IMLebanon

عبداللهيان أوضح واستوضح: التسوية متقدّمة على الحرب

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”: 

لا تطمينات ولا اتفاق قريباً. تتعدد السيناريوات على خلفية تدهور الوضع في غزة ومدينة رفح، وكلها لا تشي بأنّ حلاً وشيكاً في طريقه إلى الإعلان. على عكس الأسبوع الفائت يوم بدأ الحديث يتقدم عن إطار حل لوقف إطلاق النار. لكن أهل الحل والربط يتطلعون إلى التسوية وهذا ما أبلغه وزير خارجية ايران حسين عبداللهيان للمسؤولين وقد حمل في جعبته حقيقة ما توصلت اليه المفاوضات وتفاصيل العروض المقدمة لوقف إطلاق النار.

‎الإصرار الإسرائيلي على اجتياح رفح ليكون مصيرها مشابهاً لغزة يمكن أن يجر المنطقة إلى مواجهة شاملة، وبالتالي تهجير الفلسطينيين الذين سبق أن هجروا من غزة، وإبعادهم إلى سيناء «أو إلى أماكن أخرى» في الأردن، ما يعني بداية النهاية للقضية الفلسطينية. في السيناريو الذي تسعى اليه إسرائيل، السيطرة على رفح، ثم غزة وطرد الفلسطينيين باستثناء قلة قليلة تبقى تحت سيطرتها. بعدها تنقل حربها إلى جنوب لبنان ضمن عملية عسكرية سريعة تنفّذها بعد أن تكون تمكنت من ضبط حدودها الشمالية وعزّزتها بوجود أكثر من لواء من الجيش الإسرائيلي. يبحث رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتياهو عن مخرج لأزمته لا يجده الا بتحقيق هدف عسكري من غزة إلى جنوب لبنان. ومثل هذا السيناريو يقابل باستعدادات قصوى من قبل «حزب الله «الذي لا يزال يلتزم قول أمينه العام السيد حسن نصرالله عدم السماح بسقوط «حماس». واذا أكملت إسرائيل تنفيذ مخططها بالقضاء على «حماس» فإنّ الخطر سيتضاعف وسيجبر محور المقاومة على الدخول في الحرب الواسعة.

‎في توصيف المعنيين فإنّ الوضع بالغ الخطورة حيث لا حرب شاملة، ولا تسوية نضجت. ربما تكون موازين التسوية متقدمة على احتمالات الحرب، ولكن معالمها لم تتوضح وما زالت الأطراف تسعى إلى تحسين شروطها في الميدان.

‎خلال زيارته المنطقة حمل وزير خارجية ايران حسين عبداللهيان ملخصاً عن صيغ الحل المطروحة مع الأميركيين بوساطة عُمانية، وحصيلة ما أبلغته «حماس» عن اجتماعات فرنسا ومصر في شأن اتفاق الإطار لوقف إطلاق النار. قبل مدة قصيرة تلقت إيران عرضاً أميركياً بتسوية شاملة من غزة إلى لبنان فسوريا والعراق فاليمن، أساسها حل الدولتين، فكان الشرط وقف الحرب في غزة كمقدمة للحديث عن الأمور الأخرى، وأنّ ايران لا تفاوض نيابة عن حلفائها، بل تنسّق معهم وتترك لهم تقدير الموقف واتخاذ القرار المناسب. بالموازاة عرضت الاحتمالات في حال أصرّت الحكومة الإسرائيلية على دخول مدينة رفح بذريعة إطلاق الأسرى، خاصة أنّ الولايات المتحدة منحتها الغطاء لذلك بإشتراط رئيسها جو بايدن أن يتم دخولها بناء على تخطيط مسبق. إذا هاجمت اسرائيل رفح وحققت أهدافها العسكرية، يعني أنّ المحور أمام مأزق عصيب، لأن سقوط رفح يعني سقوط غزة والانتقال بعدها إلى محاور أخرى أولها لبنان حيث السيناريو الكارثي بشن إسرائيل سلسلة غارات متتالية على لبنان من دون أن تتقدم قواتها إلى الداخل اللبناني.

‎لكن سيناريو كهذا يقابله آخر من قبل محور المقاومة يقول إنّ ما يفعله نتياهو سيقود إلى حرب شاملة لحماية مستقبله، ولذا فالتعامل مع الواقع سيكون في غاية الحذر، لكن إذا كانت توسعة الحرب مفروضة فإنّ اسرائيل ستُفاجأ بمستوى الحرب العسكرية التي ستشن عليها ونوعية السلاح المستخدم.

‎هو الشهر الأصعب منذ بداية عملية الطوفان، فإمّا أن تكون هناك تسوية كبرى أو حرب شاملة. أوراق اللعبة في أيدٍ مختلفة، ولكل غايته وأهدافه. المؤكد أنّ كل الأطراف باستثناء نتنياهو تريد التوصل الى وقف إطلاق النار، وليس مستبعداً الضغط على «حماس» لقبول الاتفاق مقابل ضمانات دولية وإقليمية ورفض المطلب الإسرائيلي بتحويلها إلى حزب سياسي.

«حماس» التي نفّذت عملية «طوفان الأقصى» من دون العودة إلى حلفائها تلقت جواباً حاسماً من قبلهم حيال المفاوضات بالموافقة على ما تراه مناسباً. سيمنع المحور سقوط «حماس»، ولكنه يترك لها حرية القرار في شأن بنود أي اتفاق تتوصل اليه مع إسرائيل برعاية مصرية وقطرية ومشاركة مباشرة من أميركا وفرنسا.

‎الصورة ستتوضح أكثر في اللقاء المرتقب عقده اليوم في القاهرة استكمالاً للمفاوضات التي ستخرج بصيغة اتفاق مرن أكثر من تلك التي نوقشت في البداية لحاجة الكل إلى التسوية بمن فيهم الولايات المتحدة التي تستعد لدخول انتخاباتها مع وجود نتنياهو الذي يصعّب عليها الموقف، ومصر التي ستضاعف هجرة الفلسطينيين إليها أعباءها الاقتصادية كما الاردن، أما إيران فهي لم توقف مفاوضاتها مع الأميركيين بعد، وهذا بحد ذاته المؤشر إلى رغبتها في التوصل إلى تسوية سيكون لبنان جزءاً أساسياً فيها بعد غزة.