IMLebanon

«أبو محجن» راجع… لمواجهة «الدواعش»؟

قبل عام تماماً، بدأ طيف «أبو محجن» بالعودة إلى عين الحلوة. حينها، أقامت القوى الإسلامية صلاة العيد الجامعة تحية لمؤسسها، أمير «عصبة الأنصار الإسلامية» المتواري منذ 18 عاماً. وقبل أيام، رفعت صور حديثة له في بعض المسيرات المتضامنة مع قطاع غزة، وسط هتافات تطالب بعودته

«أبو محجن» راجع؟ لم يخرج هذا التساؤل من عين الحلوة فحسب، بل انتقل أيضاً إلى كل من وصلته الصورة الحديثة الأولى التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي والرسائل الهاتفية لأمير «عصبة الأنصار الإسلامية» أحمد عبد الكريم السعدي، الذي توارى عن الأنظار مطلع عام 1996، بعد اتهامه بالوقوف وراء اغتيال رئيس جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية الشيخ نزار الحلبي عام 1995.

في آذار 2012، عاد إبراهيم السعدي (أبو مصعب)، نجل أبو محجن، إلى عين الحلوة بعد خمس سنوات من الاعتقال في سوريا بسبب اتهامه بتنفيذ عمليات عسكرية فيها وفي العراق. حظي «أبو مصعب» باستقبال الأبطال، لكن والده لم يظهر إلى العلن. وقبل عام تماماً، حضر طيف «أبو محجن»، للمرة العلنية الأولى في عين الحلوة. صبيحة عيد الفطر، أقامت «العصبة» و«الحركة الإسلامية المجاهدة» صلاة جامعة وسط استعراض عسكري لعناصر العصبة «إحياء لزمن الشيخ الشهيد أبو منير الصديق، والشيخ أبو محجن رده الله سالماً». لم تستكمل تلك الخطوة إلا قبل أيام عندما هتف مشاركون في المسيرات التضامنية مع قطاع غزة، باسم «أبي محجن»، مطالبين بعودته إلى المخيم «لحمايته من الأخطار المتشددة وتثبيت البوصلة نحو فلسطين». فهل «أبو محجن» راجع بالفعل، ولماذا؟

لم تجب أوساط «العصبة» عن تساؤلات «الأخبار»، إلا أن مصادر مطلعة داخل عين الحلوة أكدت أن الهتافات والصور «تمثل خطوات تمهيدية للإعلان الرسمي عن عودة أبو محجن إلى الأضواء، واستعادة منصبه داخل العصبة ودوره في المخيم علناً». فالرجل لا يزال فعلياً أمير التنظيم، والقرار له في كل صغيرة وكبيرة من شؤون العصبة، بحسب ما كان يؤكد مسؤولوها خلال السنوات الماضية. وهو لا يحتاج سوى إلى إعلان وجوده في المخيم. ونقلت المصادر عن القوى الإسلامية أن العصبة اتخذت القرار بعودة أميرها بهدف «استعادة دورها الرئيسي في عين الحلوة، والجو الإسلامي فيه، نظراً لما له من موقع مهم لدى الإسلاميين، حتى المتشددين منهم، الذين تركوا العصبة واختلفوا معها والتحقوا بالجماعات المتطرفة بعد غيابه». هذا القرار يأتي بعد «أزمة عاشتها العصبة مع بعض عناصرها من جهة، ومع إسلاميين آخرين من جهة أخرى، بسبب موقف قيادتها تجاه عدد من القضايا، ولا سيما النأي بالنفس عن الأزمة السورية، وعلاقتها الإيجابية مع حزب الله والجيش والقوى الأمنية اللبنانية» تقول المصادر.

السعدي لن يعود «إلا إذا تقبّلت ذلك القوى اللبنانية المعنية»

في الأشهر الماضية، تعرضت العصبة لهجوم مما يعرف ببقايا «جند الشام» و«فتح الإسلام»، وصل إلى التحريض على احد مسؤوليها، الشيخ «أبو طارق»، شقيق «أبو محجن»، والاعتداء على منزل المتحدث باسمها الشيخ أبو شريف عقل. هجوم الإخوان، قابله انفتاح إيجابي على العصبة من قبل القوى الوطنية والفصائل الفلسطينية، ولا سيما حركة فتح من جهة، ومن الجيش والمشرف على أمن المخيمات المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم من جهة أخرى. الانفتاح بدأه إبراهيم قبل سنوات، عندما دعا كلاً من أبو طارق وأبو شريف وجمال خطاب إلى مكتبه في بيروت، حيث كانت المرة الأولى التي يخرج فيها الثلاثي المطلوب للقضاء اللبناني من المخيم منذ أكثر من 15 عاماً. خروج فتح لهم الأبواب للقاء مراجع سياسية وأمنية، وصلت حد تكليف العصبة مهمات وساطة معقدة منها مع الشيخ المتواري أحمد الأسير خلال اعتصامه المفتوح ومعركة عبرا. ذروة الثقة اللبنانية بقدرة العصبة على لجم تمدد التطرف داخل عين الحلوة ومواجهة الخطر الداعشي تمثلت بمنحها الدور الرئيسي في القوة الأمنية المشتركة.

ترى المصادر أنه بعد المسؤوليات الملقاة على عاتقها، احتاجت العصبة «الى إعادة تنظيم داخلي يشد مفاصلها من الداخل، ويستعيد هيبتها أمام الإسلاميين». من هنا، «توافق قياديوها على الاستنجاد برمزية أبو محجن وموقعه، اللذين لم يتغيرا لدى المتشددين طوال سنوات تواريه، ما قد يسمح باستيعابهم وترويض تشددهم»، لكن هل يجد قرار العصبة قبولاً لبنانياً بعودة أحد أبرز المتهمين بعمليات إرهابية منها ضد الجيش والقضاء في ظل تصاعد الحملات التكفيرية؟ تقر المصادر بأن «أبو محجن» لن يعود «إلا إذا تقبّلت ذلك القوى اللبنانية المعنية». فهل تكون الحاجة إليه لمواجهة الخطر الداعشي دافعاً لتناسي ملفه الأمني الكبير الذي لا يزال القضاء ينظر فيه؟ تلفت المصادر إلى أن «أبو محجن لم يغادر عين الحلوة في الأساس، ولو يوما واحدا منذ تواريه عن الأنظار»، مشيرة إلى أنه «أكمل حياته الطبيعية داخل المخيم وأصبح عدد أولاده سبعة، بعدما كانوا خمسة عند تواريه. حتى إن العصبة لم تخرج من جلبابه، حيث كان شقيقه أبو طارق ينسق معه كل كبيرة وصغيرة». وفي هذا الإطار، رجحت المصادر أن تكون الليونة التي طرأت على تشدد العصبة مستمدة من ليونة «أبو محجن» المستجدة بعدما عرف بسلوكه المتطرف.

إشارة إلى أن أبو محجن متهم بجرائم مسّت الأمن القومي، منها تفجير محال لبيع الكحول، وتأليف شبكة أدينت بـ «الحض على الاقتتال المذهبي»، والإشراف على عملية اغتيال الحلبي، ومحاولة اغتيال نائبه في سير الضنية طه ناجي، ومفتي الشمال طه الصابونجي، واغتيال القضاة الأربعة في صيدا، كما أدين بالتخطيط للاعتداء على الجيش في جرود الضنية عام 2000. ومما ورد في أحد القرارات الاتهامية بحقه أنه «استطاع من خلال فكره ونظرته العقائدية تجنيد عشرات الشبان اللبنانيين والفلسطينيين وشحنهم فكرياً وتهيئتهم نفسياً لقيام دولة إسلامية في لبنان، ينصب عليها أميراً للمؤمنين».