IMLebanon

بين اوروبا واللّاجئين تكرار مؤتمر بروكسل للعوارض لا للمسبّبات!

جاء في “المركزية”:

كما كلّ عام يُطلّ مؤتمر بروكسل حول “دعم مستقبل سوريا والمنطقة”، وانعدام وزن يتحكّم بأيّ افق حلّ للأزمة السّوريّة، هي التي تشتمل في صميمها على قضيّة شديدة التّعقيد تتمثّل بتعطّل عودة اكثر من ستة ملايين لاجئ سوري إلى بلدهم، وهُم خرجوا منها قسراً إلى تركيا والأردن ولبنان كما إلى الاتّحاد الأوروبي، وحوالي مليوني نازح داخل سوريا غادروا مدنهم وبلداتهم للغاية عينها. هذه القضيّة الإنسانيّة السّياسيّة باتت تؤرق العالم ليس على المستوى الدّيموغرافي فحسب، بل على المستويات الاقتصاديّة، والإجتماعيّة، والثّقافيّة، والقانونيّة، والأمنيّة. من هنا تساؤلات كثيرة تطرح ذاتها في ما سيحمله مؤتمر بروكسل هذا العامّ، وما هي مآلات قضيّة اللّاجئين السّوريّين خصوصاً في ما يُعنى بلبنان؟

“الاتّحاد الأوروبيّ يواظب على مواكبة الأزمة السّوريّة، رغم انهماكاته القاسية في توفير الدّعم لأوكرانيا وموجات لجوء شعبها إلى دوله الأعضاء، مع تسجيل نقطة مضيئة باعتراف دول فيه عنينا إسبانيا وايرلندا والنّروج بدولة فلسطينيّة في الأيّام الأخيرة، هذه المواظبة للأسف، وعلى أهمّيتها الجيو – سياسيّة تحت سقف قرار مجلس الأمن الدّوليّ 2254، ما زالت تقارب عوارض الأزمة السّوريّة بالمعنى الإنسانيّ، وتُغفِل البحث عملانيّاً بالمسبّبات، ولو أنّ ثمّة ديناميّة صامتة للاتّحاد بهذا الاتّجاه”، بهذه المعادلة يستهلّ الباحث في سياسات اللّجوء والهجرة والمدير التّنفيذيّ لملتقى التأثير المدني زياد الصّائغ حديثه إلى “المركزية”.

وحول إصرار الاتّحاد الأوروبيّ على هذه المقاربة في العوارض يقول الصّائغ: “ثمّة في عمق الاتّحاد الأوروبيّ مع حلفائه نقاش عميق في ارتباط المحور الرّوسيّ الإيرانيّ السّوريّ بأجندة إقليميّة دوليّة متكاملة من أوكرانيا إلى الشّرق الأوسط، لكنّ آليّات مواجهة هذه الأجندة تتمحور حالياً في أوكرانيا، وإهمال متعمّد يسود التلفّت إلى سوريا، خصوصاً منذ حرب غزّة. بهذا المعنى الإصرار على البعد الإنسانيّ مرتبط بالتّوقيت، وليس بالإرادة.يبدو أنّ هناك قراراً بتحريك مسار جنيف، لكنّ الماكينة الديبلوماسيّة الأمميّة ثقيلة وبطيئة ووثيقة الصّلة بأولويات عواصم القرار”.

عن وضعيّة اللّاجئين السّوريّين في لبنان والتّحرّك الدّيبلوماسيّ اللّبنانيّ من جهة، والشّعبيّ من جهة أخرى يشدّد الصّائغٍ على أنّ: “لا بدّ من إعداد لبنان لملف ديبلوماسيّ متكامل ثابت المعالم أساسه عودة اللّاجئين السّوريّين إلى سوريا، على أن يتوازى ذلك مع تطبيق كامل للقوانين اللّبنانيّة المرعيّة الإجراء في ما يُعنى بكلّ وجود غير شرعيّ لهؤلاء، وبالأولى تصنيف الدّاتا، وضبط الحدود، والتّفاهم مع المفوّضيّة العليا لشؤون اللّاجئين على إطلاق مسار في عودة اللّاجئين السّوريّين بالاستناد إلى ما يوفّره لهم القانون الدّوليّ والقانون الدّوليّ الإنسانيّ، والضغط بالشراكة مع المجتمع الدولي والأشقاء العرب على قوى الأمر الواقع التي تعرقل العودة. لكن للأسف منظومة حُكم الأمر الواقع في لبنان تتعاطى بموسميّة مع هذه القضيّة الوجوديّة”. ويضيف الصّائغ: “ماذا عن الهندسة الدّيموغرافيّة الجديدة والخطيرة في سوريا، وما ارتباط عرقلة عودة اللّاجئين إليها…؟ هذان سؤالان نحتاج للإضاءة عليهما، ويغيبان ،الاّ بخَفر، عن الأدبيّات الّلبنانيُة”.

أمّا عن تعويله على المؤتمر وتحرّكات التّصدّي له يختم الصّائغ: “الثّبات في مقاربة العوارض مقتلة، وهذه خطيئة الاتّحاد الأوروبيّ. والثّبات في الشّعبويّة، والدّيماغوجيا، والسّياسويّة، والارتجال بعيداً عن سياسة عامّة متماسكة أساسها ديبلوماسيّة العودة خطيئة المنظومة اللّبنانيّة الحاكمة وقوى الأمر الواقع”.