IMLebanon

دقّ ناقوس الخطر: السياسيّون يقوّضون عمل القضاء!

كتب يوسف دياب في “الشرق الأوسط”:

دقّ رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبّود، ناقوس الخطر حيال تدخّل السياسيين «الذي يقوّض عمل القضاء»، معتبراً أن «السلطات والمرجعيات السياسية لا ترغب في وجود سلطة قضائية مستقلّة، لأن كلّاً منها يريد قضاءً على قياسه وقياس مصالحه، وهي نجحت في إيصال القضاء إلى الوضع الراهن»، وأكد أن «السلطة القضائية المستقلّة هي أساس دولة القانون، وهي السبيل الوحيد لبلوغ التغيير المطلوب».

وأشار القاضي عبّود في كلمة ألقاها في افتتاح «منتدى العدالة» الذي نظّمته وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى، إلى أن «استقلالية القضاء بحاجة إلى تشريعات ترعاها وتنظّمها، ولا بدّ من إقرار قانون استقلال القضاء الذي تتقاذفه الحكومة والمجلس النيابي، مما يعني أنه لا رغبة في إقراره».

وسأل القاضي عبّود: «لماذا الوضع القضائي على ما هو عليه؟ الجواب واضح، وهو عدم إقرار التشكيلات القضائية الشاملة (التي رفض توقيعها الرئيس السابق ميشال عون) والجزئية من السلطات المختصّة».

وقال: «لا قضاء مستقلاً وفاعلاً من دون تحسين وضع القضاة مادياً ومعنوياً، والاهتمام بوضع المساعدين القضائيين»، مضيفاً: «لقد أثبتت التجربة أن السلطات والمرجعيات السياسية لا ترغب على العموم في وجود سلطة قضائية مستقلّة، وأن كلاً منها يريد قضاءً على قياسه وقياس مصالحه، وقد نجحت هذه المرجعيات في إيصال القضاء إلى وضعه الحالي الذي نُسأل عنه اليوم»، معتبراً أن «النهوض بالقضاء واستعادة دوره لا يتحقق إلّا بتعاون حقيقي بين السلطات الدستورية، بالتعاون مع المجتمع المدني، ومساعدة الدول الصديقة للبنان».

تحصين القضاة
وتناول «منتدى العدالة» أيضاً مشكلة أزمة القضاء الإداري، الذي مثّله في المنتدى رئيس مجلس شورى الدولة القاضي فادي إلياس، الذي رأى أن «استقلالية السلطة القضائية تشكّل أهم ركائز قيام دولة القانون، وتكريس مبدأ الفصل بين السلطات الدستورية». وقال: «لا حريّة في لبنان للأفراد والمجتمع إلّا بسلطة قضائية مستقلّة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، كما أن هذه الاستقلالية لا تتحقق من دون توفير حياة كريمة للقاضي وعائلته». ودعا إلى «إقرار قوانين تحصّن القاضي من التدخلات وتضعه أيضاً تحت المحاسبة في حال الإخلال بواجباته»، وطالب بإقرار قانون «يَحول دون تولّي القاضي أي منصب سياسي خلال وجوده في القضاء».

وبدت لافتة المشاركة الدولية في المنتدى، إذ رأى الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة في لبنان محمد صالح، أن «الشعب اللبناني يواجه تحديات غير مسبوقة، ويحتاج اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى سلطة قضائية مستقلّة، من هنا تأتي أهمية دعم الأمم المتحدة للقضاء اللبناني». وقال صالح إن البرنامج سيقوم، إلى جانب الاتحاد الأوروبي وحكومة سويسرا، بـ«تأمين الدعم الكافي لإصلاح نظام العدالة في لبنان».

من جهتها، عبّرت سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان، ساندرا دو وال، عن «اهتمام الاتحاد بترسيخ سيادة القانون رغم الظروف الصعبة التي تواجه القضاء في لبنان»، وأكدت في كلمة ألقتها بالمنتدى، على «ضرورة تفعيل القضاء لاستعادة ثقة الناس به». وتابعت: «نحن مستعدون للقيام بمزيد من الدعم إذا شرعت الدولة اللبنانية في عملية إصلاح كاملة، لا سيما إقرار قوانين استقلال القضاء والبدء بإصلاحات بنيوية بكلّ شجاعة».

«الأوادم» و«الزعران»
ورأى رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية، النائب جورج عدوان، أن استقلالية القضاء ليست موضع نزاع بين أهل السياسة والقضاء، وأنْ لا حرب سياسية في وجه استقلال القضاء. ولفت إلى أن «المعركة الحقيقية قائمة بين السياسيين الأوادم والسياسيين الزعران، كما أنها معركة بين القضاة الأوادم والقضاة الزعران». ورأى عدوان أن «السبب الأساسي فيما وصلت إليه الأوضاع هو تفكك الدولة وتحللها، بدءاً من الفراغ في رئاسة الجمهورية، وغياب الحكومة الدستورية، والشغور في مراكز حساسة حتى داخل القضاء».

واختتم المنتدى بكلمة لوزير العدل في حكومة تصريف الأعمال، هنري الخوري، الذي قال إن «العدالة تقوم على تشريعات تعززها وتساعدها على تحقيق غاياتها»، معتبراً أن «أهمية المنتدى تكمن في أنه يلاقي القضاء في توقه الدائم إلى التطور». وقال إن «وزارة العدل لم تتأخر يوماً عن إطلاق المبادرات والتعاون مع مؤسسات لبنانية ودولية للدفع نحو قيام إصلاحات في العدالة تشكّل أسس بناء دولة القانون».