IMLebanon

إنتخاب الأسد يُطلق حربَ استنزاف في المنطقة

لا يحتاج اللبنانيّون أن تعلن لجنة الانتخابات الرئاسية السورية فوزَ المرشّح بشّار الأسد رئيساً لفترة رئاسية ثالثة. فهُم أيقنوا أكثر من غيرهم أنّ الشغور الرئاسي كان أحد أكثر الشروط الضرورية لتأمين «انتصاره»، وأنّ الـ»عراضة» الانتخابية التي شهدتها أرضهم وعلى أبواب السفارة السورية، كانت نموذجاً عمّا حصل للسوريّين على أرضهم أيضاً.

سيخرج من يقول إنّ ما بعد إعادة انتخاب الأسد لن يكون كما قبله، والحق يقال إنّ في الأمر صحّة، خصوصاً أنّ لبنان ما بعد اندلاع الأزمة السورية هو غيره اليوم. وإذا كانت تقديرات الأمم المتحدة المتواضعة تشير إلى أنّ عدد اللاجئين السوريين في لبنان سيصل نهاية السنة الى مليوني لاجئ، نستطيع تخيّل المستقبل الذي يعدُنا به «منتشو» انتصار الأسد على الإرهاب في سوريا، عندما ينقل السوريّون خلافاتهم وتعقيداتهم الكيانية والسياسية الى لبنان، مع كتلة بشرية ستعادل نصف عدد سكانه!

تقول مصادر أميركية مطلعة «إنّ قرار إعادة «تعيين» الأسد رئيساً على سوريا، يَحسم، على الأقلّ في هذه المرحلة، أنّ الأمور تسير نحو تعقيدات أكثر حدّة، سواء في المشهدين المحلي أو الإقليمي». وتشير إلى أنّ «الرهان على حلحلة مرتقبة في العلاقات الإيرانية – السعودية خصوصاً، والإيرانية – العربية عموماً، بلغ حائطاً مسدوداً، بعد الاعتذار «اللبِق» لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن زيارة السعودية، والخطاب «الخشبي» للمرشد الإيراني آية الله علي خامنئي على مسمع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح».

لا بل هناك من يقول «إنّ شعور إيران بتحقيق انتصارات على جيرانها، انطلاقاً من اعتقادها أنّها مقبلة على تحقيق اتّفاق على ملفّها النووي، ما يؤهّلها للمطالبة بثمنٍ ودور أكبر في المنطقة، يفتقر إلى كثير من الدقّة وصحّة في التقدير». وتتساءَل المصادر «عمّا إذا كانت واشنطن ترغب حقّاً في مقايضة كهذه، فيما تدلّ المؤشّرات بغالبيتها على أنّ هذا الملف لن يكون بطاقة عبور لطهران لكي تصول وتجول في المنطقة. فما الذي يُجبرها على تقديم هذه الجائزة إلى حكّام إيران، ما دامت تُمسك مجدّداً بملف العلاقات الدولية وبأدوات داخلية هذه المرّة؟ هذا إذا أردنا أن ننطلق فقط من خطاب الرئيس الأميركي باراك اوباما في كلّية «ويست بوينت» العسكرية الأسبوع الماضي.

وهل موقع إيران الإقليمي أهم من موقع تركيا المرتبكة في كثير من ملفات المنطقة؟ وماذا عن موقع إسرائيل؟».

وتضيف المصادر: «سيصبح السؤال أكثر إلحاحاً إذا نظرنا إلى التعقيدات التي تتعرّض لها روسيا في ملفّات عدّة، خلافاً لعراضات «الفيتو» وصفقات الغاز مع الصين وتطبيق عقود التسَلح مع النظام السوري.

فأوباما يجول في القارّة الأوروبية، بعدما أجبر نظيرَه الروسي فلاديمير بوتين على سحب قسم كبير من قوّاته من الحدود مع أوكرانيا، فيما يواصل الجيش الأوكراني استعادة مناطق الشرق خطوةً خطوة. ولم تلقَ مناشدات الإنفصاليين بتدخّل موسكو لإنقاذهم آذاناً صاغية، لا بل شهدَت كييف إنتخابات رئاسية على رغم كلّ التهديدات، على أن يلتقي أوباما الرئيس الأوكراني المنتخب بيترو بوروشينكو خلال جولته، بعدما تحوّلت قضية الغاز بين أوكرانيا وروسيا، مشكلة قانونية وإجرائية.

أمام هذا الواقع، تسأل المصادر: «هل من الحكمة القول إنّ النظام السوري سيربح الحرب في مواجهة معارضيه، فيما كلّ المؤشّرات تؤكّد أنّ ما بعد الإنتخابات السورية لن يكون كما قبلها، خصوصاً أنّ قوانين حرب الإستنزاف باتَت مكتملة الأوصاف، ليس في سوريا فحسب، بل في المنطقة برُمّتها»؟