IMLebanon

الرئاسة والـ1701 بين “الطُعم والصنَّارة”

كتب جان الفغالي في “نداء الوطن”:

في الأمثال اللبنانية المعبِّرة، مثل يقول: هناك نوعٌ من الأسماك ماهرٌ في أنّه «يأكل الطعم ويبصق الصنَّارة»، ويبدو أنّ بعض الرهانات السياسية اللبنانية يعمل من وحي هذا المثل، كما أنّ الديبلوماسيات الغربية ليست بعيدة عن مثل هذه الأساليب.

آخر الترويجات غير البعيدة عن مغزى المثل اللبناني، أنّ «حزب الله» يقبل بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701، في مقابل انتخاب مرشحه، رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية، رئيساً للجمهورية. الطرحُ ليس جديداً، أطلقه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ زيارته للبنان، وكان ذلك من خلال لقائه رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، وألمح إليه في اللقاء الذي جمعه مع القادة اللبنانيين في قصر الصنوبر، وحين سرَّب أحد الصحافيين الفرنسيين الذي رافقه في زيارته، مضمون هذا العرض، وبَّخه الرئيس ماكرون علناً أمام الإعلاميين، متهِماً إياه بأنه قد يتسبب في إفشال مهمته. وثابرت فرنسا على هذا العرض من خلال موفديها، إلى درجة انها استقبلت المرشح سليمان فرنجية.

بعد بدء حرب غزة ودخول «حزب الله» في اليوم الثاني، أي في الثامن من تشرين الأول الفائت، بدا كأن القرار 1701، أصبح خارج الخدمة، فالعمليات العسكرية على الحدود حتى جنوب الليطاني، لم تهدأ: إسرائيل خرقت الإتفاق عشرات المرات، وخسائر «حزب الله»، بسبب الخروقات الإسرائيلية، لامست المئة والخمسين مقاتلاً، حتى أنّ منطقة عمليات القرار 1701، بدت وكأنها منطقة عسكرية يصعب التجول فيها.

في المقابل بدا شمال إسرائيل منطقة عسكرية، نزح المستوطنون منه، وهذا النزوح يشكِّل صداعاً للقيادات في إسرائيل. من هنا فإنّ العودة إلى المطالبة بتطبيق القرار 1701، باتت ملحة بالنسبة إلى إسرائيل، وهي تضغط على الموفدين الغربيين لتطبيق القرار 1701، بما يعني إبعاد «حزب الله» إلى شمال الليطاني، لإتاحة المجال لعشرات آلاف المستوطنين للعودة إلى بيوتهم.

في اعتقاد بعض دول الغرب أنّه بالإمكان إغراء «حزب الله» من خلال إعطائه رئاسة الجمهورية «جائزة ترضية» أو ثمن قبوله بتطبيق القرار 1701. فات هذه الدول أنّ التجارب العديدة أظهرت أنّ «الحزب» يناور بالقبول للحفاظ على مكتسبات معينة، ثم يعود عن هذا القبول. أليس هذا ما حصل منذ آب 2006، تاريخ التوصل إلى القرار 1701، قبل به «حزب الله»، لكنه خرقه؟ فماذا يمنع أن يعيد الكرَّة لجهة القبول به ثم خرقه؟

إنّها لعبة «أكل الطُعم من دون أن يعلق في الصنارة»، لكن هل تنجح المناورة هذه المرة من دون ضمانات؟ وفي حال لم تنجح سيبقى ملفَّان معلقين: ملف تطبيق القرار 1701، وملف انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وسيبقى العدَّاد شغَّالاً، مع دخول الحرب المئة يوم الثانية.