطف الدولي مع إسرائيل وهذا ما كانت تنشده منذ أعوام عديدة سواء من الولايات المتحدة أو من الغرب”.

قد تكون نجحت حماس في إسقاط هيبة إسرائيل في الساعات الأولى على العملية المباغتة. إلا أن أهدافها في قطع الطريق على عملية التطبيع بين إسرائيل والسعودية بالإتفاق مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومنظمة فتح من دون الأخذ برأيها أخفقت. إلى أين يمكن أن تؤدي هذه الحرب؟

بحسب نيسي ” فإن الضربة الإسرائيلية في الأمس على أبراج مراقبة تابعة لحزب الله عند الحدود الجنوبية وسقوط قتلى في صفوفه غيّر من قواعد الإشتباك. لكن وكما هو معلوم الحزب ليس سيّد نفسه. والسؤال الذي يطرح هل تريد إسرائيل إقحام الحزب في هذه الحرب ولماذا؟ وهل تريد ان تقطع ذراع إيران في لبنان والمنطقة مستغلة التعاطف الدولي والدعم المعنوي واللوجستي من أوروبا والولايات المتحدة؟”.

“بالنسبة إلى الحزب هو ينتظر كلمة السر من خامنئي ولا يأبه للوضع الإقتصادي والإجتماعي في لبنان ولو كان كذلك لسهّل عملية انتخاب رئيس للجمهورية. ومتى وصلت كلمة السر من إيران يعلنها نصرالله حربا مفتوحة. من هنا يضيف نيسي أن لبنان أمام خطرين : ألأول أن تأتي الأوامر من إيران ليدخل الحزب في جحيم الحرب التي ستكون مدمرة وهذا وارد وله شروطه، والثاني أن تقرر إسرائيل توجيه ضربة مزدوجة تطال حزب الله لضمان إزالة كابوس الصواريخ على مستوطناتها الشمالية مستغلة موجة التعاطف الدولي”.

مقاربة هذا الواقع ليست بعيدة وهنا لا بد من السؤال عن التدابير الوقائية التي يفترض أن تتخذها الأحزاب والمجتمع المدني والمسؤولون على كافة المستويات في ظل الغياب التام للدولة.

الخطوة الأولى يجب أن تبدأ بإعلان حياد المناطق كما حصل في رميش، والتوجه نحو الأمم المتحدة من خلال القرار 1701 وفتح خطوط إمداد للمساعدات في حال تعرض مطار بيروت الدولي والمرفأ للقصف، واستحداث قنوات ديبلوماسية لإيصال الرسائل إلى الأمم المتحدة “وإلا سيدفع الشعب اللبناني الثمن غاليا وربما أضعاف ما عاناه في حرب تموز 2006 “. أما بالنسبة إلى الجيش فدوره يجب أن يتركز على حماية المناطق الآمنة التي قرر فيها الأهالي البقاء على الحياد”.

مع دخول الحرب الإسرائيلية وحماس يومها الرابع وفي ظل التكتيك العسكري الذي يشبه إلى حد كبير التكتيك الذي اتبع في حرب العراق لجهة تنظيف المستوطنات التي دخلت إليها عناصر حماس وغزارة القصف على غزة لجعلها أرضا محروقة بهدف اجتياحها، ومع الكلام عن وصول حاملة الطائرات الأميركية يبدو أن الحرب طويلة وقد تأخذ وقتا قبل أن تزيل إسرائيل حماس من الوجود في إسرائيل. فهل تضحي إيران بذراعها في عمق إسرائيل؟

“قد يفعلها خامنئي ويضحي بحماس حتى لا يخسر حزب الله الذي يمثل ذراعه الأساسي وركيزته في كل من سوريا واليمن والعراق، وقد تكتفي إسرائيل بإزالة حماس والتطبيع مع عباس برعاية عربية ودولية .عندها يمكن أن نضمن حياد لبنان وبقاء أرضه بمنأى عن هذه الحرب المدمرة. لكن هذا الأمر مرتبط بإسرائيل فهل ستقبل بإبقاء ظل صواريخ حزب الله فوق مستوطانتها”.

ثمة من يظن بأن الحرب التي أعلنتها حماس عطلت مسألة حل الدولتين والتطبيع برعاية سعودية وعربية. “الصحيح أنها سرّعت العملية” يختم نيسي.