IMLebanon

“قانا مقابل كاريش” أم “غزة مقابل كاريش”؟

كتبت مرلين وهبة في “الجمهورية”:

وسط ارتباك لبنان جيشاً وشعباً ومقاومة بالطوفان المفاجئ الذي هدّد الدولة وركائزها، تسلّل خبر توقّف «توتال» عن الحفر في البلوك 9 على مسامع اللبنانيين ليقضّ مضاجعهم، بعدما حلموا بالنفط المنقذ. الّا انّ «توتال» غاصت إلى أعماق البحر «بالصورة» معلنةً في خضم الأزمة أنّها لم تكتشف سوى الماء.

وفي السياق، استغربت مصادر متابعة من «الوعد» الذي اعاد رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل ترداده، أي معادلته الشهيرة إبّان الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية، «كاريش مقابل قانا»! معتبرةً انّ باسيل يزايد او يغالي اليوم، لأنّ ما صحّ قبل الترسيم لا يصحّ بعده، بمعنى انّه لا يمكن لباسيل معاودة التهديد بهذه المعادلة لأسباب عدة وأبرزها:

– صفقة الترسيم تمّت.

– علاقته «العالقة» مع «حزب الله»! موضحة في السياق عينه، انّ باسيل ليس الطرف «المتمكّن» من التهديد بهذه المعادلة في هذا التوقيت، بل انّ «الحزب» هو الطرف الوحيد الذي في استطاعته التهديد بهذه المعادلة، لأنّ المفتاح لم يعد في حوزة رئيس التيار بل يملكه «الحزب».

أما الغريب أمام هذا المشهد، فكان صمت «الحزب» أمام إعلان «توتال» توقف العمل بسبب عدم اكتشافها أي أثر لمادة نفطية او غاز بل فقط مياه! في وقت مشهد «استهزاء» السيد حسن نصرالله في آخر إطلالته بـ «الشامتين» والمشكّكين بوجود نفط في البلوك 9، ما زال حاضراً في أذهان اللبنانيين، وهو كان قد استفاض في ذاك الخطاب، مؤكّداً انّ كل المؤشرات ايجابية، وأبرزها توافد الشركات المهتمة بطرح عقود مع لبنان في بلوكات أخرى… في وقت يبرّر انصار «الحزب» صمته، بأنّ اولويته في المرحلة الحالية هي في مكان آخر.

من جهتها، مصادر «التيار الوطني الحر» كان لها رأي مغاير، واوضحت لـ«الجمهورية» اسباب معاودة تهديد رئيسه بمعادلة «قانا مقابل كاريش»، متغافلة عن السبب الثاني الذي يثنيه عن المبادرة والتهديد، بسبب «تعليق» علاقته بالحزب! وقالت: «التيار معني مثله مثل اي طرف لبناني باستخراج الغاز. وعندما أُعلن بنحو ملتوٍ وغير واضح بأنّهم لم يجدوا غازاً بكميات تجارية داخل البلوك الرقم 9، استشعر رئيس التيار سياسياً أنّها رسالة لأنّه سبق ان تلقّينا رسالة مشابهة في البلوك الرقم 4، الّا انّ هذه المرّة لم يخرج اي بيان مفصّل توضيحي يوضح لنا، انّ الاشغال تمّت بحسب ما كان مرسوماً لها ولم يجدوا غازاً! بل انّ في كل مرّة يتمّ الإعلان فجأة عن عدم وجود غاز عبر الاعلام وفي ظروف سياسية معينة… ولذلك استشعر رئيس التيار بحسّه السياسي انّ لهذا الكلام وفي هذا التوقيت مغزى سياسياً اكثر منه تقنياً. ولذلك عاد ليذكّر بالمعادلة التي هو شريك فيها، اي «كاريش مقابل قانا»، لأنّ ترسيم الحدود الذي شارك فيه رئيس التيار خلال عهد الرئيس ميشال عون وبالمباشر، يعلم الجميع أنّ الدفع الكبير للمفاوضات آنذاك لم يكن ليتمّ لولا تدخّل باسيل بالمباشر، واول طرف عالم بهذه الحقيقة هم الاميركيون. ولذلك، تضيف مصادر التيار، أنّ رئيسه هو اولاً شريك في إنجاز ترسيم الحدود وبالتالي استخراج النفط. مذكّرة بأنّه يومها وضع إمكانية ترسيم الحدود ضمن معادلة الاستراتيجية الدفاعية، وقال: «هنا طبّقنا الاستراتيجية الدفاعية من خلال مثل عملاني، كما تعاون الجيش والشعب والمقاومة في طرد الاصوليين التكفيريين صار هناك تعاون ما بين المقاومة والدولة اللبنانية في لحظة المفاوضات الصعبة مع اسرائيل»، ووقتها استخدمت المقاومة قوتها الجوية بتحذيرات من خلال إطلاق المسيّرات فوق كاريش، وبالتالي عادت وضبطت عملية التفاوض. وفهمت اسرائيل انّه لا يمكنها استخراج نفط من كاريش اذا بقي لبنان ممنوعاً من استخراجه من قانا، واطلق باسيل يومها هذه المعادلة على خلفية انّ الاستراتيجية الدفاعية عمل قابل للتطبيق وقد طُبّق بفضل هذا التناغم ما بين الدولة والمقاومة، ووصلنا في المفاوضات الى ترسيم الحدود».

ولذلك تبرّر مصادر التيار، انّه لا يمكن لأحد القول اليوم انّ باسيل لا يحق له التهديد بمعادلته، لأنّه شريك اساسي فيها، ولأنّ هذه الشراكة لم تسقط بالموضوع الاستراتيجي ابداً، بل انّ الخلاف وقع مع الحزب حول الاصلاح في الداخل وموضوع بناء الدولة، الفراغ الرئاسي، الإتيان برئيس حكومة من غير موافقته، السماح للحكومة بتجاوز صلاحية رئيس الجمهورية وفي موضوع اختيار الوزير سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية اللبنانية»..

ولذلك تقول تلك المصادر استطراداً: «إنّ التيار لن يشارك في أي جلسة يدعو اليها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مهما كانت الاسباب». اما بالنسبة الى الشراكة الاستراتيجية فتكرّر: «لسنا شركاء عاديين فيها بل نحن مبادرون، لأنّ المفاوضات كانت تتمّ برئاسة الرئيس عون، اي نحن المعنيين وليس احداً آخر». ولهذا يذكّر رئيس التيار اليوم الاسرائيليين بالقول، إذا كانت اسرائيل ومن ورائها الغرب يستغلون استخراج الغاز لأهداف سياسية وللضغط على لبنان لقبول التسوية الكبرى القادمة وهي توطين الفلسطينيين والسوريين… وإلاّ ليس هناك من نفط! يجيبهم اليوم «انتبهوا لأنّ هذه المعادلة ما زالت قائمة إذا لم يكن من نفط لدينا ليس هناك نفط في اسرائيل».

وفيما تراهن المصادر نفسها على انّ هناك نفطاً في البلوك 9 وايضاً في البلوك 4، فمن الجدير التوقف عند موقف «الحزب» الصامت إزاء «اعلان توتال»، والتوقف ايضاً امام صمته عموماً! فيما يفترض قريبون منه انّ موضوع استخراج النفط لم يعد اولوية اليوم بالنسبة اليه اكثر من وجوده وربما من التسوية المقبلة في حرب غزة، وقد يستعيض اليوم عن معادلة «قانا مقابل كاريش» بمعادلة «غزة مقابل كاريش» او «التسوية مقابل كاريش».