IMLebanon

مؤشرات الى تسوية شاملة.. هل يجني لبنان منها رئاسة؟

كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:

إن لم يطرأ طارئ يعيد المفاوضات الجارية في القاهرة الى نقطة الصفر، على غرار ما حصل مرارا منذ انطلاقها ، وإن سارت الامور كما يرسمها الراعي الدولي الاميركي الحاضرالدائم في المنطقة، فإن قطار التسوية الشاملة في الشرق الاوسط سينطلق في وقت غير بعيد، ويحمل على متنه حلولا لمجمل الأزمات المزمنة منها كقضية النزاع الفلسطيني- الاسرائيلي من خلال حل الدولتين، والطارئة وابرزها الحرب على غزة وما تفرع منها من جبهات مساندة واشغال وتحديدا في جنوب لبنان الذي تحوّل بإرادة ايرانية مرتعا لكل راغب ببعث رسائله الصاروخية من تنظيمات واحزاب لبنانية وفلسطينية وغيرها .

من مصر الى الرياض ومن عمان الى اسرائيل، اجتماعات مكثفة واتصالات لا تنقطع بين مختلف القوى المحلية والدولية لبلوغ الحل، خشية الانفجار الواسع ، فيما يلجأ كل فريق من المنخرطين في المعركة الى التهديد والوعيد، طمعاً بتحصيل القدر الاكبر من المكاسب السياسية في التسوية المرتقبة والتي لا بد ستستجلب السلام الدائم والاستقرار المنشود وتحدد احجام القوى السياسية. فمع ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو رفع سقف مواقفه معلنا رفض التسوية في رفح وبدء اجلاء الفلسطينيين منها كماابلغ عائلات المحتجزين لدى حماس أن فرص التوصل إلى صفقة تهدئة تبدو بعيدة جدا في الوقت الحالي، فإن مصادر دبلوماسية عربية ترى في تصعيد نتنياهو محاولة اخيرة لتعويم نفسه ، وهو المحاصر الى حد الاختناق بملفه القضائي وضغط اهالي الرهائن لدى حماس وسكان المناطق الجنوبية المهجرين والرأي العام العالمي المناهض لممارسات الجيش الاسرائيلي، لا سيما في الاوساط الطالبية حيث تعجز الحكومات عن ردها وتحديدا في الولايات المتحدة الاميركية . مجمل هذه الضغوط، تقول المصادر، لا بد ستفضي الى اخضاع نتنياهو لسلوك درب التسوية التي تضغط ادارة الرئيس جون بايدن لبلوغها قبل شهر تموز المقبل لتسجيل انتصارات في معركته الرئاسية الحامية ضد الرئيس السابق دونالد ترامب ، واقصى طموحه ان يشكل وقف الحرب في غزة نافذة لانتزاع القبول الاسرائيلي بحل الدولتين وفرض التسوية الشاملة في المنطقة توطئة لاستكمال مسار التطبيع العربي مع الدولة العبرية. وتشير المصادر الى ان مقابل استكبار نتنياهو تبدو حماس تتجه في مسار تلييني في ضوء قبولها بالمصالحة مع حركة فتح وتشكيل حكومة وحدة وما نقل عنها اليوم تحديدا في ما خص المفاوضات عن أن “العرض المصري الحالي هو أفضل ما قدم إلى الحركة خلال الأشهر الأخيرة، وإمكانية التوصل إلى اتفاق في غضون أيام قليلة”.

وتوازياً، تؤكد المصادر ان اجتماعات تعقد في عُمان بين مسؤولين اميركيين و ايرانيين وسوريين توطئة للحل السياسي، اذ تجري في خلالها دراسة معمقة للملفات ذات الصلة بالصراع العربي- الاسرائيلي وما قد يترتب على التسوية الكبرى من نتائج لا بدّ من البناء عليها بهدوء وتأن نحو شرق اوسط جديد.

تبعا لذلك، واذا ما قيد للجهود والوساطات ان تثمر، فإن اولى النتائج الايجابية ستُسجل لبنانياً اولا بوقف جبهة الاشغال ثم بتسهيل المسار الرئاسي توازيا مع المخطط الاميركي والمبادرة الفرنسية لتطبيق القرار 1701 و انطلاق مسار الترسيم البري بعدما انجز البحري. وقد قال وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه من تل ابيب التي تشهد زحمة وسطاء اميركيين وفرنسيين “شاركنا اليوم مع إسرائيل مقترحات قدمت للبنان لتهدئة التوتر مع حزب الله، اساسها ضمان تنفيذ القرار 1701 .

وفي السياق، تبدي اوساط سياسية قريبة من الضاحية تفاؤلا كبيرا بالوصول الى الهدنة في غزة. وتشير الى ان الايجابيات التي تطفو على سطح المواقف عموما قد تسهم في استعجال التفاوض بين واشنطن وايران تحضيرا لمؤتمر دولي للسلام في الشرق الاوسط قبل تموز المقبل. آنذاك، سيُفك الخناق عن رقاب اللبنانيين وينتقل الفرقاء الى مربع انتخاب رئيس جمهورية ينسجم بطبيعته وشخصه مع موجبات التسوية…الا ان السؤال يبقى حول ما اذا كان حزب الله القابض على الرئاسة راهنا سيرضى بالتنازل مجانا ام يبقي ضغطه وقبضته حتى اللحظات الاخيرة لتقاضي “بدل اتعابه المقاوِمة” مكاسب سياسية في الدولة العميقة؟