IMLebanon

صيحة في فراغ

كسرت قوى 14 آذار الجمود الذي يخيّم على استحقاق الانتخابات الرئاسية منذ أكثر من ثلاثة أشهر بالمبادرة الإنقاذية التي أطلقتها أمس والتي دعت فيها الفريق الآخر الى التلاقي في منتصف الطريق والبحث عن رئيس جمهورية يؤمن بالثوابت الوطنية، معتبرة أنه يمكن التوصّل الى شخص تتوافر فيه كل هذه المواصفات ينقذ الجمهورية من شرور غياب الرأس.

لكنها، أي قوى 14 آذار، لم تتنازل في الوقت نفسه عن مرشحها الدكتور سمير جعجع كمرشح معركة حتى لا تترك الساحة لمرشح قوى الثامن من آذار غير المعلن وهو العماد ميشال عون الذي لا يزال يصرّ على طرح نفسه كمرشح وحيد لرئاسة الجمهورية، وإلا لا مرشح غيره والسلام على الجمهورية.

وبالرغم من هذا الانفتاح لقوى14 آذار على الفريق الآخر، ظل هذا الفريق على موقفه وكأنه غير معني بما سيؤول إليه الوضع في البلاد في ظل استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية، معتبراً أن قوى 14 آذار لم تأتِ بأي جديد من شأنه أن يحرّك عجلة الاستحقاق الرئاسي الى الأمام، وأن كل ما أقدمت عليه كان معروفاً من قبلها الأمر الذي يبقي هذه المسألة عالقة على سندان الانقسام العمودي حولها بين الفريقين المتساويين في عدد النواب والذي بدون اتفاقهما يبقى الفراغ في سدة الرئاسة الأولى قائماً ولا سبيل للخروج منه إلا بتنازل فريق 14 آذار عن مرشحها وعن كل طروحاتها التوفيقية والتسوية والرضوخ للأمر الواقع الذي يضعه فريق الثامن من آذار بقيادة وإدارة حزب الله غير المهتم بحصول الانتخابات الرئاسية وإنتاج رئيس للبلاد أو بعدم حصولها ما دامت مصالحه مصانة وما دام مشروعه الأساسي يسير بخطى ثابتة في ظل استمرار هذا الانقسام العمودي في البلاد.

ومشروع حزب الله بات معروفاً للجميع ويقوم على تعميم الفراغ في كل مؤسسات الدولة ليصبح الجميع على استعداد للدخول في إعادة النظر بنظام الطائف من خلال لجنة تأسيسية تشكّل لهذه الغاية.

من هنا، يصح اعتبار المبادرة التي أطلقتها قوى الرابع عشر من آذار بمثابة الخرطوشة ما قبل الأخيرة لتفلت الوضع السياسي وبدء العد العكسي لتثبيت مقولة إقامة مؤتمر تأسيسي يبحث في كيفية إقامة نظام جديد للبنان يأخذ في الاعتبار المتغيّرات الديمغرافية والجغرافية التي استجدّت منذ الاتفاق على اتفاق الطائف قبل حوالى ربع قرن، وما عدا ذلك يبقى صيحة في الفراغ من دون أن تترك أي تأثير على المخطط المرسوم منذ أعلن أمين عام حزب الله لأول مرة وجوب قيام مؤتمر تأسيسي لإعادة النظر في نظام الطائف.