IMLebanon

إستنفار لتجنّب الفراغ في الأسبوع الأخير من الولاية الرئاسية

 

حركة مشاورات مكثّفة في بكركي يتولّاها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي. جولة خارجية مفاجئة لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. جلسة 22 الجاري يلفّها الغموض بين تكرار سيناريو الجلسة الأولى، وبين التمسّك برفضِ المشاركة ما لم يتحقّق التوافق. أجواء تفاؤليّة يبثّها رئيس تكتّل «الإصلاح والتغيير» ميشال عون على رغم أنّه لم يطرأ أيّ تعديل على موقف رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري، كما في ظلّ وجود مناخ سعودي لا يصبّ في مصلحته، فضلاً عن تأكيد نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أنّه «لا يمكن انتخاب رئيس من دون اتفاق لأنّ مستوى الحدّية بين

8 و14 آذار كبير جداً». الاشتباك الدستوري حول وظيفة المجلس النيابي في حال الفراغ بدأ يتفاعل. الحركة الخارجية على خط الاستحقاق الرئاسي ما زالت في إطار النيّات ولم تتحوّل بعد إلى ضغوط ومواقف حازمة لإتمام الانتخابات ضمن المهلة الدستورية. رئيس مجلس النواب نبيه برّي ليس بوارد عقدِ جلسةٍ تشريعية في فترة عشرة الأيام الأخيرة من المهلة التي دخل فيها الاستحقاق، ما يعني قطعَ الطريق على أيّ محاولات للتلاعب بالدستور.

كشفَت مصادر واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية» أنّ الحديث الذي جرى تبادله في الساعات الماضية حول احتمال تعيين بديل من قائد الجيش اللبناني مرَدّه اعتراض عون على بندِ التعيينات العسكرية الذي كان مدرجاً على جدول اعمال مجلس الوزراء والمتصل بتعيين اعضاء المجلس العسكري الثلاثة الجُدد دون المَسّ بقائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الأركان في الجيش اللواء وليد سلمان.

وقالت المصادر إنّ عون عبّر عن رفضه هذه التعيينات، ما أدّى الى نقل جلسة مجلس الوزراء من قصر بعبدا إلى السراي الكبير. وأضافت أنّ اعتراض عون استند الى رأي دستوريّ يقول إنّ استمرار قائد الجيش ورئيس الأركان في موقعيهما في ظلّ صيغة قانونية ملتبسة، في إشارة الى طريقة التمديد التي اعتُمدت لهما حتى العام 2015 في ظلّ فقدان ايّ قانون يكرّس التمديد لهما، لا يشجّع على تعيين اعضاء المجلس العسكري وأنّ ما هو مطلوب تسوية اوضاع الجميع دفعة واحدة.

واعتبرت المصادر أنّ طبخة التمديد التي كان مهّد لها الراعي من زاوية عدم جواز إقفال قصر بعبدا، ودخول عون على خطّها في محاولة لاستبعاد قهوجي من قيادة الجيش واستطراداً السباق الرئاسي وإنضاج ظروف التوافق على شخصه، قد اصطدمَت برفض حازم من قبل «القوات اللبنانية»، وتشديد من قبل «حزب الله» على لسان نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أنّ «التمديد لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان اصبح من الماضي ولا محلّ له لا ظاهراً ولا مستورا»، وإعلان برّي رفضَه البحث بأيّ جلسة تشريعية توفّر الأرضية الدستورية للتمديد، ما أدّى إلى سقوط هذه المحاولة في مهدِها.

وعلى أثر فشلِ هذه الطبخة قالت المصادر إنّ رئيس الجمهورية رفض المَسّ بشكل نهائي بوضع قائد الجيش في هذه المرحلة بالذات، ليس لأنّ العهد في نهايته ولا يمكن التلاعب بأوضاع المؤسسات الكبرى مثل المؤسسة العسكرية التي تُلقى عليها مسؤوليات جسام فحسب، بل لأنّ الجيش يقوم اليوم بتنفيذ سلسلة من الخطط الأمنية الدقيقة والهامّة في اكثر من منطقة في لبنان وهو ليس في وارد السماح بأيّ تعديل او تغيير في قيادته لأنّه قد يُعتبر جريمةً أيّاً تكن الظروف التي يمكن ان تدفع في هذا الإتجاه.

حراك في كلّ الاتجاهات

في هذا الوقت، يستعدّ الرئيس سليمان لمغادرة قصر بعبدا في الرابع والعشرين من الجاري، عشية الخطاب الذي سيلقيه الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصر الله. بدوره يستعد رئيس الحكومة تمام سلام للسفر الى السعودية ولقاء الملك عبد الله بن عبد العزيز وعدد من المسؤولين والرئيس الحريري الذي يُجري بدوره محادثات مع رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة، في وقت بدأ جعجع زيارته الخارجية من باريس التي يلتقي فيها الحريري للتداول في الاستحقاق الرئاسي، كما يلتقي مسؤولين أميركيّين وأوروبّيين للتداول في ملف الشرق الأوسط ولبنان.

قاسم

وأكّد قاسم «أنّنا متمسّكون بانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت، ومقتنعون انّه لا يمكن انتخاب رئيس من دون اتفاق لأنّ مستوى الحدّية بين 8 و14 آذار كبير، لذلك لا بدّ من الاتفاق»، لافتاً إلى «أنّنا لم نعلن حتى الآن الاسم الذي نطرحه لرئاسة الجمهورية والسبب هو إعطاء فرصة للاتفاقات العملية»، موضحاً أنّه «إذا تمّ الاتفاق مع عون على اسم الرئيس فعندها سنسير بهذا الاتفاق وإذا لم يتمّ فعندها لكلّ حادث حديث».

وشدّد على أنّ «التمديد لسليمان اصبح من الماضي، ولا محلّ له لا ظاهراً ولا مستورا»، متمنّياً أن يحصل الانتخاب في المهلة الدستورية، مُعرباً بالمقابل عن «استبعاده هذا الأمر».

واضاف قاسم أنّ «الفراغ إن حصل فسيكون نتيجةً وليس من دعوة إليه»، لافتاً إلى انّ «الظروف السياسية الايجابية التي أنجَزت الحكومة هي نفسُها تساعدنا على اختيار رئيس»، معتبراً أنّ «البعض يجب ان يعرف جيّداً أنّ طول الزمن لن يغيّر بالنتائج».

الراعي

وقد حضرَ الاستحقاق الرئاسي أمس في لقاءات البطريرك الراعي مع كلّ من وفد «حزب الله» والسفير السعودي علي عواض عسيري.

وأعلن الحزب عدم مشاركته في الجلسة الانتخابية المقبلة «إن لم يكن ثمّة رئيس متفق عليه، وليس شخصية تحَدٍّ». ورأى رئيس المجلس السياسي في الحزب السيّد ابراهيم امين السيّد أن «لا ديموقراطية مجرّدة في لبنان بل «ديموقراطية سياسية» تأخذ في الاعتبار رأي كلّ القوى السياسية. وقال إنّه حين يعلن مرشّح فريق 8 آذار ترشيح نفسه للانتخابات يعلن الحزب عنه.

وأشار السيّد من جهة ثانية الى أنّ الحزب ابلغَ الى الراعي رؤيته حول زيارته المرتقبة الى الأراضي المقدّسة، ووضعه في أجواء ما يراه من «تداعيات سلبيّة» قد تنتج عنها.

من جهته، أعلنَ عسيري أنّ بلاده تدعم ايّ توافق لبناني-لبناني بامتياز لإنتخاب رئيس للجمهورية، مؤكّداً أنّه «ليس مقبولاً أن تتدخّل السعودية أو أيّ دولة أخرى في الشؤون اللبنانية، فالإستحقاق يقع على عاتق المسيحيّين في الدرجة الأولى، وهناك وجود شركاء لهم في هذا البلد».

غيّاض

وأوضحَ المستشار الإعلامي في الصرح البطريركي في بكركي وليد غيّاض لـ»الجمهورية» أنّ «اللقاء مع وفد «حزب الله» كان صريحاً وشفّافاً، وأنّ كلّ طرف قال ما لديه، فأوضح الحزب أنّه يزور بكركي بعيداً من منطق التشكيك والتخوين، وأكّد أنّه يقدّر عالياً انفتاح البطريرك وزيارته المناطق اللبنانية كافّةً، لذلك شاء مخاطبتَه مباشرةً وليس عبر وسائل الإعلام، كي يعرض وجهة نظره أمامه من زيارة الاراضي المقدّسة».

أضاف غيّاض: «كان ردّ البطريرك واضحاً، وهو ما يعلنه على الملأ، أنّ زيارته محسومة، ولها دوافعها الرعوية، وهي بعيدة من السياسة». ولفتَ غيّاض أنّ «الحوار مع الحزب يحصل عبر لجنة تواصل، تبحث في كلّ الأمور على رغم أنّ كلّ طرف له مواقفه الواضحة». وأوضح أنّ «الحزب والبطريرك أكّدا ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري رفضاً للفراغ». وأكّد غيّاض من جهة ثانية أنّ «زيارة عسيري الى بكركي تمّت بناءً على دعوة من البطريرك قبل سفر الأخير الى الفاتيكان وباريس، وتناوَل البحث الاستحقاق الرئاسي، فأكّد السفير السعودي للبطريرك أنّ هذا شأنٌ لبناني داخلي، ودور المسيحيّين فيه أساسي، وعليهم أن يؤدّوه كي لا نصل الى الفراغ».

أجواء غير مريحة

وقد لفتَ أمس ما ورد في مقدّمة نشرة الـotv المسائية من أنّ «أجواء اللقاء بين الراعي ووفد «حزب الله» لم تكن مريحة، ومقاربة الفريقين لم تكن واحدة، لا سيّما لجهة طلب بكركي من الحزب إعلان مرشّحه للرئاسة». ومن الواضح أنّ «التيار الوطني الحر» أراد عبر ما تقدّم توجيهَ رسالة غير مباشرة إلى الحزب بأنّه مستاءٌ من عدم تسميته عون، وإصرارِه على التمسّك بوصول مرشّح توافقي.

رسالة سليمان

وكان سليمان وجّه أمس رسالة الى المجلس النيابي بواسطة رئيس المجلس يطلب بموجبها، واستناداً إلى الفقرة /10/ من المادة /53/ من الدستور، العملَ بما يفرضه الدستور وما توجبه القوانين لاستكمال الاستحقاق الدستوري تفادياً للمحاذير والمخاطر التي قد تنشأ جرّاء عدم انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية قبل 25 أيار الجاري.

مصادر دستورية

وذكرت مصادر دستورية لـ«الجمهورية» أنّه عندما أَولى اتفاقُ الطائف رئيسَ الجمهورية حقَّ توجيه رسائل الى مجلس النواب، عَنى بذلك أن يأتي الرئيس شخصياً الى المجلس ويوجّه الرسالة من على منبره مباشرةً وليس بواسطة ساعٍ كما فعلَ مرّةً الرئيس إميل لحّود في أواخر عهده عندما طلب إصدار قانون الانتخابات النيابية ولم يلقَ أذناً صاغية لدى المجلس، كما يبدو أنّه حصل الآن. فلرئيس الجمهورية ان يطلب عقدَ جلسة خاصة ويحضر الى المجلس النيابي ويتوجّه من على منبره الى الشعب اللبناني في المواضيع العائدة الى صفته كرئيس للدولة، والمحددة في المادة 49 من الدستور.

وأكّدت المصادر أنّ الدستور هو الذي يلزم المجلس الاجتماعَ حُكماً في دورات متواصلة من دون توقّف حتى انتخاب رئيس جمهورية.

الرفاعي

من جهته، قال المرجع الدستوري حسن الرفاعي لـ«الجمهورية» إنّ من صلاحيات رئيس الجمهورية توجيه رسائل الى المجلس النيابي، لأنه حامي الدستور ويحافظ على التقيّد بأحكامه وتنفيذها.

واعتبر أنّ رسالة رئيس الجمهورية الى النواب هي للفتِ نظرهم والتأكيد عليهم ضرورة التقيّد بأحكام الدستور لجهة وجوب حضورهم لإنتخاب رئيس جديد، وإنّ اهمال النواب وعدم حضورهم هو مخالفة للدستور.

وأكّد الرفاعي «أنّ عدم اجتماع المجلس هو بدعة جديدة مخالفة للدستور، والحضور الى المجلس واجبٌ دستوري يقع على عاتق النواب».

مجلس وزراء

وفي هذه الأجواء، عَقد مجلس الوزراء جلسته في السراي الحكومي عصر أمس بعد نقلِها من قصر بعبدا، وأقرّ خلالها خفض أسعار المكالمات الهاتفية الخلوية والثابتة، ومدّد تعيين الدكتور معين حمزة أميناً عامّاً للمجلس الوطني للبحوث العلمية لسنتين، وعيّن ياسر ذبيان رئيساً لمجلس الإدارة ومديراً للمؤسسة العامة للاسواق الاستهلاكية، والدكتور فيصل شاتيلا رئيساً لمجلس ادارة مستشفى رفيق الحريري الحكومي ومديراً عاماً، ويحيى خميس مديراً عامّاً لتعاونية موظفي الدولة.

حرب ـ باسيل

وعند طرح بندِ تخفيض أسعار الهاتف الخلوي والثابت، وجّه وزير الاتصالات بطرس حرب كلاماً حادّاً إلى وزير الخارجية جبران باسيل، مجدّداً الاتّهام بأنّ الادارة السابقة لقطاع الاتصالات كان يشوبها مخالفات عدّة وقرارات غير مفهومة. وذكر أنّه سيحيل إلى الإدّعاء المالي مبلغ 750 مليون دولار التي صُرِفت على تأهيل قطاع الخلوي والثابت.

لكنّ باسيل لم يردّ على كلام حرب بشكل مباشر، وانتقل الحديث الى مناقشة بند التخفيض، فاعترض بعض وزراء «8 آذار» ليس على التخفيض، بل بسبب عدم تقديم حرب دراسة ماليّة حول حيثيات هذا القرار وما يمكن أن يترتّب عليه.

فاقترح رئيس الحكومة إحالة البند المذكور على التصويت فجاءت النتيجة 13 صوتاً لمصلحة إقرار البند مقابل 9 أصوات رافضة بسبب عدم إرفاقه بدراسة ماليّة. والوزراء الرافضون هم: باسيل، محمد فنيش، حسين الحاج حسن، علي حسن خليل، ارتور نزاريان، الياس بو صعب، روني عريجي، غازي زعيتر، إضافةً إلى اعتراض وزير الداخلية نهاد المشنوق.

ملفّ التعيينات

وفي ملفّ التعيينات علمت «الجمهورية» أنّ وزير الصحة وائل أبو فاعور يحضّر سلّة تعيينات تتعلق بمجالس إدارة عدد من المستشفيات الحكومية ستطرح على جلسة مجلس الوزراء الجمعة المقبل، وهي الجلسة الأخيرة في عهد سليمان. كذلك فإنّ الحديث لا يزال يدور حول إمكان تمرير تعيين الأعضاء الثلاثة في المراكز الشاغرة في المجلس العسكري التي تشمل تعيين مدير الادارة وعضو مجلس متفرّغ ومفتش عام، وسط استمرار رفض قوى 8 آذار هذا الأمر، طالبين إرجاءَه الى العهد الجديد.

ملفّ النازحين

وشهدَ ملف النازحين السوريين نقاشاً طويلاً ومتشعّباً، وأبدى الوزراء وجهة نظرهم حياله، ونتيجة الخلاف حول السياسة التي يمكن أن تعتمدها الحكومة في إدارة هذا الملفّ تمّ إرجاؤه الى جلسة الأسبوع المقبل.

مصادر وزارية

وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» إنّ طلب رئيس الحكومة سحبَ بندِ تعيين المجلس العسكري لا إرجاءَه يعني أنّه سيُجري اتصالات حوله لإعادة طرحه على مجلس الوزراء الأسبوع المقبل. وأكّدَت أنّه سيتمّ التداول بسلّة تعيينات أخيرة تُمرَّر في عهد سليمان.

لكنّ مصادر وزارية أخرى استبعدَت ان يُعاد طرح تعيينات المجلس العسكري في ظلّ الحكومة الحالية.

مجلس دفاع

إلى ذلك، ينعقد مجلس الدفاع الأعلى في التاسعة صباح غدٍ الأحد في بعبدا لتقويم الأوضاع الأمنية في عهد سليمان ومسار الخطة الأمنية في البلاد، وللبحث في ملف النازحين السوريّين.