IMLebanon

إمبراطورية من «ورق» [2/2] إيران والحدود المزعومة

  

لم يكن كافياً كما يبدو ما صدر عن الجنرال يحيى رحيم صفوي عن حدود إيران الممتدة إلى البحر الأبيض المتوسط، حتى أعقبتها تصريحات أكثر فجاجة من سابقتها عن «نائب» قاسم سليماني رئيس الحرس الثوري الإيراني والمسؤول الأول عن خراب العراق وسوريا واغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وكل ما يحدث على أرض لبنان منذ 14 شباط العام 2005، فقد صرح اللواء حسين همداني ـ والذي ينوب عن قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني في التنسيق مع القيادة السورية ميدانيا على الأرض ـ خلال اجتماع اللجنة الإدارية لمحافظة «همدان»: «استطاع الإيرانيون تكوين «حزب الله الثاني» في سوريا»، مؤكداً أنّ «بلاده على استعداد لإرسال 130 ألفا من عناصر قوات التعبئة الباسيج»، هذا التصريح سرعان ما قامت «وكالة فارس للأنباء» بحذفه بعدما كانت نشرته على صفحة المحافظات الإيرانية بالفارسية!!

لطالما شكّلت الإمبراطورية الفارسية الهالكة وبالتعاون الوثيق والموثّق تاريخياً مع اليهود زمن الفتوحات الإسلامية يداً واحدة لزعزعة استقرار بلاد الإسلام ونشر التفرقة بين المسلمين، ولطالما اشرأبَّ رأس الفرس كلما تحيّنوا الفرصة تحت ستار «أهل البيت» لاستعادة «ملك كسرى»!!

لم يختلف كثيراً ماضي التاريخ عن واقع الحاضر، ففي مذكراته يروي آرييل شارون: [توسعنا في كلامنا عن علاقات المسيحيين بسائر الطوائف الأخرى، لاسيّما الشيعة والدروز، شخصياً طلبت منهم توثيق الروابط مع هاتين الأقليتين، حتى أنني اقترحت إعطاء قسم من الأسلحة التي منحتها «إسرائيل» ولو كبادرة رمزية إلى الشيعة الذين يعانون هم أيضاً مشاكل خطيرة مع منظمة التحرير الفلسطينية، ومن دون الدخول في أي تفاصيل، لم أرَ يوماً في الشيعة أعداء «إسرائيل» على المدى البعيد] (مذكرات أرييل شارون ص:583 -584  الطبعة الأولى سنة 1412 هـ / 1992).

كلام شارون ليس من فراغٍ، بل حقيقة تأخذ أبعادها عندما نقع عليها مرات عدّة تحكي عن العلاقة الوطيدة لإيران الخميني بإسرائيل، نقلت مجلة «ميل ايست» الشهرية البريطانية في عدد تشرين الثاني عام 1982 أن مباحثات تجري ما بين إيران و»إسرائيل» تقضي بتوريد نفط إيراني إلى «إسرائيل» بأسعار مخفضة في مقابل أن تمد «إسرائيل» إيران بأسلحة فلسطينية صادرتها في لبنان، كما شكلت «إسرائيل» المصدر الرئيسي والأكبر لتسليح إيران منذ عام 1980 إلى اليوم، وقد قدرت على سبيل المثال «وكالة الأنباء السويدية» الرسمية في 18 آذار 1984 حجم مبيعات الأسلحة من «إسرائيل» لإيران عام 1983 بـأربعة ملايين دولار، بسبب الحظر الأميركي الرسمي والظاهري على تصدير الأسلحة لإيران!!

وحدهما إيران وإسرائيل دولتان عرقيتان دينيتان عنصريتان، فقد أسمى الساسانيون إمبراطوريتهم «إيران شهر» أي سيادة «الإيرانيون الآريون» (226 – 651)، وترجع تسمية الساسانيين إلى الكاهن الزرادشتي ساسان الذي كان جد أول ملوك الساسانيين أردشير الأول، وحتى نفهم تمسك إيران بالحقبة الفارسية علينا أن نلتفت صوب ما وثّقه المؤرخون، بأن «مرحلة الإمبراطورية الساسانية تعتبر من أهم المراحل التي مرت بها إيران على مدار تاريخها والتي شكلت فيما بعد تغيير لقناعات الفرس وأصبحت تلك الحقبة مصدر إلهام للفرس منذ القدم وحتى الآن…

هذه «الإمبراطورية» هلك «كسراها» [خُسرو الثاني (590 – 628)] منذ دعا عليه نبيّ الإسلام، صلوات الله عليه، فقفز عليه «شيرويه» ابنه الكبير فقتله، ثم ما لبث أن قتل ابنه، ثم قُتل من قتله، حتى تمزق ملك كسرى، وهلكت عندما وعد نبي الإسلام في طريق هجرته إلى يثرب «أعرابياً» هو سُراقة بن مالك فقال لسراقة: «كيف بك إِذا لبست سِوَارَيْ كسرى ومِنْطَقَتَه وتاجه، فقال سراقة: كسرى بن هرمز؟ فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : نعم»، وهلكت ثالثة عندما فرّ آخر «كسرى» قبيل معركة المدائن تاركاً بناته الثلاث -كأنه يذكرنا ببعض «أكاسرة» هذا الزمن ـ والذي لن يكون بعده كسرى، عندما هزم جيشها في معركة القادسية، حتى أخذه المسلمون، وفتحوا بلاده كلها في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه فلما أَتي عمر بسوَاريْ كسرى ومِنطقته وتاجه، دعا سراقة بن مالك وأَلبسه إِياهما. وكان سراقة رجلًا كثيرَ شعر الساعدين، وقال له: ارفع يديك، وقل: اللّه أَكبر، ورفع عمر صوته بالقول: «الحمد للّه الذي سلبهما كسرى بن هرمز، الذي كان يقول: أَنا رب الناس، وأَلبسهما سراقةَ رجلًا أَعرابيًا، من بني مُدْلِج».

ونقول: للمرة الثالثة ستنكسر شوكة الفرس ويهلكون، وستنزل بهم نكبة أشد من نكبة البرامكة وأشد من كلّ نكبة نزلت بهم، فلن ـ ولا والله ـ لن يستقيم ملكٌ دعا عليه محمد رسول الله أن يمزّق كلّ ممزّق ولن يحكم أرض الإسلام بعد نبيّهم، شاء الخميني والخامنئي  وأتباعهما عن علم أو عن جهل أم أبوا!!