IMLebanon

هل تنسحب واشنطن من بغداد قريباً؟

كتبت يولا الهاشم في “المركزية”:

دعوات متكررة برزت اخيراً لإنهاء الوجود الاميركي في العراق، ردا على شن الولايات المتحدة غارات جوية داخل البلاد استهدفت قيادات ومسلحين مدعومين من إيران كانوا يهاجمون الأفراد الأميركيين الموجودين هناك، وآخرها استهداف القيادي في “كتائب حزب الله” العراقي أبو باقر الساعدي، الذي تتهمه واشنطن بالتورط في التخطيط لهجمات استهدفت قواتها في الشرق الأوسط.

تأتي هذه الضربة بعد أسبوع على سلسلة غارات أميركية، وعقب تعهد واشنطن باستهداف فصائل مسلحة مرتبطة بإيران هاجمت في 28 كانون الثاني مواقعها حيث قتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن على الحدود مع سوريا.

وكان كل من الولايات المتحدة والعراق اتفقا في آب الماضي، على بدء محادثات بشأن إنهاء مهمة التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق وكيفية استبداله بعلاقات ثنائية، وتشكيل لجنة عسكرية عليا للبحث في الأمر. وفي 10 كانون الثاني، أعلن مكتب رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أنه سيبدأ قريبا عملية “إنهاء وجود قوات التحالف الدولي في العراق بشكل دائم”.

اوساط عراقية مسؤولة تشير إلى أن مهمة التحالف الدولي انتهت مع انتهاء داعش في العراق، وان عام 2014 يختلف عن اليوم، خاصة وان التحالف حقق عام 2017 الهدف والغاية من وجوده. وتؤكد ان بغداد اتفقت مع الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب على انسحاب القوات الاميركية والابقاء على عدد من المستشارين. إلا أنها باتت مستقرة ومستقلة ولم يعد بحاجة حتى الى مستشارين أو إلى جيوش احتلال، لكنها في المقابل مستعد لإقامة علاقات مع دول التحالف إنما خارج العراق. فهل واشنطن مستعدة للانسحاب قريباً منه؟

مصادر مطلعة على الوضع العراقي تؤكد لـ”المركزية” ان “لا انسحاب للقوات الأميركية من العراق حاليا ولا حديث عن انسحابات، خاصة مع بدء واشنطن مرحلة تصفية قادة الميليشيات، وبالتالي بات العراق بالنسبة للاميركيين بمثابة هدف للضربات وصيد ثمين. وكما وعد الرئيس الاميركي جو بايدن، فإن الرد سيكون بشكل مستمر، وما رأيناه الأسبوع الماضي في العراق من اصطياد قياديين من عناصر حزب الله يدل على ان استهداف الصف الثاني من القيادات لن يتوقف”.

وتشير المصادر إلى ان الدور الفعلي للولايات المتحدة في هذه المرحلة هو التعامل مع النقاط الحامية، والهم الذي يشغل بال بايدن ينقسم إلى نقطتين اساسيتين، الاولى كيفية انهاء حرب غزة والضغط على اسرائيل والاعتراف بالدولة الفلسطينية وثانياً تحجيم وضرب قدرات الحوثيين في البحر الاحمر. وستكون هاتان النقطتان معززتين للاستراتيجية التي ستتبعها الولايات المتحدة في عملية الانسحاب او جدولة الانسحاب من العراق. لكن مبدئيا لا جدولة ولا انسحاب، والعراق غير جاهز. كما ان الاميركيين لن يتركوا الساحة للايرانيين لملء هذا المكان ولتعتبر ايران انها سجلت انتصاراً عليهم. لذلك سيكون هذا الانسحاب ممنهجا وليس وشيكاً. قد تستغرق العملية عدة أشهر وحتى بضع سنوات، خاصة وان الولايات المتحدة تفضل جدولا زمنيا يعتمد على الظروف في العراق، بما في ذلك الهزيمة المستمرة لتنظيم داعش واستقرار الحكومة وقوات الأمن العراقية.

وتلفت المصادر الى ان كل النقاشات التي تدور حول العراق تجمدت على حساب ردود الفعل التي تحصل من قبل الاميركيين. وان واشنطن لن تدخل اليوم في إنهاء الوجود الاميركي في العراق خاصة مع الادارة الحالية المقبلة على انتخابات رئاسية قريباً. ربما الادارة القادمة ستبحث بهذا المصير، بغض النظر عمن سيفوز، وتحدد قواعد الانسحاب او البقاء، اما هذه الادارة التي تسمى “إدارة عرجاء” فلن تستطيع ولن تدخل في عملية المساومة.

المنطقة مقبلة على تسوية كبرى، ويجري التحضير لاتفاق معين، وبما ان واشنطن لديها مصلحة مع طهران، فإن الأخيرة ستحصل على مكتسبات او مصالح او نفوذ، لكن ان يسلموها العراق او لبنان فهذا غير ممكن لأن للاميركيين مصالحهم ايضا في المنطقة، تختم المصادر.