IMLebanon

الإستحقاق الرئاسي والملفات الأساسية في إجازة حتى إشعار آخر

الإستحقاق الرئاسي والملفات الأساسية في إجازة حتى إشعار آخر

تحذير بري من «سايكس بيكو» جديدة لم يأتِ من فراغ.. والوضع الأمني تحت المجهر

إنقطاع شرايين التواصل السياسي يُعيق مقاربة الملفات الداخلية ويضعها على رف الإنتظار

كل المعطيات الداخلية والخارجية تتقاطع عند نقطة واحدة وهي أن الاستحقاق الرئاسي ومعه الملفات الأساسية قد دخلا في إجازة حتى إشعار آخر.

وما يعزّز هذا الواقع هو غياب أي مبادرة من داخل وخارج الحدود من شأنها أن تحرّك مياه هذا الاستحقاق الراكدة بفعل غياب التفاهم والتوافق بين مختلف القوى السياسية على شخص الرئيس العتيد، إضافة الى إغلاق دول القرار نوافذها على لبنان لانصرافها في متابعة تطورات المنطقة التي أصبحت بالنسبة للدول المعنية بالملف اللبناني أولوية قياساً لخطورتها وتأثيرها في إعادة رسم الخارطة السياسية في العديد من البلدان الشرق أوسطية التي شهدت متغيّرات داخلية على المستويين السياسي والأمني.

وفي تقدير مصدر وزاري أن لبنان ربما يبقى في مدار الفراغ الرئاسي وقتاً طويلاً، حيث أن كل الاتصالات واللقاءات التي تجري إن في الداخل اللبناني أو في الخارج لم تقدّم بعد أي إشارات إيجابية مهمة يمكن البناء عليها لبلوغ هدف انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية، لا بل على العكس إن ما هو حاصل يوحي بأن الأفق الداخلي بات مقفلاً بالكامل أمام هذه الغاية، وفي المقابل فإن العامل الخارجي الذي طالما كان يعوّل عليه في المساعدة للعبور بهذا الاستحقاق هو شبه مفقود بفعل المستجدات الأخيرة التي طرأت في أكثر من مكان وعلى وجه الخصوص في سوريا والعراق.

ويؤكد المصدر أن الجلسة المقررة اليوم للانتخاب ستكون صورة طبق الأصل عن الجلسات السابقة، وبالتالي فإن الرئيس نبيه بري سيحدد موعداً آخر، وهكذا دواليك الى أن تصبح صورة معالم المرحلة المقبلة للمنطقة واضحة، وهو ما يعني أن الاستحقاق الرئاسي قد علق في حقل ألغام المنطقة وليس من السهل إخراجه منه قبل العمل على تفكيك الصواعق وتهيئة المناخات المناسبة لهذه العملية.

وتلاقي مصادر سياسية متابعة ما تقوله المصادر الوزارية وهي تزيد على ذلك بتوقع امكانية ان يستوطن الفراغ الرئاسي لأشهر قد تتجاوز ما تبقى من هذه السنة، عازية اسباب ذلك الى غياب التفاهم الداخلي بالدرجة الاولى حتى على مقاربة هذا الاستحقاق بالشكل الطبيعي والمنطقي، وثانياً بفعل المستجدات في المنطقة وما يرسم من سيناريوهات تبعث على الخوف وهو ما ألمح اليه الرئيس نبيه بري في كلمته امام نظيره الكويتي والتي ترحم فيها على «سايكس بيكو» في دلالة واضحة منه على ان المخطط القادم الى المنطقة يرمي الى تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، وأن لبنان هو من بين الدول التي تتأثر بشكل فعلي ومباشر من اي سيناريو من هذا النوع. وتنبه المصادر من ان تداعيات ما يجري حولنا ستكون سيئة للغاية في حال بقيت الساحة الداخلية مبعثرة ومخلعة الابواب تدخل اليها الرياح من كل حدب وصوب، لافتة النظر الى ان الاجراءات والخطوات الامنية التي تتخذ والتي يعلن عن بعضها فيما البعض الآخر يبقى طي الكتمان تأتي نتيجة المخاوف من ارتدادات الواقع السوري والعراقي على لبنان، وان سيناريو السيارات المفخخة والعمليات الانتحارية ما تزال ماثلة امامنا، وان هذا الامر ربما يتكرر في ظل الحديث عن ايقاظ خلايا ارهابية كانت نائمة بعد التطورات الدراماتيكية والخطيرة التي حصلت في العراق.

واذا كانت المصادر تتوجس خيفة من لجوء بعض الجماعات الى توتير الاجواء الامنية، فإنها في الوقت ذاته تؤكد بأن المظلة الدولية الواقية ما تزال موجودة فوق لبنان، وان هناك تطمينات من بعض السفراء الاجانب بأن المس باستقرار لبنان غير مسموح، وبالتالي فإن حصول احداث متنقلة في هذه المنطقة او تلك لا يعني على الاطلاق ان الامور قد تفلت على غاربها، لانه لا يوجد اي طرف لبناني من الممكن ان يستفيد من اللعب بالملف الامني الذي إن هو انفجر فإن شظاياها ستطال الجميع.

وتكشف المصادر عن أن لبنان تبلغ رسائل من اطراف خارجية بأن عليه التعايش مع الواقع السياسي الحالي اي الفراغ الرئاسي الى حين تبلور الاوضاع في المنطقة وتحديداً في سوريا، على ان لا يكون هذا الامر سبباً في ارتفاع منسوب التجاذب وبالتالي تحريك الشارع الذي يعيش حالة من الاحتقان المخيف، وان المسؤولين اللبنانيين اخذوا بهذه النصيحة من منطلق ان لا حول ولا قوة في ظل هذا الانشطار السياسي الذي يقصم ظهر جميع اللبنانيين من دون استثناء.

وترى المصادر ان لا قرار خارجي بعد بعبور لبنان الاستحقاق الرئاسي، وان هذا الملف بالنسبة لبعض الدول المعنية وضع من ضمن الملفات التي يجب العمل على معالجتها سلة واحدة في المنطقة، وهو ما يعني ان لبنان سيبقى مترقباً ومنتظراً مسار التطورات في المنطقة الى ان ينجلي هذا الوضع وتنضج التسوية التي ستلي المخاض العسير الذي نشهده في اكثر من مكان.

وتلفت هذه المصادر النظر الى انه في غياب المبادرات وابتداع الصيغ الملائمة لولوج الاستحقاق الرئاسي، فإننا سنكون امام مرحلة من الانتظار القاتل، حيث ان مختلف الملفات الاساسية والكبيرة ستوضع على الرف ما دامت شرايين التواصل السياسي حولها مقطوعة، حيث النكد السياسي والنكايات تتقدم بشكل كبير على منطق التفاهم والحوار الهادئ.