IMLebanon

رسالة أولى من الغرب إلى الحوثيين… هل وصلت؟

كتبت يولا هاشم في “المركزية”:

وجهت الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا ضربات ضد مواقع للحوثيين في اليمن ردا على هجمات انصار الله الحوثي المتكررة ضد الملاحة البحرية في البحر الاحمر منذ اندلاع معركة “طوفان الاقصى” في 7 تشرين الاول 2023.

وكان من الملاحظ أولاً، أن الغارات جرى الإعلان عنها مسبقا من خلال قرار مجلس الأمن ومن خلال الإعلام. وبهذا أعطت واشنطن ولندن الفرصة للحوثيين لنقل ما هو مهم من اسلحة وصواريخ والاستعداد لتلقي الضربات، وثانياً تأكيد اميركا وبريطانيا أن الضربة محدودة هدفها الردع وليست هجوما واسعا ضد الحوثيين. يؤشر هذا إلى أن ما جرى ليس سوى خطوة محدودة للجم تجاوز الحوثيين لبعض الخطوط الحمراء ودفعهم للعودة الى قواعد اللعبة أو الاشتباك المدروس. لكن، ماذا بعد هذه الضربة؟

العميد المتقاعد ناجي ملاعب يؤكد لـ”المركزية” ان “الولايات المتحدة سلكت الطريق بالتحذير مرة ومرتين وأكدت الخميس الماضي أنها لن تحذر مرة أخرى. في هذا الوقت استطاعت واشنطن تقديم مشروع القرار الى مجلس الامن الدولي وضَمِنت عدم استخدام الفيتو من قبل روسيا والصين، وبالتالي صدر القرار الذي اعتُبِر بمثابة ضوء أخضر للتصرف الاميركي. لكن تبرز، من جهة ،إشكالية حول التصرف الأميركي، وهذا ورد في البيان الروسي ما بعد الضربة، اعترضت فيه موسكو معتبرة ان التعامل مع الاعتداءات على السفن لا يكون بضرب مراكز في اليمن. ومن جهة أخرى، عندما تقوم الولايات المتحدة بضرب ستين هدفاً في اليمن، وكلها أهداف مدروسة بحيث تُحدِث ضرراً كبيراً، من بينها مطار الحُدَيدة ومراكز إطلاق الصواريخ في تعز، وأيضاً أماكن تخزين الصواريخ والمسيرات في حَجّة التي تشهد كذلك انتشارا كبيراً للحوثيين، إضافة إلى ضرب خمس محافظات أخرى، ولم تُستثنَ صنعاء من الضربة الاميركية، والأهم الضربة التي تلقتها صَعدَة معقل الحوثيين، وعندما تُستَخدم في هذه الضربات صواريخ التوماهوك شديدة الانفجار والتي تستطيع التعامل مع حركة الأرض حتى لا يكتشفها الرادار وتبلغ أهدافها بدقة، يعني ان الموضوع ليس سهلا. قد يكون الحوثيون خبّأوا بعض ذخائرهم وصواريخهم في الأماكن الآهلة، وهم عادة ما يقومون بذلك. وصحيح ان الولايات المتحدة والقوات الدولية في هذا التحالف تلافوا قصف أماكن آهلة، إلا أن الضربات كانت مؤذية للحوثيين حتى الساعة، واعتُبرَت كرسالة اولى، ما يعني أننا ننتظر اليوم ما سيكون الرد الحوثي. وفي حال الردّ، لن تسكت القوى الدولية، خاصة اذا ما حدثت إصابات في البوارج العسكرية او حتى في السفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر”.

ويضيف ملاعب: “قد تكتفي الولايات المتحدة بضربة على هذا المستوى لأن الادارة الاميركية الحالية ألغت تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، الذي اتُخذ في إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب. صحيح انها ما زالت تفرض عقوبات على قادة من الحوثيين لكن رفع التصنيف يعني القبول بالحوثيين كجزء من اليمن، وهذه الرسالة تلقفتها المملكة العربية السعودية وتعاملت مع هذا الواقع الاميركي الجديد، بأن ذللت الكثير من الصعوبات لتبادل أسرى وموقوفين ما بين القوى اليمنية التي تدعمها المملكة ودول الخليج والحوثيين ومن ورائهم ايران. وبالتالي هناك تبريد للجبهة في اليمن، وهذا يعني البحث عن مستقبل البلاد اكثر من قصف وانهاء الحوثيين. هنا يجب ان نتذكر ان الدفاعات الجوية الأميركية لم توقف الضربة التي شنّها الحوثيون على “أرامكو” عام 2020. يبدو ان الاميركي يلعب على التناقض في اليمن لمزيد من تهديد دول الخليج كي يلجأوا الى شراء الاسلحة الاميركية. عملية معقدة قليلا، لكن الاميركيين لم يتخلوا عن الحوثي ولن يقوموا بضربة أكثر من موجعة لوقف تماديهم في التدخل في العمليات البحرية المدنية”.

ويتابع: “لا بد من التطرق هنا الى موقف ايران كون الحوثيين جزءا من هذا المحور، خاصة وان ايران تدعي وحدة الساحات وانها عمليا ساعدت في تسليح الحوثيين وصناعة أسلحتهم وتدريبهم، وكانت تُزودهم بالاسلحة عن طريق تهريبها عبر ميناء الحديدة، وهذا يعني ان ايران فاعلة في هذا الموضوع. لذلك، ينتظر العالم ما سيكون رد الفعل الايراني، هل ستكتفي طهران فقط بإبداء استيائها والتضامن مع الحوثيين بالبيانات التي تعوّدنا عليها ووصف ما حصل بالاجرام، أم أنها ستدعمهم اكثر؟ لكن على ما يبدو، عندما اعلنت ايران منذ حوالي اسبوع ان قوى الاذرع الايرانية ذات قرار مستقل وهي مَن تتحكم بقراراتها، هو تهرّب من المسؤولية عما يفعله الحوثي او ممكن ان يفعله حزب الله او غيره من محور الممانعة. وبالتالي نفض اليد هذا والتراجع أو الهروب من المسؤولية عمل ايراني مدروس، لأن كل هذا المحور وأذرعه، لا تدعمه ايران بل هو داعم لقراراتها في المنطقة”.