IMLebanon

التوازنات الدقيقة فرضت على سلام مراعاتها

كتبت لارا يزبك في “المركزية”:

أعلن المطارنة الموارنة اثر اجتماعهم الشهري امس انهم “يحمدون الله على تكليف القاضي نوّاف سلام تأليف وزارة العهد الأولى، والذي التزم بدوره بخطاب قسم الرئيس ووضع لعمله أسسًا من أهمّها وحدة المعايير في التعاطي مع الأفرقاء كافّةً، وألّا تكون وزارات حكرًا على أحد”. وتمنّى الآباء “على الرئيس المكلّف الإلتزام بشكلٍ صارم بما أعلنه وتشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن والإتيان بفريقِ عملٍ إصلاحي مُتخصِّص ومتضامن قادر على الإنطلاق نحو إعادة بناء الدولة تبعًا لالتزامات لبنان العربية والدولية ولاحتياجات شعبه”.

امس ايضا، بدأت ملامح انفراجة تظهر في العلاقة بين معراب والرئيس المكلف. حيث أكدت اوساط معراب لـ “المركزية” ان “المفاوضات بين الطرفين، تأخذ منحى ايجابياً وتتركز حول البيان الوزاري، وحقيبة المالية لجهة عدم عرقلة أعمال الوزراء والإصلاح والتدقيق الجنائي، ورفض ما كان سائدا في الحكومات السابقة بحيث ان تكون حكومة العهد الاولى منتجة لا تفرمل العراقيل عملها ومهامها الجسام”. اما في موضوع الحقائب والاسماء فأكدت الاوساط ان البحث فيه مستمر، آخذا في الاعتبار حسن التوزيع  ووحدة معايير التوزير”.

أما رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل فحذر الثلثاء في مؤتمر صحافي من اعتماد ازدواجية في معايير تشكيل الحكومة، وهذه المسألة هي التي لا تزال حتى الساعة، توتر علاقة سلام بالنواب السنة.

مصادر سياسية مطّلعة تقول لـ”المركزية”، إن “اللازمة” التي تتكرر في كل المواقف المذكورة اعلاه، وفي غيرها أيضا، هي “وحدة المعايير”. فما عرقل مسار التشكيل ووضع العصي في دواليب ولادة الحكومة، منذ لحظة تكليف سلام الى اليوم، هو ان الاخير، لم يعتمد السياسة الانفتاحية ذاتها مع القوى السياسية كلّها. بل هو ركّز على محاولة استيعاب الثنائي الشيعي وعلى طمأنته، واستقبل ممثلين عنه مرارا وتكرارا، ووقف عند “خاطرهم”، وذهب الى حد إعطائهم الحقيبة التي يريدون اي المالية، والوزير الذي يختارونه لها اي ياسين جابر، بينما لم يعط هذه “الامتيازات” كلّها، لأي من الاطراف السياسيين الآخرين، علما انهم هم مَن سمّوه للتشكيل.

اليوم، يبدو سلام أدرك ان سلوكا من هذا القبيل، وإن كانت نواياه سليمة مِن اعتماده، لا تمرّ في بلد كلبنان. هناك اعتبارات طائفية تلعب دورها هنا، حيث يُصار سريعا الى رفع شعار “يا غيرة الدين”، لكن هناك ايضا اعتبارات سياسية وازنة يبدو سلام اعتبر انه يمكنه وضعها خلفه. فمَن يحاول الاخير استيعابَه، اي الثنائي، لم يستوعب اللبنانيين يوما، بل شكّل حكومات ووضع خصومه خارجها، وعطّل قرارات اساسية لا تعجبه، بفعل استحوازه على وزارة المال، واحتكر قرار الحرب والسلم ولم يستشر احدا فيها واستجر الحروب المدمرة على لبنان وآخرها لا يزال يرزح لبنان تحت آثاره.

مِن هنا، كان الوضع دقيقا جدا… سلام الذي قال امس من قصر بعبدا “أواجه عادات موروثة، وحسابات ضيقة، يصعب على البعض ان يتخلى عنها او ان يتقبل اسلوباً جديداً في مواجهتها، لكنني مصرّ على التصدي لها وعلى الالتزام بالدستور وبالمعايير التي سبق واعلنتها”، يبدو صوّب المسار وقرر ان يأخذ هذه النقاط كلها في الحسبان، وبالتالي، وبعد تعثّر، يبدو انه الآن يقترب من تحقيق الهدف ومن تشكيل حكومة العهد الاولى.