IMLebanon

الاستحقاق رهين الرياض ـ طهران أو «إشتباك ما»؟

يؤكّد قطب سياسي بارز أنّ التطوّرات الداخلية والإقليمية المتلاحقة، ولا سيّما منها ما يجري في العراق، ستؤخّر إنجاز استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية إلى أمَد بعيد، ربّما يكون أواخر السنة الجارية، ما يلغي التوقّعات بإنجازه بين أواخر آب ومطلع أيلول المقبلين.

ويقول هذا القطب إنّ إنجاز هذا الاستحقاق مرهون بأمرين: الاوّل ان تتّفق المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية على عمل مشترك في اتجاه الافرقاء اللبنانيين لدفعهم الى الاتفاق على انتخاب رئيس جمهورية جديد. والثاني حصول «اشتباك ما» داخليّاً، يفرض على الجميع الاتفاق على إنجاز الاستحقاق الرئاسي.

ويرى القطب نفسه في هذا المجال أنّ هذا «الاشتباك» المفترض ليس بالضرورة ان يكون عسكريّاً، مثلما حصل عام 2008، إذ ربّما يكون سياسياً، لأنّ القادر على الاشتباك العسكري ليس في وارد الدخول في مواجهة مع أحد، فضلاً عن أنّ الذين يمكنهم العمل لإحداث هذا الاشتباك، من أطراف داخليين أو خارجيين، مشتبكون الآن في ما بينهم، أو مشاركون في معارك على جبهات أخرى مع خصومهم، ما يمنعهم من الدخول في اشتباكات جديدة.

وإلى ذلك، يعتبر القطب أنّ ما يؤخّر إنجاز الاستحقاق داخلياً هو انعدام التوافق بين مختلف القوى المسيحية، ما يشجّع بعض الأفرقاء الآخرين على توظيف هذا الخلاف المسيحي ـ المسيحي في مواجهة خصومهم على جبهات أخرى ذات أبعاد داخلية وإقليمية، وهذا الامر يجعل انتخاب رئيس جديد للجمهورية أمراً غير مُلِحّ بالنسبة إليهم. في حين أنّ اتّفاق المسيحيين بقواهم السياسية والشعبية على رئيس جمهورية من شأنه ان يلزم الاطراف الآخرين بالسير به، ويُبطل بالتالي، أو يخفّف، من أيّ تدخّل خارجي في الاستحقاق، أو على الأقل، يدفع القوى الخارجية إلى مجاراته وعدم عرقلته.

وفي اعتقاد هذا القطب أنّ الرياض وطهران إذا اتّفقا على إطار معيّن حول مستقبل العلاقة بينهما وإزاء مستقبل الوضع في المنطقة، فإنّ في إمكانهما عندئذ مفاتحة الأفرقاء اللبنانيين في الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي حضّهم على انتخاب رئيس جديد.

لكنّ التحضير التمهيدي للّقاء السعودي – الايراني الموعود لم يحصل بعد، على رغم «الدردشة» التي حصلت في القاهرة بين وليّ العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز وبين مساعد وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان على هامش الاحتفال بتنصيب المشير عبد الفتاح السيسي رئيساً لمصر في الآونة الأخيرة. علماً أنّ الانطباع السائد هو أنّ هذا اللقاء السعودي ـ الايراني ربّما حصل في خلال الايام العشر الأخيرة من شهر رمضان المبارك، خصوصا إذا تلقّى الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني دعوة ملكية سعودية الى أداء مناسك العُمرَة في الديار المقدّسة.

وفي رأي القطب السياسي أنّ معركة الاتفاق على مرشّح رئاسي لم تبدأ فعلياً بعد، لكنْ هناك اقتناع لدى الجميع بأنّ الرئيس العتيد لا يمكن ان يكون إلّا توافقياً، لأنّ أحداً من الافرقاء السياسيين لا يملك اكثرية تمكّنه من إيصال مرشّحه الى سدّة رئاسة الجمهورية. و الواضح من التحركات والمواقف انّ لحظة الجلوس على طاولة التفاوض لاختيار الرئيس التوافقي، لم تحِن بعد، إذ لا يزال الافرقاء يسعون، كلٌّ وراء خياراته من دون مناقشة الآخرين بها، فيما المطلوب أن يتّفقوا على شخصية تشكّل عنصر جمعٍ لا قِسمة بين اللبنانيين وتتمتّع بحيثية تمثيلية في بيئتها، وكذلك بحيثية وطنية وخطاب وطني جامع مدركٍ كُنه الفسيفساء السياسية والطائفية اللبنانية المعقّدة وحقيقة لبنان كياناً نهائياً لجميع أبنائه.

ويكشف القطب السياسي نفسه أنّ المفاوضات التي جرت بين رئيس تكتّل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون والرئيس سعد الحريري لم تحقّق أيّ نتائج، وأنّها انتهت بلا الإعلان رسمياً عن انتهائها، إذ لا يزال الطرفان يواظبان على التأكيد أنّها مستمرّة، فيما المعلومات والوقائع التي ثبتت لدى غالبية الاوساط والقيادات السياسية، تؤكّد أنّ عون قد أيقن نهائياً أنّ الحريري ليس في وارد، أو لا يستطيع، القبول به رئيساً توافقياً، أو حتى غير توافقي، للجمهورية، وبالتالي فإنّ حظوظه للوصول الى قصر بعبدا ليست متوافرة، وقد نقل عنه هذا الانطباع بعض الذين التقوه في الآونة الاخيرة.

ولذلك فإنّ حلفاء عون ما زالوا ينتظرون عودته إليهم ليبدأوا وإياه البحث في خيارات وأسماء أُخرى للاستحقاق الرئاسي.

على أنّ عدم قبول الحريري وتيار «المستقبل» وحلفاؤهما بعون مرشّحاً توافقياً، لا يعني أنّ ذلك سيوفر لمرشّحهم في حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع فرصة للفوز بالرئاسة، فمثلما لا يمكنهم القبول بعون رئيساً، لا يمكنهم في مكان ما القبول بجعجع أيضاً، خصوصاً أنّ البعض يعتبر أنّ ترشيحه هو ضد ترشيح عون. ولذا فإنّ البعض يعتبر أنّ انسحاب عون من ساحة الاستحقاق الرئاسي ترشيحاً، سيؤدّي حتماً إلى انسحاب جعجع، الأمر الذي سيتيح للأفرقاء السياسيين في فريقي 8 و14 آذار وخارجهما، وعلى المستوى الاقليمي ـ الدولي البحث عن مرشّح توافقي فعلي، وهناك أسماء عدّة مطروحة تكتسب هذه الصفة التوافقية، ومجرّبة في حقبات عدّة.