IMLebanon

مصانع الكبتاغون في سوريا مرتبطة بمافيات عالمية

كتبت يولا هاشم في “المركزية”:

نشطت في الاونة الاخيرة مصانع الكبتاغون في سوريا وكثرت محاولات تصديره والمخدرات باتجاه الدول العربية عبرالاردن، بعدما اتخذ لبنان اجراءات لمنع تمريرالشاحنات عبر اراضيه وحدوده. رغم ذلك فإن المحاولات ناشطة بحماية اذرع ايران العسكرية لاسباب مالية بعدما تبين ان هذه الاذرع تشكو العوز المالي. لقد نفذت الاردن في سوريا اكثر من غارة استهدفت مصانع ومعامل الكبتاغون والمستودعات وعززت السلطات الاردنية قواتها على الحدود السورية لمنع التهريب وضبط المخالفات ومنع المهربين من استخدام الاردن لعمليات التهريب. فمن يحميها ويمولّها؟

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يؤكد لـ”المركزية ان “سوريا أصبحت عاصمة المخدرات وتشكل تأثيرا كبيرا على دول الجوار، لأنها مرتبطة ومحمية، اولا من النظام الايراني الموجود في سوريا ويهدف الى بسط نفوذه، وثانياً بالغطاء الاسرائيلي الذي يؤمن حماية المنطقة الجنوبية، وثالثاً من المافيات العالمية التي ترى في سوريا مركزا جديدا لتصدير وتجارة المخدرات. ورأت سوريا ان تجارة المخدرات، في ظل قانون قيصر، باتت المصدر الاساسي والوحيد للنظام”.

ويشير العزي الى ان تجارة المخدرات تقسم الى ثلاثة، الاول منطقة القصَير والقلمون وهي مرتبطة بالميليشيات من اذرع ايران، والثاني الوسط السوري ومرتبطة ايضا بالنظام السوري والميليشيات والأذرع الايرانية، والثالثة منطقة الجنوب وتحديدا مرتبطة بالفرقة الرابعة التي تُدار من الحرس الثوري. وباتت مصانع الكبتاغون منتشرة في كل منزل وحي. إلا ان هذه الصناعة تحتاج الى المادة الخام، التي تصل الى النظام عبر المافيات العالمية التي تُهرِّبها إلى سوريا عبر طرق مختلفة، لأنها غير متوفرة في سوريا او في الدول المنفتحة عليها كالعراق او ايران، وهذه يتم حجزها عبر معامل كيميائية تُستخدم أساساً في صناعة الدواء. لكن في ظل قانون قيصر والحصار المفروض على سوريا، يُمنَع استيرادها من الخارج، خاصة وانها تُدفَع بالعملات الصعبة. لذلك، ربطت المافيا النظام السوري بتجارتها العالمية للمخدرات”.

وينوّه العزي بدور “الأجهزة الأمنية اللبنانية التي قامت بعمليات نوعية في هذا المجال وصادرت ملايين حبوب الكبتاغون، وأحبطت عمليات تهريب، كانت تسلك طرق ملتوية عبر اليونان او تركيا او مصر او الدول الافريقية للعودة الى الخليج العربي.

وبالتالي شهدنا تصرفاً واضحاً من قبل هذه المافيات المحمية في لبنان لضرب الاسواق الخليجية وتحديدا السعودية في عملية ممنهجة عدائية لما تُعبّر عنه المملكة من موقف واضح ضد سياسة الممانعين. هذه العمليات ليست فردية بل منظمة تقوم بها مؤسسات وشركات مسجلة في لبنان عبر اسماء مرتبطة بدول اكان في سوريا او العراق او ايران ويتم تمرير هذه المواد عبرها، كشحنة الرمان المحشوة بالكبتاغون مثلاً التي جاءت من سوريا الى لبنان ومنها الى السعودية. لكن رغم جهود القوى الأمنية، لم نعرف من هي الجهة الحقيقية خلف هذه العمليات بل وصلنا اسم الموقوف فقط، وهو من بلدة الطفيل اللبنانية –السورية، هذه المنطقة التي حاولوا استخدامها لزراعة الحشيش وتصدير الكبتاغون. كما نعرف أن أحد كبار تجار المخدرات المطلوب من القضاء اللبناني أصبح في سوريا تحت حماية الفرقة الرابعة، شرط تأمين الاموال لها. وبالتالي هناك حمايات لهؤلاء مرتبطة بمافيات التهريب والتصنيع”.

ويضيف: “نذكر هنا بالانفتاح العربي على بشار الاسد في آذار الماضي، وبأن العرب سيقدمون خطوتين مقابل كل خطوة يقدمها النظام السوري، لأن همهم الاساسي تفكيك شبكات المخدرات التي تهدد الدول العربية بدءا بالاردن وصولا حتى الخليج ومنها الى تركيا باتجاه اوروبا. ومنذ فترة تم ضبط شحنة معدة للتهريب الى اليونان من اكبر الشحنات بقيمة مليار دولار اميركي من الكبتاغون. لبنان يستطيع توقيف عمليات التهريب نتيجة المعلومات المخابراتية لكنه لا يستطيع تفكيك هذه الشبكات نتيجة حمايتها وارتباطها بمعنيين وبمحور كامل”.

ويضيف: “بشار الاسد الذي وقّع الاتفاق مع العرب ذهب الى الرياض ليساوم العرب بأن مصدره من الكبتاغون سنويا 7 مليار دولار، فعليهم ان يقدموا له هذه الاموال مقابل تفكيك الشبكات، وبهذا يكون قد أدان نفسه بأنه أصبح “نظام الكبتاغون”. وبسبب تفكك الدولة السورية، اصبحت تجارة المخدرات مصدرا مهما للميليشيات لكسب الأموال، ولذلك أصبحت كل كتيبة تملك قناة خاصة لتصنيع وتجارة الكبتاغون عبر المافيات”.

أما موضوع الاردن، فيقول العزي: “هناك على ما يبدو، توجه سياسي في قلب عمليات التهريب، ومحاولة للضغط على الأردن لإسقاطها والتغلغل إليها وإدخالها في حرب داخلية، تكون بين الدولة ومهربي المخدرات، هدفها إسقاط الدولة بواسطة عصابات الحرس الثوري والفرقة الرابعة التي تقوم بتهريب المخدرات عبر الاردن. يوميا نشهد اشتباكات ما بين المهربين وحرس الحدود ويتم إسقاط مسيرات تقوم هذه المجموعات بإطلاقها على الاردن محملة بالمخدرات، لكنهم يبررون عملهم انهم يهربون السلاح الى الضفة الغربية عبر الاردن. وهذا غير صحيح. والدليل الحشد الشعبي الذي أتى في 7 تشرين للوقوف على الحدود الاردنية لمحاربة اسرائيل، الهدف منه فتح إشكال جديد وقلب الاوراق الموجودة في المنطقة لمصلحة الفوضى. فلو أرادوا ان يحتشدوا ليقاتلوا اسرائيل، اذ ان الطريق مفتوحة من جنوب لبنان او جنوب سوريا التي يسيطرون عليها. وهنا تجدر الاشارة الى ان الولايات المتحدة الاميركية عندما وافقت مع روسيا واسرائيل على تفتيت المعارضة في الجنوب السوري، كان الشرط الاساسي، وهذا خطأ وقع فيه الاميركيون ولم يستطيعوا ردعه، بأن تفكك روسيا شبكات الممانعات وتمنع حزب الله من الدخول الى الجنوب. وفعليا قامت روسيا بذلك، لكن بعد أسبوع عاد الحرس الثوري والميليشيات الى الجنوب بلباس الجيش السوري وتحديدا تحت رعاية الفرقة الرابعة الشريك الاساسي في عملية التهريب للكبتاغون.

ويضيف: من هنا أدرك الاميركيون ان الروس لم يستطيعوا فعليا ابعاد ايران وميليشياتها لانها الاقوى على الارض ولم يلتزموا بالاتفاق الذي كان ينص على إبعادهم نحو 40 الى 60 كلم عن الحدود الاسرائيلية – الاردنية، وعادوا ليمارسوا هذه التجارة بالقوة.

ويرى العزي “ان السويداء في الجنوب السوري، انتفضت ضد تهريب المخدرات ووجود الحرس الثوري، وهذا يؤكد انها منطقة مفتوحة، ومنطقة عبور تؤثر بالدرجة الاولى على الاردن الذي يقوم بعمليات عسكرية لقمعها. وهناك معلومات تقول بأن النظام السوري يعطي معلومات غير صحيحة للاردن كي يقوم جيشها بتنفيذ ضربات، تتعرض في بعض الأحيان للمدنيين، وذلك بهدف خلق نوع من التوتر بين الاردنيين وسكان الجنوب السوري الذين يرون ان كبح الجريمة المنظمة لا يمكن الا من البوابة الجنوبية وبدعم عربي خاصة من قبل الجيش الاردني”.

ويتابع: “تبقى نقطة الخروج عبر تركيا نحو البحر الاحمر، اذ يستغل النظام السوري مناطق اللاذقية وطرطوس حيث التواجد الروسي لتنفيذ عمليات تهريب الكبتاغون. اما العراق فهو مستباح من قبل الميليشيات التي تستخدمه للعبور إلى مناطق اكان عبر الاردن او كردستان للخروج نحو تركيا والخليج العربي.

ويختم العزي مؤكداً ان “هذه المشكلة لن تنتهي حاليا خاصة وان تهريب الكبتاغون يؤمن موارد كبيرة للنظام السوري. لكن الاردن أكد انه يستطيع حماية بلاده من دخول المهربين ومن محاولة زعزعة أمنه، ووجه رسالة للنظام السوري بأنه هو من ساهم في عودته الى الحضن العربي من أجل حل مشكلة الكبتاغون، لكنه مستعد لتنفيذ ضربات مكثفة وأهداف محددة لحماية أمنه في حال لم يقمع النظام السوري عمليات التهريب”.