IMLebanon

خطة السلام حاصرت إطلالة نصرالله… لا تسوية على حساب لبنان!

كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:

قبل ساعات على إطلالة أمين عام حزب الله حسن نصرالله، كان الحوار على طاولة الدول يدور حول خطة السلام. مقاربة لم يتنبه لها من يعيش على أرض متحركة ووضع ينذر بالكارثة لكن ثمة من قرأ وتوقف عند الحدث وتداعياته.

الكاتب والباحث والناشط السياسي وسام يافي يشير عبر “المركزية” إلى عاملين رئيسيين تزامنا مع إطلالة نصرالله أولهما “تاريخ الإعلان عن الإطلالة وذلك قبل أسبوع”، ولم يكن من داعٍ لذلك لو لم تكن هناك أحداث مهمة تجري في تلك الأيام الفاصلة وهي المفاوضات التي تحصل في المنطقة. أما العامل الثاني وهو الأهم وقد حصل قبل يومين تحديدا من موعد الإطلالة وتمثل بالإعلان عن خطة السلام. واللافت أن الإعلان عنها صدر عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ولم يكن حتما صاحب المبادرة إنما الوسيط وناقل الخبر وقد تبّنتها إيران وحركة حماس”. ويتوقف يافي عند موقف حماس الإيجابي من مسألة التفاوض على السلام على أساس حل الدولتين “وهذه خطوة كبيرة لأنها لم تكن تعترف بإسرائيل”.

إلى هذين العاملين اللذين أثرا بشكل كبير على إطلالة نصرالله، يضيء يافي على ست نقاط ويقول” طرح خطة السلام في هذه اللحظة يعتبر خطوة استراتيجية ذكية لأنها وضعت دولة إسرائيل على المحك. فجيشها يقاتل ويتكبد خسائر بشرية، أما في الداخل فالإنقسام كبير وتظهر الإحصاءات أن نسبة المؤيدين لحكومة نتانياهو لا تتجاوز الـ 20 في المئة و80 في المئة يعارضونها، ناهيك عن الخلافات الحاصلة على ملف الأسرى، والأصوات التي تطالب بوقف الحرب. كل هذه العوامل وضعت الدولة الإسرائيلية على المحك في موازاة طرح خطة السلام”.

دوليا، يشير يافي إلى الموقف الذي أظهرته الدول من خطة السلام بحيث “أبدت استعدادها للتفاوض على السلام من موقع قوة وليس ضعف لأن إسرائيل تعاني انقسامات في الداخل. ولا تملك جوابا عن هدفها من هذه الحرب. إلى ذلك وضعت الخطة إيران في قطب السلام مع المملكة العربية السعودية التي سبق أن طرحت مبادرة السلام من بيروت عام 2002.

أما على مستوى الداخل، فالأكيد ان خطة السلام التي طرحت قبل يومين من إطلالة نصرالله خففت من منسوب القلق والخوف علما ان البعض لم يأخذها على محمل الجد وهذا خطأ لأن المجتمع الدولي يعول عليها كثيرا. ويشير يافي إلى انعكاس مفاعيل الخطة على محتوى كلام نصرالله بحيث وضعت خارطة طريق لمسار الإستراتيجية التي سيعتمدها الحزب في حرب غزة وقد أعلن ذلك بتأكيده على أن قرار إعلان الحرب الموسعة رهن بإسرائيل واعتداءاتها على لبنان. من هنا يمكن القول إن استراتيجية خطة السلام كانت ذكية جدا لأنها تضغط على إسرائيل تطمئن الداخل اللبناني المهم أن يحافظ على وحدته”.

الظهور الأول لنصرالله بعد قرابة الشهر من تنفيذ عملية طوفان الأقصى التي قامت بها حركة حماس بما واكبها من تحضيرات استباقية وحملات دعائية وبث شائعات وتهويل في اوساط اللبنانيين والخارج بالمواقف التي سيعلنها ولا سيما انخراط الحزب بالحرب الواسعة ضد اسرائيل اظهر بانه متوافق عليه من قبل الغرب وتحديدا الولايات المتحدة بحسب يافي ويوضح “انطلاقا من سياسة الجزرة والعصي ركز نصرالله على العصي في خطابه وفي الوقت نفسه على الشق الإنساني ووقف اطلاق النار من دون التطرق الى خطة السلام بشكل مباشر ربما لأنه وجد ان لا لزوم لذلك. فكان التوجه نحو مسألة وقف اطلاق النار وبضرورة التعامل بشكل انساني مع اهالي غزة كما ركز على نقطة التصعيد في حال جاءت المبادرة من قبل اسرائيل. وهذه المعادلة متفق عليها. ولو اراد الحزب ذلك لكان الوقت الأنسب لذلك خصوصا في ظل تطويق اسرائيل لحماس في قطاع غزة. لكن على العكس قدم نصرالله “النصائح” لإسرائيل وقد حصل ذلك على خلفية الإتصالات التي سبقت الإطلالة مع الإدارة الأميركية ونصحته بعدم التصعيد. علما أن محتوى الكلمة تضمن هجوما على الولايات المتحدة بسبب عدم توقف المساعدات لاسرائيل.

السؤال الذي يطرح: هل سيغير ذلك من حظوظ نجاح خطة السلام؟ “حتى اللحظة لا يمكن استشراق نتائج الخطة. قد يكون طرحها مجرد مناورة وقد تكون جدية. الوقت كفيل بإظهار ذلك. فإذا كانت مناورة تكتية فهذا يعني انها تمهد للتصعيد، الا ان الولايات المتحدة تركز في هذه المرحلة على مساندة السلام بالمال والعتاد العسكري وإن كانت تتعمد المناورة”.

“طرح خطة السلام وتبنيها بهذه السرعة من قبل ايران وحماس فاجأ المجتمع الدولي وفتح باب الحوار حولها وهذا ما يجب التركيز عليه خصوصا انها خرجت من عند ميقاتي وهذه الخطوة مدروسة بحيث كان متعمدا ان يكون إطلاقها من لبنان والغرب فهم ذلك”. ويضيف يافي “موقف ايران من تبني الخطة يعني بشكل غير مباشر أنه اذا كان لا بد من السلام وفتح حوار مع اسرائيل يعني فهي لن تبقى وحيدة خارج المعادلة ولن تكون وحدها من يدفع ثمن المقاومة بالدم وتقطفها دول أخرى. واذا كان هناك سلام فسنكون جزءا منه. وهذا هو فحوى الرسالة التي تريد إيصالها إلى السعودية”.

يبقى الأهم وهو تداعيات ذلك على لبنان .وفي السياق يشير يافي انه سيكون ايجابيا “لأن خيار السلام سيصعب الأمور في الداخل الاسرائيلي في ظل الانقسام الحاصل ورفض غالبية الشعب الحرب. وطالما ان ثمرة السلام اينعت الى حد ما فلا مجال لعدم السير بها سواء مع السعودية وايران وإلا سيكون البديل حربا شاملة تدمر المنطقة “.

وعن الخشية من أن تكون التسوية على حساب لبنان يختم يافي مؤكدا أن “لبنان لن يكون هدية ولا ورقة ضغط رابحة تمسك بها ايران من خلال حزب الله بعد الدخول في خطة السلام. فلبنان له خاصية بسبب التنوع الذي تدركه كل الدول واي سلام على حسابه يعني إدخاله في آتون حرب أهلية وبالتالي تمزيق الخطة واهتزاز عرش السلام وصانعيه”.