IMLebanon

مدارس لبنان… الـ”فايب” مسموح وأكياس النيكوتين داخل الصفوف!

كتبت ماريا خيامي:

في ظل انتشار ظاهرة تعاطي الفايب بين التلاميذ في المدارس، واحتواء بعضها على المخدرات، تتزايد المخاوف من تأثيرها السلبي المتزايد على صحة الشباب ومستقبلهم الدراسي، ففي بعض المدارس يُلاحظ السماح باستخدام الفايب في الملاعب دون رقابة فعالة، بينما وصلت أكياس النيكوتين عن طريق التهريب داخل الصفوف، فما الحل الأمثل لوضع حد لهذه الظاهرة المتفاقمة؟

تعليقا على الموضوع، تحدث مدير جمعية “جاد” (شباب ضد المخدرات)، جوزيف حواط، عن انتشار ظاهرة تعاطي الفايب المحشو بالمخدرات، أو السجائر الإلكترونية الملغومة بالمخدر بين التلاميذ في المدارس، موضحًا أن هذه الظاهرة أصبحت أزمة صحية واجتماعية متفاقمة.

وأكد حواط في حديث لموقع IMLebanon أن السبب الأساسي يكمن في المفهوم الخاطئ السائد بأن الفايب أقل ضررًا من السجائر التقليدية، مما أدّى إلى تساهل الأهل في مراقبة أبنائهم. وأضاف: “يبدأ التلميذ بتجربة النكهات العادية على غرار الألعاب والتحديات، ثم ينتقل تدريجيًا إلى نكهات تشبه طعم الحشيش والهيرويين، ويزداد الأمر سوءًا مع ارتفاع الجرعات تدريجيًا”.

وأوضح حواط أن هناك اختلافات واضحة بين الفايب العادي والفايب المحشو بالمخدرات، حيث يتميز الأخير برائحة قوية وغير طبيعية، وأشار إلى أن المعلمين وأولياء الأمور يمكنهم ملاحظة علامات جسدية وسلوكية تدل على التعاطي، مثل ظهور خيوط حمراء في الجزء الأبيض من العين لدى من يدخن الحشيش، وتغيرات في الشهية لدى من يتعاطون الكوكايين أو الهيرويين، إذ قد يتوقف المتعاطي عن تناول الطعام لفترات ثم يعوض ذلك بنهم مفاجئ أو يفقد الشهية تمامًا مما يؤدي إلى ضعف عام في الصحة وإهمال النظافة الشخصية.

ولفت حواط إلى أن التلاميذ ينجذبون إلى هذه الظاهرة بسبب ضغوط نفسية واجتماعية داخل البيئة المدرسية، حيث يشعر البعض بالحاجة للانتماء والتميز، إضافة إلى التأثير السلبي للتسويق المضلل الذي يروج للفايب كخيار آمن، وقال: “التلميذ يبحث عن وسيلة للتعبير عن تمرده أو للهروب المؤقت من ضغوط الدراسة والحياة الأسرية، فيجد في تجربة الفايب مخرجًا يبدو في البداية بريئًا ولكنه يتحول تدريجيًا إلى طريق خطير يؤدي إلى الإدمان”.

وأضاف أن لهذه الظاهرة تأثيرات سلبية واضحة على الأداء الأكاديمي، حيث تؤدي إلى تشتت الذهن وانخفاض القدرة على التركيز، مما ينعكس سلبًا على النتائج الدراسية، كما أثّرت سلوكيات المتعاطين بشكل ملحوظ على العلاقات الاجتماعية داخل المدرسة، حيث ينتج عن الإدمان تغيرات مزاجية وسلوكيات عدوانية أو انطوائية.

وأشار إلى أن التعاون بين المدارس والجهات الحكومية والمنظمات غير الحكومية في مجال التوعية موجود، لكنه يواجه العديد من العقبات، إذ أن بعض المدارس لا تخصص وقتًا كافيًا لحصص التوعية، وتظهر حالات صادمة مثل السماح باستخدام الفايب في الملعب، مما يستدعي تدخل الجهات المختصة لإعادة النظر في السياسات المعتمدة.

وعلق قائلاً: “من الضروري تشديد الرقابة داخل الحرم المدرسي وتفعيل آليات التفتيش الدورية، خاصة في ظل ورود كيس النيكوتين إلى لبنان عن طريق التهريب والذي يُستخدم بشكل سري في الصفوف من دون أن يلاحظ المعلمون”.

وأشار حواط إلى أهمية البرامج التوعوية الموجهة للطلاب، مؤكدًا أنه يجب إعادة جدولة الأنشطة المدرسية لإفساح المجال لحصص توعوية تشرح مخاطر التعاطي، وأضاف: “استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام يمكن أن يكون له أثر كبير في إيصال الرسالة بطريقة تتناسب مع جيل اليوم، وذلك من خلال مقاطع فيديو وحملات إعلامية تتضمن قصصًا حقيقية وإحصائيات دقيقة”.

وفي حديثه عن دور الأهل، أكد حواط على ضرورة يقظتهم ومتابعتهم لسلوك أبنائهم، مشددًا على عدم التسامح مع المفاهيم الخاطئة التي تُروج للفايب كخيار آمن، وأوضح أنه “يجب على الآباء والأمهات التواصل المستمر مع أبنائهم وملاحظة أي تغييرات في سلوكهم أو مظهرهم الجسدي، مثل تغير نمط الأكل والسلوكيات، والعمل مع المدارس لتوفير الدعم اللازم”.

ورأى ان بامكان وسائل الإعلام أن تلعب دورًا حيويًا في رفع مستوى الوعي، مشيرًا إلى إمكانية تنظيم حملات توعوية تفاعلية تشمل مشاركة شخصيات مؤثرة وناشطين في مجال مكافحة المخدرات، كما أوضح أن المدارس يجب أن تكون حجر الزاوية في مكافحة هذه الظاهرة، من خلال إدماج موضوع التوعية في المناهج الدراسية وتشديد الرقابة داخل الحرم، خاصة في المناطق الحساسة مثل الملاعب.

وعن التحديات التي تواجه تنفيذ الحلول المقترحة، قال حواط: “نعم، نواجه تحديات كبيرة تتعلق بمقاومة بعض المدارس لتخصيص وقت للتوعية، وكذلك التساهل الذي يظهره بعض الأهل بسبب الاعتقاد الخاطئ بأن الفايب أقل ضررًا، إن تغيير سلوكيات الطلاب يتطلب جهداً مشتركاً من جميع الأطراف، سواء كان ذلك من خلال برامج إعادة التأهيل أو عبر الحوار والتثقيف المستمر دون اللجوء إلى العقوبات القاسية”.

وفيما يتعلق بكيفية التصرف مع التلاميذ المتورطين، أوضح حواط أنه يجب اتباع أسلوب تربوي وإنساني، مؤكدًا ضرورة إبلاغ الأهل فورًا وتقديم الدعم النفسي والتربوي لإعادة تأهيل الطالب دون اللجوء إلى “الشوشرة”.

وأخيرًا، شدد على أن الجهات الحكومية والمنظمات المجتمعية يجب أن تتكاتف لإصدار تشريعات صارمة تمنع تسويق واستخدام الفايب بين التلاميذ، مع دعم الحملات الإعلامية والبرامج التوعوية الوطنية، مضيفًا: “من المهم أن نعمل جميعًا على تقديم بدائل ترفيهية ونشاطات إيجابية للشباب تساهم في إبعادهم عن مسارات الإدمان”.

يتعين على المجتمع بأكمله أن يتكاتف من أجل وضع حد لهذه الظاهرة المتفاقمة التي تشكل خطراً على صحة شبابنا ومستقبلهم، إن ضرورة تطبيق سياسات رقابية صارمة وتفعيل برامج توعوية شاملة داخل المدارس تُعد من المتطلبات الأساسية لمواجهة انتشار الفايب والمخدرات، كما يجب على الجهات المعنية والأسر والمدارس أن تعمل معاً لتوفير بيئة تعليمية آمنة تخلو من الإغراءات الخطيرة التي قد تؤدي إلى الإدمان.