كتبت نجوى ابي حيدر في “المركزية”:
مقابل بلوغ التصعيد العسكري أوجَهُ بفعل الاستفزاز الاسرائيلي اللامتناهي والمرتفعة وتيرته يومياً، تبدو ردود حزب الله متروية تقتصر على صليات من الصواريخ يرسلها الى شمال اسرائيل، فيما تنأى ايران بنفسها عما يجري في الميدان وتكتفي بإطلاق مواقف من حين لآخر تؤكد فيها انها سترد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في قلب طهران منذ ما يقارب الشهر، وقد قال الحرس الثوري ان فترة انتظار الرد قد تكون طويلة .
تستدرج تل ابيب الحزب الى المواجهة الكبرى، من خلال توسيع نطاق عملياتها الامنية المؤذية في الداخل اللبناني والمتمددة جنوبا وشرقاً اضافة الى ترهيب اللبنانيين المتواصل بخرق جدار الصوت على علو منخفض، او باستمرار عرقلة مفاوضات غزة لوقف اطلاق النار الذي يربط الحزب مصير جبهة جنوب لبنان بوقف النار في القطاع، فحتى متى يطول صبر الحزب، فيما ايران الراعية الاقليمية له تمضي في بعث رسائل ايجابية الى الغرب ليس اقلها الاعلان عن تأجيل الرد وتعيين وزراء من فريق الاعتدال والتفاوض في الحكومة على غرار عباس عراقجي، وزير الخارجية الجديد خلفا لمحمد جواد ظريف المستقيل؟
تبدي اوساط سياسية لبنانية في المعارضة خشيتها من ان يدفع لبنان، كما في كل مرة، فاتورة عن الاقليم، ويدفع ثمن عدم اندلاع حرب شاملة في المنطقة فيكون كبش فداء عنها . وتقول لـ”المركزية” ان الخوف كل الخوف، من ان تدفع طهران الحزب الى الرد الموجع على اسرائيل فتنشب حرب محدودة جغرافياً على ارضه لا تتمدد الى دول اخرى، من شأنها ان تنفس الاحتقان لكنها في الوقت نفسه ستقضي على آخر ما تبقى من مقومات صمود في الدولة المنهارة اساسا بفعل الازمات، وتخرج ايران من الازمة “كالشعرة من العجين” وكما العادة توظف احد اذرعها العسكرية للانتقام، فيما تتفرج وتراقب عن بعد. وليس أدلّ الى احتمال تنفيذ السيناريو هذا من توسيع الحزب نطاق استهدافاته وقصف مبنى مدني منذ ايام. الوضع هذا تشير اليه الاوساط بالهدنة الساخنة المضبوطة الايقاع وغير المُعلنة، تتأرجح على حبال رغبات ايران ورسائلها الى الادارة الاميركية الديموقراطية، اذ ” تشد وترخي” بحسب نتائج استطلاعات الرأي الاميركية ، متطلعة الى فوز الحزب الديموقراطي ووصول مرشحته كامالا هاريس الى البيت الابيض لاستئناف المفاوضات حول ملفها النووي وصولا الى التجديد في ايار 2025 ،مع انتهاء مدة السنوات العشر المحددة له، وتجنب الاصطدام بدونالد ترامب الذي سيضرب الملف عرض الحائط كما فعل سابقا ويطيح الاتفاق من اساسه.
مسرح الرسائل الايرانية سيكون حتما عبر الساحة اللبنانية، ما دامت اقوى واخطر الاوراق في ظل المواجهة العسكرية القائمة راهنا والمتحكمة بها طهران بقوة. فهي إما تأمر الحزب بالتهدئة او بالتصعيد واشعال جبهة الاسناد والاشغال ، فيما تدفع ادارة الرئيس جو بايدن بقوة لتحقيق وقف اطلاق النار وفرض تسوية تمنع الحرب الشاملة ، ستشكل، إن حصلت، نقطة قوة اضافية في سجلها الانتخابي ترفع حظوظ فوزها.
تبعا لذلك، تختم الاوساط ان الهدنة الساخنة مطلوبة ايرانياً وستستمر الى حين تحقيق ايران مصالحها ، آنذاك ستوعز الى اذرعها في المنطقة وحزب الله المعني الاول بضبط الوضع وعدم التصعيد، والا وإن فاز ترامب سيكون لها كلام وتصرف آخر في الميدان.