IMLebanon

الحرب والفراغ الرئاسي يستحوذان على احتفالات عيد الفصح

جاء في “الشرق الأوسط”:

استحوذ ملف الحرب في الجنوب على عيد الفصح في لبنان، حيث تصاعدت الدعوات لتجنب الحرب، وعدم استدراج لبنان إليها، بموازاة دعوات مقابلة لإنهاء الشغور الرئاسي.

واحتفلت الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي، الأحد، بعيد الفصح، وترأس البطريرك الماروني بشارة الراعي قداس عيد الفصح في بكركي، كما التقى ممثلين عن القوى السياسية المسيحية المتخاصمة التي جمعتهم المناسبة في مقر البطريركية المارونية، وفي مقدمهم ممثلون عن «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية».

وقال الراعي في عظته: «ثقافتنا أن نكون صنّاع سلام لا حرب، دعاة تفاوض لا خلافات»، وسأل: «بأيّ حقّ يجتاح حكّام الدول وحاملو الأسلحة بيوتاً فيهدمونها، ويقتلون أهلها، ويشرّدون سكّانها؟ كيف يمكن القبول بهذا القتل، والهدم المبرمج في غزّة وساكنيها؟ أليس ما نراه هناك جريمة ضّد الإنسانيّة؟».

وأضاف الراعي: «في لبنان يجب بذل كلّ الجهد لئلّا يُستدرج وطننا إلى حرب تطال جنوبه، وأماكن أخرى. السلام الذي يشكّل في الأصل رسالة لبنان لا يعني فقط انتفاء الحرب، بل أيضاً السلام السياسيّ الذي يؤمّن الخير العام، والسلام الاقتصاديّ الذي يوفّر مستوى مرموقاً لحياة المواطنين، والسلام الاجتماعيّ الذي يؤلّف جماعة وطنيّة تعيش معاً بالاحترام المتبادل، والتعاون، وبروح الأخوّة الإنسانيّة، والسلام الغذائيّ الذي يوفّر للمواطنين سلامة غذائهم بمستوى أعمارهم».

 

«التيار الوطني الحر»
واستقبل الراعي وزراء ونواب من مختلف القوى السياسية، في ظل شغور في موقع رئاسة الجمهورية يمتد إلى 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2022، مع انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون.

وأكد رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، بعد تهنئة الراعي بالفصح على رأس وفد من «التيار»: «إننا مستعدون لكل شيء للدفاع عن وجودنا وكذلك للتسامح والصفح». وأضاف: «نحن لا نلبي دعوة بكركي فقط بل نسعى أيضاً لتوحيد الموقف لأنه لا شيء غالياً أمام دورنا وهذا أقل الواجب في ظل أزمة وجودية».

وتابع الراعي: «أقل الإيمان أن تصدر وثيقة وطنية من بكركي ويجب أن تُتابع بالسعي لخطة تحقيقها بالأعمال لتكريس وجودنا ورسالتنا»، لافتا إلى أن «هذه دعوة مفتوحة ودائمة». وقال إن «الحقيقة ستظهر في النهاية حقيقة لبنان ورسالته سيستمران».

«القوات اللبنانية»
كذلك، استقبل البطريرك الراعي وفد كتلة «الجمهورية القوية»، وتحدثت باسمه الوزيرة السابقة مي شدياق التي دعت إلى وجوب أن «نعمل باتجاه الثوابت التي تجمعنا، ثوابت الكنيسة المارونية التاريخية» وهي «السيادة، والاستقلال، والسلاح الواحد، والجيش الواحد، والحياد، والتعددية، والشراكة، والمساواة».

وقالت شدياق: «لا قيامة للبنان قبل تحرير الاستحقاق الرئاسي من براثن من يصادره عنوة. وأي رئيس بالنسبة لنا هو رئيس واضح بالتزامه بالدستور، والثوابت التي نؤمن بها، رئيس إصلاحي سيادي لا يتأثر بموازين القوى، إنما يؤثر على مجرى الحياة السياسية انطلاقاً من شفافيته، والتزامه بالقوانين المرعية».
وقالت: «كذلك أتينا إلى سيد بكركي لنصلي معه على نية لبنان، والجنوب، وأهله ليحميهم الله من كل شر، ولا سيما أنه فرضت عليهم حرب لا ناقة لهم بها ولا جمل، وباتوا وقوداً في نزاعات إقليمية لا علاقة لهم بها على الإطلاق». وشددت شدياق على أن «الأولوية يجب أن تكون لوقف الحرب في الجنوب، فهذا القرار يجب أن يبقى بيد الدولة اللبنانية ومن غير المقبول أن يستأثر فريق سياسي واحد بقرار الحرب من دون العودة إلى سائر اللبنانيين»، معتبرة أن ما يحصل «كارثة نتيجتها أن أولادنا يهجرون، ويموتون، وقرانا تهدم، واقتصادنا ينهار أكثر مما هو منهار. يجب أن تتوقف الحرب حتى تتوقف المآسي، والكوارث».

كذلك، التقى الراعي على هامش قداس الفصح بوزراء العدل هنري خوري، والاتصالات جوني القرم، والسياحة وليد نصار، والإعلام زياد المكاري، في خلوة قصيرة.

عودة
إلى ذلك، أشار متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة، في قداس الأحد، إلى أن «بلدنا مريض، مخلع، ليس بسبب خطاياه، بل بسبب خطايا حكامه، وقادته، وزعمائه، وأحزابه، وقبائله»، مضيفاً: «سنوات مرت على بداية الانحدار، وها نحن أصبحنا في القعر، وتصنيفنا بين الأكثر بؤساً، والأكثر فشلاً في معالجة مشكلاتهم، أو مواجهتها، لأنه لا تخطيط لدينا، ولا رؤية واضحة، ولا حتى نية، أو إرادة».

وأكد عودة أنه «عندما يكون مصير الوطن في خطر، من واجب ذوي النفوذ أن يخرجوا من مصالحهم، وانتماءاتهم، وطوائفهم، ومذاهبهم إلى كنف الوطن، وأن يرسخوا أسس الدولة، ويحصنوا مؤسساتها، ويحموا حدودها، ويفرضوا قوانينها على الجميع»، مشيراً إلى أنه في لبنان «الجميع يستغل الدولة، ومؤسساتها، ويتخطى قوانينها، ويتجاهل أحكام دستورها، والبعض يستبيح حدودها، وإرادة شعبها، ويخدم مصالحه، منتقصاً من سلطة الدولة، ومن سيادتها، ومعطلاً انتخاب رئيس لها. وما تبقى من الدولة غائب، عاجز، ومربك».