IMLebanon

إنتخبوا الخليفة!

لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية… هكذا جاء في مقدمة الدستور.

ولكنَّ لبنان أصبح في مؤخرة الدستور ولم يبقَ كما جاء في الكتب، إنه الآن: جمهورية بلا رئيس، دولة بلا حاكم، وجسمٌ برلمانيٌ بلا رأس، والبرلمان فيه كتَلٌ يحكمها خمسة رؤوس متناطحة، وفي النطاح ينكسر الكبش الذي لا قرون له.

العرش الذي لا يجلس عليه ملك، يصبح مملوكاً من أشباح الثورة، فكم إذا كانت ثورة الربيع العربي، ثورة العنف والتطرف والدم والتكفير باسم الدين، خلافاً لما يتمنّى الشاعر العربي أدونيس «أن تخرج الثورة من الجامعات لا من الجوامع».

في جمهورية لبنان الديمقراطية البرلمانية، إنْ لم يتمّ ديمقراطياً انتخاب الخليفة للرئيس ميشال سليمان، فإننا نخشى – مع انتظار الإنهيار – أن يتمَّ ديكتاتورياً إنتخاب الخليفة أمير الدولة الإسلامية في العراق والشام.

المحاولة الخلافية بدأت تجاربها الإختبارية في العراق، وبين لبنان والعراق وجه شبه في الجمهورية والدستور وأكاد أقول في الأمن، وأخشى أن أقول في الخلافة.

في لبنان شغور رئاسي وقلْ: برلماني وحكومي مضخّم، وقد فشلت الكتل السياسية من انتشال هذا الشغور من فراغات القصور.

وفي العراق شغور رئاسي وحكومي وبرلماني، ولأن الكتل السياسية العراقية قد فشلت في تعبئة الفراغ السلطوي المثلث بالإنتخاب فقد تغلَّبتْ سلطة خليفة المسلمين «أبو بكر البغدادي»، فعيّن الليبي «أبو أسامة المصراتي» والياً على ناحية من نواحي العراق «وأبو عمار العراقي» نائباً له.

عندنا… إذا استمرّ أهل الكهف بتحنيط أنفسهم، فقد يصبح من القريب والرهيب أن يشكل الشغور اللبناني المثلث، حالة مألوفة أقلّ محاذيرها انهيار مقومات الوطن ومقدرات البلاد وإطاحة أسس الدولة بنيةً ودستوراً ونظاماً.

وإن استمرار هذا الفراغ السياسي والعقلي في لبنان، يؤول مع الوضع الأمني المهتزّ الى تنامي الشبكات والخلايا الإرهابية فيه، والى عصيان الأمراء وثورة الخلفاء غير الراشدين، فيما الأنبياء والرسل وأهل الهدْيِ في الأرض يسجّيهم التطرف على فراش الإعتزال أو الإغتيال.

يوم سقطت دول المشرق بسبب الخلافة في غيبوبة الرجل المريض، ألغى أتاتورك الخلافة وأنقذ الدولة التركية من المرض.

وحين تتخبَّط دول المشرق اليوم في معاناة الرجل المريض يُطرح مجدداً موضوع الخلافة، في ظل احتضار الأنبياء.

لعلنا اليوم نخاطب المسلمين بلسان الشاعر عمر أبو ريشة يوم اختير أبو بكر الصديق خليفة والنبي على فراش الإحتضار فقال في إحدى مسرحياته:

تتعجَّبون ومِلْءُ ماضيكمْ، فجاءاتٌ طريفَهْ

أَنسيتُمُ ما كانَ من ساداتِكم يومَ السقيفَهْ

تركوا النبيَّ على فراشِ الموتِ وانتخبوا الخليفهْ.