IMLebanon

إجتماع لندن… ومفاعيله

 

قال السفير الأميركي ديفيد هيل كلمته: «الفراغ له ثمن كبير». ذكّر اللبنانيّين بمعادلة «مخايل الضاهر، أو الفوضى»، وكانت يومها الفوضى التي لا تزال سارية المفاعيل، وندفع أثمانها.

هل من كلمة سرّ حول إسم الرئيس، أم اكتفى هيل بالتحذير فقط؟

قبل أن يغادر الوزراء الـ11 لدول مجموعة «أصدقاء سوريا» قاعة الإجتماع في لندن الخميس الماضي، عقدت خلوة ضمّت وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا والسعوديّة، وكان الإستحقاق الرئاسي ماثلاً. وتمنّى المجتمعون على الأمير سعود الفيصل ترتيب المخارج التي يراها مناسبة لتجنيب الفراغ، وحتى إذا ما حصل يكون لفترة زمنيّة محدودة، وعلى الأثر إنتقل الفيصل الى باريس، وكان له ما كان من اجتماعات سريّة وعلنية، بعضها بات معروفاً، سواء مع الرئيس سعد الحريري، او مع الدكتور سمير جعجع، او مع النائب وليد جنبلاط، او مع آخرين حضروا خصّيصاً الى العاصمة الفرنسيّة.

ماذا في هذه الحركة؟ وماذا أنتجت؟

تحتلّ عناوين ثلاثة الصدارة.

الأول: أنّ الولايات المتحدة تخلَّت عن دعمها للنائب ميشال عون، على رغم أنّ بعض دوائر القرار تثمّن عالياً الحوار الذي بدأه مع تيار «المستقبل»، وتتمنى أن يستمر، وربما تحاول أن تقدّم النصح والدعم إذا أمكن، لاستمراره وتفعيله بهدف إخراج عون وتياره من دائرة نفوذ «حزب الله»، وهو الذي قدّم له خدمات جلّى على الصعيد الداخلي ليصل الحزب الى ما هو عليه من نفوذ ومكانة، فضلاً عن أنّ استمرار الحوار من شأنه حماية الطائف، وتعزيز مكانة الدولة ومؤسساتها تحت مظلّته، وتفعيل دور الحكومة، وتمكينها من مواجهة التحديات الكثيرة، والتي قد تتضاعف إذا ما استمرّ الجرح السوري مفتوحاً.

الثاني: أثبتت الوقائع والممارسات أن لا حظوظ لأيّ من القادة الموارنة الأربعة في الوصول الى سدّة الرئاسة، وبالتالي لا بدّ من قلب الصفحة والانتقال من المراوحة والمناكفة الى المرحلة الأكثر جديّة، أي البحث عن اسم يحظى بدعم قوى «8 و14 آذار» واحترامها، وإنّ مثل هذا الاسم الذي يكون قويّاً في ساحة الوطن يكون قويّاً أيضاً في ساحته المسيحيّة، والرئيس القوي، هو الذي يجمع ولا يفرّق، ويكون قادراً على صَوغ علاقات مفيدة ومنتجة مع جميع مكوّنات المجتمع اللبناني.

الثالث: ترك هامش من الحريّة للفاعليات السياسيّة للتوافق على اسم الرئيس، قبل انقضاء المهلة الدستوريّة، فيما أنظار «الدول المهتمة» شاخصة نحو برّي وخبرته، وحنكته السياسيّة، كونه المتقدم بين المتساوين المعنيّين بالاستحقاق، فضلاً عن كونه يمثّل الوسطيّة الحقّة عندما يمسك بمطرقة المجلس للتشريع، او لتخريج الحلول السحريّة للأزمات المستعصية، مع ترك هامش لـ»الفذلكة الدستورية» إن كانت تخدم التوافق.

إطلعت كلّ من باريس وواشنطن على حركة الفيصل، والنشاطات المرافقة في العاصمة الفرنسيّة، وكان توجّه هيل الى بعبدا وعين التينة منسّقاً على وقع الإتصالات الديبلوماسيّة المكثفة، والأصحّ أنّه كان مكلّفاً نَقل ما نقله، وعبّر عنه في بيان مكتوب، ليقرع جرس الإنذار، ويؤكد أنّ مرحلة الترف قد انتهت، وآن أوان الحسم.

متى تأتي كلمة السر، وعلى مَن تقع القرعة؟

الجواب قيد الإعداد، ولا يقتصر على الرياض وواشنطن وباريس. فالفاتيكان حاضر، ودوائره ناشطة، وكلمته هي كلمة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي: «الفراغ خطّ أحمر». دوره بعيد عن الأضواء، ولكنه متابع وملحاح. يردد في بعض كواليس بيروت بأنه تمنى على واشنطن توسيع الدائرة في اتجاه موسكو وطهران. فلا يمكن لمحور أن ينتج رئيساً في لبنان في معزل عن المحور الآخر، وكلمة السر يفترض أن تتدحرج من السقف الدولي، الى السقف الإقليمي، الى العربي، فالمحلي، لمَنع شغور المنصب، ولتلافي الفراغ، فهل ستصِل هذه الى بيروت فجأة، وقبل انتهاء المهلة الدستوريّة؟