IMLebanon

الجنوب على حبال المناوشات… وخوف من حرب مدمّرة!

كتبت يولا هاشم في “المركزية”:

يرتفع مستوى التوتر على الحدود الجنوبية مع كل يوم يمر منذ 7 تشرين الاول، يقابله مستوى أعلى من القلق لدى اللبنانيين من الإنزلاق إلى حرب واسعة، خاصة مع الاتساع الملحوظ لرقعة العمليات العسكرية على الجبهة الجنوبية من الجانبين اللبناني والاسرائيلي على حدّ سواء. في الموازاة، تتسارع الاتصالات الخارجية لاحتواء التصعيد وعدم توسّع الحرب التي تشنها اسرائيل على قطاع غزة الى لبنان. فهل دنت لحظة الانفجار الكبير على الساحة اللبنانية؟

العميد المتقاعد يعرب صخر يؤكد لـ”المركزية” ان “ما يجري على الحدود اللبنانية يثير خشية من تطور النزاع، لكن المواجهات كانت وما تزال مضبوطة حتى الساعة. فبعد ان كان القصف الاسرائيلي على لبنان يمتد على مساحة 4 و5 كلم جنوباً، اصبح يناهز الـ20 و30 كيلومتراً، لكنه ما زال ضمن إطار المناوشات، ولم يصل إلى مستوى الحرب او المعركة. هذه مناوشات عسكرية في مواقع محصورة وضمن قواعد محددة. ترتفع وتيرتها تارة وتنخفض طورا إلا أن قواعد الاشتباك بين اسرائيل وحزب الله ما زالت حتى اليوم مضبوطة، ولكن أقل خطأ في الحسابات، اي في حال رمى حزب الله مثلاً صاروخا على حيفا او تل أبيب، هنا تتغير المعادلة، او العكس، اذا وجهت اسرائيل ضربة للضاحية الجنوبية مثلا، تتغير المعادلة أيضاً. أي خطأ في الحسابات يؤدي الى تطور الامور الى ما لا تحمد عقباه”.

ويعتبر صخر ان “اسرائيل من هذه الناحية، هي مَن يستدرج حزب الله، لأنها، بعد ان أصبحت متفرغة تقريباً من غزة التي باتت مُحيدَّةَ، تريد ان تستغل وجود هذه الاساطيل الاميركية وحشد القوات الغربية لصالحها. هذا الحشد لم يأتِ الى المتوسط للنزهة فقط، تل ابيب لديها مئة وسيلة لاستعماله. فلا بدّ من أهداف أخرى لتحقيق مبتغاها، خاصة وان هيبتها اهتزت في السياسة وعقدة التفوق والقوة التي لا تُقهَر، تمكنت حماس من ان تكسرها وتمرغ أنفها في التراب. اسرائيل تريد ان تستعيد الهيبة ونزعة التفوق عبر فتح جبهة ثانية، اين ؟ الأرجح والأكثر احتمالا هي الجبهة الشمالية مع لبنان الذي يشكل مصدر القلق الأول لاسرائيل”.

ماذا عن خسارة اسرائيل سياسياً واقتصادياً؟ هنا، يشير صخر إلى ان “اسرائيل خسرت ولم تخسر. عندما يكون جهد اي دولة مركزا على التسلح والعسكرة، فلا بدّ أن تنشل باقي القطاعات الاقتصادية والانتاجية والتجارية، لأن كل الجهد يكون منصبّاً على المعركة، ولذلك فإن خسارة اسرائيل اليومية تقدّر بمئات آلاف الدولارات وهذا أمر طبيعي. لكنها لن تخسر لأن الولايات المتحدة في 8 تشرين الثاني اي بعد يومين على بدء المعركة، دعمتها بدفعة أولى من المساعدات المالية التي بلغت 14 مليار دولار، وتبعها في اليوم التالي 8 مليارات، ومن ثم 7 مليارات في اليوم الذي تلاه، وما زالت هناك دفعات اخرى متتالية‏. كل ما تخسره اسرائيل يوميا تعوضه لها الولايات المتحدة وغيرها من الدول الاوروبية كألمانيا وفرنسا وانكلترا، وكل البلدان الغربية التي تنضم الى اميركا لدعم اسرائيل عند الازمات. هذه ليست المرة الاولى التي تحصل فيها اسرائيل على الدعم، بل ان الأمر تكرر مرات عديدة”.

ويؤكد صخر ان “اسرائيل تعاني اهتزازاً سياسياً إلى جانب الأمني والاقتصادي، إذ عندما يهتز أحد الاركان، فإن الركائز الأخرى تتأرجح معها، لأن صوت المدفع يعلو فوق كل الاصوات، ويؤدي إلى جمود وكساد وغيرهما، وبالتالي الى ضعف الموقف السياسي، والذي تُرجَم من خلال الرأي العام العالمي الذي بدأ يرى المجازر والفظائع، فنحن في عصر العولمة ووسائل الاتصال السريع، ولم يبقَ شيء خفيا، كله أصبح ظاهرا تجاه الرأي العام العالمي، وبدأت اسرائيل تخسر. حتى ان الولايات المتحدة عندما وقفت الى جانب اسرائيل في اول ايام العدوان، وعبّرت عن موقف متطرف جدا، عادت وعدّلت موقفها لأن هناك رأيا عاما يضغط”.

ويتابع: ” كل الدول المحيطة تألّبت عليها، فبعدما كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد تحدث عن مبادرة سلام مع اسرائيل،تراجع، وهذا يُعتبر خسارة سياسية كبيرة لها، حتى الممر الهندي الاقتصادي الكبير الذي كان سيمر في الامارات والخليج والسعودية والاردن وحيفا ومنها الى اليونان وكل اوروبا، توقف ايضا الحديث عنه”.

ويختم صخر: “الخسارة السياسية الأهم ان دول العالم كلها بدأت تطرح مجدداً مشروع حل الدولتين الذي حاول رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بشتى الطرق نسفه. والمؤكد ان المخارج السياسية ما بعد حرب غزة، لا بدّ وان تكون بحلّ الدولتين، الذي بات العالم أجمع يتحدث عنه كمخرج للصراع. هذا خسارة سياسية كبيرة لاسرائيل، لكن ربحها السياسي يبقى بوقوف الغرب والولايات المتحدة إلى جانبها ظالمة كانت ام مظلومة”.