IMLebanon

الجرّة» انكسرت بين بكركي و«حزب الله»

عاد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى لبنان من الأراضي المقدّسة، وقدّ استقبله «حزب الله» وبعض حلفائه بالهجوم العنيف على الزيارة، «المجبول» بعبارات التخوين.

 

ستنطبع زيارة الراعي الى القدس والبلدات المارونية داخل اسرائيل في ذاكرة بكركي وموارنة فلسطين الذين وجدوا فيها سنداً يقف بجانبهم في الأيام الصعبة، لكنّ «الهيستريا» التي ردّ فيها «حزب الله» على بطريرك الموارنة بعد لقائه الأخير مع اللبنانيين المبعَدين الى اسرائيل، أثارت استياءً عارماً في الصرح البطريركي في بكركي الذي يتساءل، إذا ما كان «اللقاء مع لبنانيّين يعانون من الظلم، بات يوضع في خانة الجريمة؟»

البطريرك اتخذ قراراً بعدم الدخول في سجالٍ مع أحد، لأنّ ما أراد قوله قاله قبل الزيارة وأثناء تواجده في الأراضي المقدّسة. لكنّ أوساط كنسيّة تستغرب عبر «الجمهورية»، «هذا النوعَ من الانتقاد الذي صدر من «حزب الله»»، مشيرةً الى أنّ «التطاول على مرجعية بكركي مرفوض، خصوصاً وأنه يأتي من حزبٍ لا يسمح حتّى بالانتقاد السياسي لأمينه العام، فهذا أمرٌ يثير الشكوك، فالحوار مع «حزب الله» بدأ منذ 16 عاماً واستمرّ مع تولّي البطريرك الراعي سدّة البطريركية، لكنّ ما قبل الهجوم ليس كما بعده».

وتؤكد الأوساط أنّ «على «حزب الله» احترامَ مرجعية بكركي التي تعطي دروساً بالوطنية، ولا تقبل التخوين من أيّ فريق أتى، فأبواب بكركي مفتوحة للجميع، ومن لديه انتقاد أو تعليق فليتفضّل ويقوله مباشرةً»، مشيرةً الى «أنّ «الحزب أرسل وفداً الى بكركي قبل مغادرة الراعي الى الأراضي المقدّسة، واتفق الطرفان على إبقاء الانتقاد في اطاره الصحيح على الرغم من الخلاف حول تقييم الزيارة، لكنّ الحزب أخلّ بالاتفاق».

وتلفت بكركي الى «أنّ «حزب الله» لا يمكنه التهجّم على بطريرك الموارنة، لأنه عليه أن يعلم أنّ البطريرك يمثّل شعباً ناضلَ من أجل بقاء لبنان، والنيل من المرجعيات الوطنية هدفه ضرب بنية الدولة وعناصر صمودها».

بكركي ملاحظاتها كثيرة على أداء «حزب الله»، وقدّ بُحثت خلال لجنة الحوار بين الفريقين ولم تلقَ أيّ تجاوبٍ من الحزب، وهي تفنّد هذه الملاحظات بالتالي:

في موضوع شراء أراضي المسيحيّين: لقد طالبت بكركي ومعها المؤسسات المارونية «حزبَ الله» مراراً وتكراراً وقفَ تعدياته على بعض الأراضي التي تعود ملكيّتها الى المسيحيّين في الضاحية الجنوبية وأعالي جزين، لكنها لم تلقَ آذاناً صاغية من الحزب، كذلك، فإنّ بكركي طلبت من الحزب وقفَ عملية شراء الأراضي في المناطق المسيحية وأتباع سياسة «الاستيطان» عبر عملية الترغيب والترهيب، فكان الجواب أنّ الحزب لا دخل له في تلك العمليات، وهي تحصل عبر متموّلين شيعة، لكنّ بكركي تعلم علم اليقين مصادر أموال هؤلاء المتموّلين.

في ملف استعادة الجنسية والمغتربين: تعرف بكركي أنّ هناك تواطؤاً في ملف استعادة الجنسية للمغتربين، واذا كانت مختلف القوى السياسية مسؤولة عن هذا الخلل، إلّا أنّ «حزب الله» يقف عائقاً في هذا الملف، لأنّ معظم المغتربين هم من الطائفة المارونية وفي حال أُعيدت الجنسية لهم، فإنّ التوازن الديموغرافي سيعود الى البلاد، لذلك، يفضّل الحزب عدم اعطائهم حقهم في الجنسية لاستكمال زحفه الديموغرافي والجغرافي على حساب المسيحيّين.

تمسّك «حزب الله» بسلاحه: ترى بكركي أنّ تشبث الحزب بسلاحه وعدم تسليمه بمرجعية الدولة يشكل تناقضاً فاضحاً مع الدستور اللبناني ووثيقة بكركي، اضافة الى أنّ قتاله في سوريا ظهّر كأنّ لا وجود للدولة، وبكركي لا يمكنها إلّا أن تكون مع الشرعية.

لكنّ المشكلة التي «كسرت الجرّة» بين الحزب وبكركي هي تعطيل «حزب الله» لنصاب انتخاب رئيس الجمهورية، وتحجّجه بحليفه المسيحي العماد ميشال عون، اذ ترى الاوساط إنّ هذا التعطيل يضرب المؤسسة المارونية الأولى في الدولة، ومعه سيطالب الحزب بتغيير النظام، حيث تتخوّف بكركي من أن يتمّ هذا التعديل على حساب الموارنة.

لذلك، فإنّ التواصل مقطوعٌ حالياً بين «حزب الله» وبكركي، ولا يوجد أفق سياسي لحلّ العقد، وتعتبر بكركي أنّ بداية وصل ما انقطع يكون بتسهيل الحزب انتخابَ رئيسٍ للجمهورية، وعندها «نرى كيف نرتب العلاقة، التي لن نقبل أن تكون إلّا على اساس احترام «حزب الله» الدولة وسيادتها».