IMLebanon

العراق يقرر إنهاء مهام قوات التحالف… ما تداعيات القرار؟

كتبت يولا الهاشم في “المركزية”:

أعلنت رئاسة الوزراء في العراق أن الحكومة شكلت لجنة ثنائية لتحديد ترتيبات إنهاء مهمة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في البلاد، جاء ذلك بعد يوم من ضربة أميركية استهدفت قياديا في الحشد الشعبي في العاصمة بغداد، وعلى خلفية الهجمات المتواصلة والمتصاعدة التي تواجهها القوات الأميركية في الشرق الأوسط بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس، والتي تقابلها الولايات المتحدة بضربات وإجراءات لحماية قواتها في العراق وسوريا. فما تداعيات هذه الخطوة على العراق؟

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يؤكد لـ”المركزية” أن مطالبة السوداني بخروج القوات الاميركية من العراق ليس بجديد، هو ممتعض جدا من الضربات التي تُوَجَّه من القوات الاميركية باتجاه الحشد الشعبي خاصة وان الادارة الاميركية طلبت من السوداني تزويدها بتقارير عمن يقوم بضرب هذه الصواريخ، لكنه تملص، وكانت تقول له أنه في حال لم يتعامل مع ضبط الحشود الشعبية والفصائل المتنوعة، فهي من ستقوم بضربها. والجدير بالذكر ان هذه الفصائل تمارس الاعتداءات تحت اسماء فصائل جديدة تظهر من قلب الفصائل الكبرى، وكأن الفصائل الاساسية في الحشد الشعبي لا تريد ان تتبنى العمليات باسمها خوفا من الرد الاميركي المباشر على قادتها واستهدافها كما حصل مع قاسم سليماني وغيره. وبقي السوداني يكرر بأنه لا يعلم شيئا عن هذه الفصائل، وأنها غير مرتبطة بالحشود الاخرى والتحالفات الموجودة داخل البرلمان، كنوع من هروب واضح من المواجهة التي تأتي ضمن خطة ايرانية لمحاولة الضغط على الولايات المتحدة وخاصة في هذا الوقت والاستثمار بما يحدث في غزة من اجل القول انها تريد ان تفتح باب التسويات وان تكون جزءا من الحل، وهي في هذه اللحظة تستطيع تحقيق ما تريده من خلال الضغط بهذه الفصائل. لذا، أبدت الولايات المتحدة امتعاضا شديدا من ممارسات حكومة السوداني، خاصة بعد ان طالبها بجدولة الخروج وتسليم السلطة الى العراق عندما زار واشنطن، لكن الأخيرة لم تأبه لطلبه لانها تعتبره مرفوضا والوجود الاميركي في العراق مشرعن ضمن اتفاقية.

ويشير العزي الى ان الضربات التي توجهها القوات الاميركية في العراق تحمل رسائل لحكومة السوداني بأنها تماطل وتكذب وهي جزء من هذه الاعتداءات التي تمارس ضد قواتها وبالتالي القرار والتعاطي الاميركي معها سيكون مختلفا، وبأنها ستقوم بحماية قواتها ومصالحها في العراق ما لم تقم الحكومة بذلك بدورها في استتباب الامن. لكن الأهم أن من يقف وراء السوداني، يعلم ان سحب الولايات المتحدة من العراق لن تسمح له بالسيطرة على البلاد، بل سيكون هناك فراغ واضح، وما شاهدناه ايام نوري المالكي عام 2014، خير دليل، عندما استُبيح العراق من قبل داعش وكيف كانت الحكومة العراقية عاجزة عن المواجهة واضطرت للاستعانة بالتحالف الدولي، من اجل الوصول فعليا الى ردم الهوة التي فتحها تنظيم داعش بالاستيلاء على المدن الكبرى والسيطرة وإعلان الدولة الاسلامية بين سوريا والعراق. وبالتالي كان هناك تخوف بالدرجة الاولى من الحكومة ومن ايران التي اصبحت عاجزة عن المواجهة في ظل هذا الانتقام الفعلي الذي يظهر بصورة متطرفة للوجود الايراني الذي نشأ في تلك المرحلة”.

ويتابع العزي: “لا يخفى على احد ان طلب خروج قوات التحالف هو ايراني، ومن وراءه روسي. روسيا وايران تريدان إخراج الولايات المتحدة من العراق تحت شعارات واهية، بغية السيطرة وإبدال الوجود الاميركي بآخر ايراني وروسي يستطيعان الاستفادة الفعلية من المجال الحيوي الاقتصادي العراقي السوري اللبناني وصولا الى اليمن. هذا فضاء جديد تحاول ايران تعبئته بمساعدة روسية، لكن العائق الوحيد هو الولايات المتحدة. وما نشهده اليوم من مناوشات تبدأ من البحر الأحمر وسوريا ولبنان والعراق تدخل ضمن إطار الخطة نفسها. المطلوب منها فتح الصراع والمنافسة وليس الحرب لأن طهران تعلم أن واشنطن اذا سمحت بالدخول في حرب يعني نهاية النظام الايراني نهائيا، وبالتالي الولايات المتحدة لا تريد ان تُنهي النظام الايراني، انما تريد، اولا ترتيب نفوذه وليس مشاعية النفوذ حيث يرى وجوده، وثانيا ادارة المصلحة والتنافس وفقا لمصالح واشنطن وليس لطرح شعار جديد بأن هناك عالمين وسماء واحدة وارضا واحدة ويجب ان يكون هناك قائدان، المرشد الاعلى علي خامنئي والادارة الاميركية”.

ويرى العزي ان “الادارة الاميركية بغض النظر عن تعاملها مع العراق وسوريا ولبنان، حيث شاهدنا في حرب غزة كيف أتت حاملات الطائرات والتحالف الدولي لتقف الى جانب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكنها أتت بالدرجة الاولى لحماية مصالح واشنطن وللقول لكل الاطراف ان هذه منطقة نفوذ الولايات المتحدة واي تعدٍ عليها سيكون مصيره كمصير حماس وسليماني والحرس الثوري. وبالتالي ما يحدث من ضربات تنفذها اسرائيل ضد الحرس الثوري وقيادات الجماعات الممانعة في سوريا ولبنان هي بايعاز اميركي واضح لأن اميركا لا تريد ان تنخرط ايران وميليشياتها بمعارك العراق او اليمن لأن هذا سيعطيها شعبوية اكبر، لذلك تقوم بمساعدة حلفائها في العراق والبحر الاحمر في حماية المصالح الاقتصادية الدولية”.

ويضيف: “السوداني حظي برئاسة الوزارة كجائزة ترضية واتفاق ايراني -اميركي بعد ترسيم الحدود البحرية اللبنانية، وهو يدين بالتالي بالولاء لهذه الحشود الشعبية التي أوصلته الى السلطة ومن ثم الى الاحتلال الاميركي الذي أتى به وبغيره من الزعماء العراقيين على الدبابات الاميركية ووضعهم في مناصب لا يستطيعون قيادتها. ما نراه اليوم نوع من الاختلال في الادارة بسبب العقل الميليشياوي الاقصائي الذي تمارسه هذه المجموعات تحت شعار انها تحمي العراق من التطرف المذهبي. السوداني يطرح معادلات سياسية يحاول الاستفادة منها في الوقت الجديد لتضييق الوقت على واشنطن وبذلك تحاول ايران ان تحقق عناصر جديدة تستخدمها في الصراع في المنطقة من أجل الوصول الى تسوية. كل هذه الامور لن تنجح لأن العراق تربطه مع واشنطن اتفاقية شراكة إستراتيجية من الصعب التنصل منها بسبب الوثائق الدامغة ولأن قسما كبيرا من الادارة التي تقودها اميركا موجود في الداخل العراقي أكان في الجهاز الاداري او العسكري او المكونات الموالية لها”.

ويختم العزي: “خروج الولايات المتحدة من العراق يعني تقسيم البلاد مباشرة. واظن ان ايران لن تقبل بذلك طالما أنها تستحوذ، من خلال القيادات والشخصيات، على العراق بشكل كلي. اذا المعركة مفتوحة لكن مضبوطة ضمن رفع شروط التسوية التي تحاول ايران ان تكون جزءا منها والتي تُرسَم للمنطقة. وعندما يطرح السؤال عن “ما بعد غزة” فهو ليس موجها فقط لغزة بل للمنطقة بأكملها وكيف سيكون هذا الاتفاق وهذا الوجود مبرَّرا عند العمل به لاحقاً. إذاً كلام السوداني “ليس عليه جُمرُك” كما تعودنا من كل قادة الممانعة”.