IMLebanon

“الحزب” في الامارات… زيارة تحمل نقاط عدّة

كتبت يولا هاشم في “المركزية”:

تحت عنوان استعادة الاسرى وبطائرة خاصة، زار رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا الامارات برفقة وفد من الحزب. رغم ان هذه الزيارة حملت طابعاً سرياً، إلا ان التحليلات والتسريبات تصدرت عناوين الصحف، والسبب حصول اللقاء رغم العلاقة المتوترة بين الطرفين. لكن الزيارة وإن فاجأت الرأي العام إلا ان التحضيرات لها بدأت منذ فترة برعاية سورية -عُمانية.

واشارت المعلومات الى أن التفاوض جرى لعدة أشهر وتحديداً منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى، برعاية وطلب شخصي من الرئيس بشار الأسد من نظيره الإماراتي محمد بن زايد. وافادت ان رئيس جهاز المخابرات العامة التابعة للنظام اللواء حسام لوقا استطاع كسر الجليد بين الامارات وحزب الله، على الرغم من تصنيف الحزب على أنه تنظيم إرهابي تتهمه الإمارات بزعزعة أمن الخليج العربي، في حين اتهم حزب الله سابقاً الإمارات أنها “وكر الصهاينة”. فهل انتقل الحزب الى مرحلة جديدة من تعامله مع قضايا تعنيه ويقوم فيها مقام الدولة، فأي مكان يقدر ان يكون فيه موجودا بالمباشر سيذهب اليه؟

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يؤكد لـ”المركزية” ان ملف الاسرى هو الصورة، لكن مضمون الزيارة أعمق. وليس سرا القول بأن حزب الله هاجم الامارات بعد تطبيعها مع اسرائيل وشن اعلام الممانعة حملة ضدها واعتبرها ملكة التطبيع وفتحت ابوابها للعدو… وفجأة حطّ وفيق صفا في الامارات، إلا أن مسؤولا أمنيا سبقه ورتب الزيارة، وبرعاية بشار الاسد وعُمان.

تحمل الزيارة الكثير من النقاط لا بدّ من التوقف عندها من خلال علاقة الامارات بالمنطقة والحرب الدائرة في غزة ودور حزب الله المُقاطَع في الخليج، خاصة وان منذ العام 2007 اصبح الحزب الراعي الرسمي للتحريض على السعودية والامارات ودول الخليج والعمل على تنمية الخلافات.

وقد يكون من ضمن أهداف هذه الزيارة غير المباشرة ملف تهريب الكبتاغون وكيفية وضع حد له، بالاضافة الى ملف الخلايا النائمة التي تُحرَّك ضد دول الخليج، وأيضاً ملف الحرب الدائرة في قطاع غزة وكيفية حماية الشعب الفلسطيني والعمل على تسوية لبناء دولة فلسطينية تضمن حق الشعب الفلسطيني.

في المقابل، بقيت العلاقات الاقتصادية والتجارية مستمرة بين ايران والامارات، ولم تنقطع رغم تطبيع الامارات مع اسرائيل والهجوم العنيف الذي رافقه خاصة من حزب الله. في الوقت نفسه كانت العلاقات السعودية – الايرانية تنمو اكثر وتتفاعل، وبالتالي التزم حزب الله بنوع من الهدوء الاعلامي ضد الخليج طالما ان ايران تطبع مع دول الخليج. ومع انسحاب السعودية من الحرب في اليمن والبدء في عملية تسوية، فقد حزب الله ورقة من يده، بالرغم من ان الحزب اليوم لديه مشكلة فعلية مع الخليج الا وهي مسألة الرئاسة، وبالتالي لا يستطيع ان تكون ضاحية بيروت الجنوبية مركز رعاية لكل المعارضات الموجودة في الدول التي تعتبر نفسها ممانعة من اليمن الى العراق وفلسطين وغزة وسوريا وصولا الى لبنان، وبالتالي رأينا الانسحاب الايراني من السياسة العامة، وقد نشرت رويترز، بهذا الخصوص، ورقة من سبع نقاط ايرانية واثنتين اميركيتين، مفادها ان رسائل ايران الموجهة الى لبنان كانت تطالب بتهدئة وبأن ايران لن تدخل في حرب، وكان جواب لبنان ان حزب الله مستعد ان يدخل بمفرده في معركة. وبالتالي فإن زيارة صفا في ظل هذا التخلي تدل على ان هناك إصرارا خليجيا على حماية لبنان والحفاظ عليه وعدم دفعه للتهور لقاء اعطاء رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ورقة”.

ويؤكد العزي ان “حزب الله مجبر في النهاية على ترتيب علاقاته مع دول الخليج. السعودية لن تذهب للتفاوض مع حزب الله وكذلك الولايات المتحدة الاميركية، فربما من خلال الوساطة السورية والعمانية يسمع في الامارات ما يريد ان يسمعه للمشاكل والقضايا الكثيرة غير اللبنانية التي أصبح جزءا منها، وبات ورقة بيد ايران في كل المنطقة العربية. وبالتالي في ظل الامتيازات التي حققها حزب الله طوال الفترة السابقة في لبنان، لن يستطيع المحافظة عليها من خلال إجراء اشتباك مباشر مع العدو الاسرائيلي في ظل التواجد الغربي في المنطقة وعدم استطاعة ايران الدخول في هذه المعركة. وهنا، قد يوفق حزب الله في ضرب اهداف ونقاط للعدو لكنه لن يستطيع تسجيل نصر وصمود للمواجهة، وبالتالي ستكون هذه خسارة كبيرة. لذلك، فإن العرب معنيون بحماية لبنان وتأمين رئيس للجمهورية يكون الحامي للبنان ولبيئة حزب الله.

ويلفت العزي الى ان من المرجح ان الامارات طرحت تساؤلات على الحزب عما يريد تحقيقه من هذه المعركة بعد ان تنصلت ايران منها، وما هي شروط السلام، وكيف ممكن ان نصل الى حل لإنهاء معركة غزة، خاصة وانه ربط نفسه بغزة، ما الذي يمكن ان يفعله ويقدمه، وكيف يمكن إنهاء الصراع من دون خسائر كبيرة في غزة. بالطبع سيُعرَض على حزب الله حوافز ومنها اقتصادية واجتماعية ومراكزية، وهذه الزيارة كانت بمثابة مقياس لمدى تجاوب الحزب اليوم، بنوع من التشاور والانفتاح، والذي قد يؤدي الى فتح الطريق الفعلي الى مفاوضات قادمة او إغلاق الطريق ويصبح عقبة، وعندها لن يستطيع احد ان يحميه في هذه المنطقة، إذ بات من الواضح ان لا تحرك للحوثيين في البحر الاحمر وان ايران استطاعت ان تمتص نقمة الميليشيات في العراق وان تُنهي كل هذه الذرائع لأن المصلحة الايرانية أصبحت فوق كل اعتبار”.

ويتابع: “الحزب ذهب الى الامارات بمساعدة سوريا وعُمان، بغض النظر عن العُمانيين الذين هم صندوق بريد ودوما ما تتم اللقاءات الايرانية الاميركية في عمان، إلا ان الاسد فهم أنه لن يستطيع الدخول في معركة بمواجهة اسرائيل لأنه سيكون الخاسر الاكبر، وتحريك جبهة الجولان سيدفع باسرائيل الى الرد ليس على الميليشيات والحرس الثوري، وانما على المراكز السورية.

ويعرب العزي عن اعتقاده بأن عملية اطلاق سراح الاسرى ليست فقط سبب الزيارة لأن الامارات اعتقلت هؤلاء بحجة دعمهم ومشاركتهم في خلايا ومجموعات تشكل خطرا على امن الامارات والخليج، وبالتالي لن تنتظر أن يأتي مسؤول الامن لتحل هذه المشكلة، كما ان الكويت اعتقلت في اواخر العام الماضي خلية لحزب الله وبالتالي دول الخليج بمعظمها ودول الاعتدال العربي لا تزال تصنف الحزب من الاكثر خطورة وبالتالي يجب التعامل معه على اساس هذا المبدأ”.

ويختم: “لذا المسألة أكبر وتتعلق بالحلول في المنطقة والدور الذي يلعبه حزب الله التدريبي واللوجيستي بالاضافة الى مشكلة لبنان المحتجزة ضمن الورقة الغزاوية من جهة ورئاسة الجمهورية من جهة أخرى وقد باتت تشكل خطرا كبيرا على الشعب اللبناني في ظل انهياره الاقتصادي. لكن كل هذا يبقى ضمن التحليل، بسبب طابع الزيارة السري والتي لم يرشح عنها اي معلومة حتى الساعة”.