IMLebanon

صيانة الطرقات: سيروا فعين الدولة لا ترعاكم!

تحقيق مارلي دكّاش:

طرقات لبنان، مسألة حياة أو موت خاصّةً مع حالة النوم السريري التي يعيشها الأوصياء على صيانتها. ففي لبنان تعتبر صيانة الطرقات تحدّيًا مستمرًّا نظرًا للعوامل الجغرافية والإقتصادية التي تؤثر عليها. ومن جهة أخرى، تتدهور أحوال الطرقات نتيجة نقص التمويل وغياب الصيانة وضعف الإدارة.

أمّا بحسب مركز المعلوماتية القانونية التابع للجامعة اللبنانية، فينشأ لدى كل مديرية اقليمية وتحت اشراف فرع صيانة الطرق مراكز ثابتة في كل قضاء يرأسها مدرب قضاء، يعاونه مراقب طرق وفرق صيانة متجولة يحدد عددها بحسب الأقضية ومساحتها، ولكن في بلد تغيب فيه المحاسبة، كيف للمعنيين التّحرّك وإتمام عملهم؟

وزير الأشغال العامّة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية، برّر مرارًا وتكرارًا أنّ “صيانة الطرقات في لبنان تأثرت كثيراً خلال السنوات الاخيرة بفعل الأزمة المالية التي عصفت به”، قائلًا في خلال اجتماعه مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني بالسلامة على الطرق جان تود في جينيف سابقًا، إنّ “سلامة الارواح على الطرقات ليست مسؤولية وزارة بعينها، إنما هي مسؤولية الحكومة والدولة بشكل عام”.

أمّا السؤال فيبقى واحدًا، حتّى متى سيظلّ المواطن ضحيّة إهمال السلطة والوعود والتبريرات الفارغة في حين يتقاذف المعنيون المسؤوليّات؟

عضو لجنة الأشغال والطاقة والمياه النيابية النّائب فادي كرم، وفي حديث عبر موقع “IMLebanon”، رأى أنّ الحلّ الأمثل لمعالجة الملفّات كافّة وخاصّة الطرقات يكمن في اللامركزية الإدارية من حيث تستوفي كل منطقة ضرائبها وتقوم بالصيانة اللازمة، لافتًا إلى أن بهذه التركيبة للبلد لا يمكن إنصاف المناطق كافّة.

واعتبر كرم أنّ هناك تقصيرًا ماليًا، بما أن المبالغ المرصودة لصيانة الطرقات قليلة جدًّا، مشيرًا إلى أن القرض الأخير الذي قدّمه صندوق النقد الدولي استخدم في مناطق عدة والآن بانتظار القرض الثاني بقيمة 150 مليون دولار.

وأكّد كرم أن كلّ طرف يحاول أن يرصد الكمية الأكبر من المبالغ لصالح منطقته وسط تناتش على القلّة بما أن القيمة قليلة جدًّا ولا تكفي لصيانة جميع الطرقات.

وتطرّق كرم إلى موضوع تأمين الزفت في لبنان، قائلًا إنّ الطّرقات متهالكة في كافة المناطق وكلّ نائب يحاول تأمين الكمية الأكبر لمنطقته.

وأشار كرم إلى أن الصيانة تقوم اليوم على مبادرات شخصيّة، مشدّدًا على أن المطلوب من وزارة الأشغال ان تؤمّن الزفت للأوتوسترادات الدولية وتأمين الصيانة من دون قانون من مجلس النواب.

إلى ذلك، تعاني طرقات لبنان من نقص الحماية اللازمة ولا يتمّ التعامل مع السلامة المرورية كأولويّة، لناحية غياب الحواجز والرادارات لمراقبة السرعة وحظر استخدام الجوّال أثناء القيادة.

رئيس جمعية “اليازا” الدكتور زياد عقل، شدّد في حديث عبر موقع “IMLebanon” على أنّ وضع الطرقات في لبنان مأساويّ وكارثيّ، مشيرًا إلى أنه في ظلّ الوضع الإقتصادي المتردّي في البلد انخفضت القدرة الشرائيّة لدى المواطن من حيث المعاينة الميكانيكية الإلزاميّة والذاتية من حيث الصيانة للإطارات والمكابح والإنارة وغيرها، وهذه العوامل تساهم في مضاعفة الخطر على الطرقات.

وتخوّف عقل من ازدياد عدد القتلى والجرحى عام 2024 نتيجة حوادث السير.

وفي هذا السياق، لفت عقل إلى عامي 2021 و2022 حيث انخفضت نسبة القتلى والجرحى جراء الحوادث بسبب الحجر الصحي وأزمة المحروقات، معلنًا ارتفاعها بنسبة 20% عام 2023.

وأضاف أنّ “اليازا” أنذرت من ازدياد عدد الحوادث عام 2024، مطالبًا الدولة والمواطنين بتحمّل مسؤولية السلامة المرورية بجدّيّة.

وتطرّق عقل إلى “فضيحة” كبرى تطال هذا القطاع، قائلًا: “فحوصات دفاتر السوق متوقّفة من سنة و3 أشهر والمعاينة الميكانيكية مقفلة منذ عامين والبلد مشلول”.

وتابع: “وزارة الداخلية تحمل دورًا كبيرًا في مجال السلامة المرورية من ناحية تطبيق قانون السير وتشغيل هيئة إدارة السير، وإجراء امتحانات السوق”، معتبرًا أن هذا الأمر مرفوض وخاطئ ويتطلّب جدية من قبل وزارة الداخلية.

ومن ناحية وزارة الأشغال، رأى عقل أنّ هذه الوزارة تحمل مسؤولية كبيرة تجاه حال الطرق، كاشفًا عن أنّ هناك قرض من البنك الدولي بقيمة 200 مليون دولار الحكومة مسؤولة عن صرفها خارج مبدأ الأولويّات حيث غطّت من خلالها صيانة طرقات محددة وهملت الطرقات الأساسية والدولية.

واعتبر عقل أن الأموال انصرفت خارج الأوليّات وبتجاذبات ومحاصصات لا تخدم المطلوب، قائلًا إن هذه الوزارة لا تتحمّل مسؤولياتها بصيانة الطرقات والجواب عن عدم توافر الأموال غير مقنع.

وأضاف: “وزارة الأشغال النيابية تحمل دورًا أكبر في هذا المجال ولكنّها لا تقوم به”.

وطالب عقل باسم “اليازا” وزارة الأشغال ولجنة الأشغال النيابية بالعمل بجدّيّة وتحمّل المسؤولية تجاه السلامة المرورية.

إذًا، لا حلّ للمواطن اللبناني سوى أن يمضي وقته أثناء القيادة على الطرقات اللبنانية وهو يطبّق الـ”reverse whistle” لتجنّب الجور إلى حين تحرّك المعنيين وصيانتها وتحمّل مسؤولية حياة المواطن.

فيا سائقو لبنان: سيروا عين الله ترعاكم!