IMLebanon

الحريري لجعجع: أين هي الخروق التي أحدثتها؟

 

فعلاً نجح سمير جعجع في إثارة زوبعة من الغبار حول محادثاته الباريسية مع سعد الحريري. لم يفهم راصدو أحرفه وحركات أصابعه، إذا كان مضيفه وضع أمامه «غريمَه» ميشال عون، بصفة توافقية أم لا، وما إذا كانا تشاورا في المسألة أم لا، وما إذا كانا انتقلا إلى المربع «ب» أم لا… أم هي كانت جلسة تعبئة فراغ فقط.

وحده بيان «كتلة المستقبل» حمى سيد معراب من رصاصات التشكيك، وأبقاه في الموقع الأول: مرشح «14 آذار» إلى أن يأتي الفَرج من خارج الحدود، وفي جعبته القرار، فيعيد كل لاعب، أو مرشح إلى صالونه.

وبالانتظار، لا تغيير في قواعد الاستحقاق. هكذا توحي المواقف المعلنة للقوى الأساسية التي لا تزال متسمّرة في المربع الأول، من دون تحقيق أي تقدم، لا داخل البيت الواحد، ولا في الاتجاه الآخر.

في الصف الآذاري، يحافظ مشهد الترشيحات ومشاريع الترشيحات على نمطيته. حتى أمين الجميل لم يبقّ بحصة رغبته المتجددة بالعودة إلى القصر الجمهوري، فأبقى عليها مكتومة في صدره، وبين كتائبييه. يقول بعضهم إنّ الرجل لن يفعلها إذا لم يضمن مسبقاً وجود بيئة حاضنة لهذا الترشيح، تساعده على الانتقال فوراً إلى بعبدا. وإلا فإنه سيحتفظ بلقب «الفخامة السابقة» ما دامت «المقبلة» صعبة إن لم تكن مستحيلة.

ومع ذلك لم يقطع الرجل قنوات اتصالاته مع الفريق البرتقالي… لعل وعسى. لقاؤه مع العماد ميشال عون، كما يقول عارفوه، كان أكثر من إيجابي وفتح أفقاً واسعاً بين الرجلين. ولهذا لا يزال التواصل قائماً بينهما، لمواكبة كل التطورات.

من هنا أيضا كان كلامه الصريح بأنّه إذا خيّر بين تعديل الدستور وبين وصول عون إلى الرئاسة، فإنّه يفضّل الثانية، ذلك لأن رئيس الجمهورية السابق مقتنع أنّه من الضروري أن تؤول الرئاسة إلى واحد من الأقطاب الأربعة أصحاب العضلات التمثيلية… دون سواهم. هكذا نص اتفاق بكركي، وهكذا يفترض أن يتصرف الأربعة، كما يرى أحد الكتائبيين.

هذا لا يعني أنّ مسيحيي «14 آذار» بلعوا ترشيح جعجع على قاعدة أمر واقع مفروض من جانب الرجل. حتى «تيار المستقبل» لم يتعامل مع ترشيحه على أنّه نهائي، لا بل على أنّه مناورة سياسية، متعددة الأهداف، لكنها ستنتهي بخروجه من الحلبة، ليحافظ على موقعه في اللعبة. هو نفسه لم يصدّق أنّ المغلفات الصغيرة التي ستوضع في الصندوقة الخشبية قد تحمله إلى بعبدا، بدليل ارتباكه جراء سماعه احتمال أن يكون اميل رحمة منافسه. يعرف أنّ الطريق أمام كليهما مقطوعة، لكنه لم يبلع المسألة. فهضم ترشيح هنري حلو ولم يبلع ترشيح ابن منطقته.

حتى الآن، شهد مسرح البرلمان أربع جولات انتخابية، تصارع فيها جعجع مع الورقة البيضاء أولاً، ومن ثم مع شبح النصاب. لكنه رفض أن يزيح من الدرب، حتى حين سمح بتمريرة صغيرة تتيح لأحد «التوافقيين» أن يأخذ مكانه، لم يغيّر من الواقع… فبقي على رأس سلم الترشيحات.

ولكن بعد محاثات الـ«س ـ س« الباريسية، تغيّرت المعطيات، كما يقول أحد الآذاريين:

– بالنسبة لأكثر من شخصية من هذا الفريق، فإنّ ترشيح جعجع صار من «الورائيات»، لا قيمة له بالسياسة. سعد الحريري، وفق هذه الشخصيات أبلغ زائره البيروتي بالحرف الواحد أن لا ترجمة لهذا الترشيح ولا مستقبل. وبالتالي لا بدّ من البحث عن بدائل.

هنا، استفاض الحديث بين الرجلين عن الأسباب والحيثيات التي دفعت بالشيخ إلى وضع يده على الجدار المقفل بوجه جعجع، وكان على شاكلة أسئلة طرحها الحريري على ضيفه: ما هي الخروقات التي أحدثتَها منذ الجلسة الانتخابية الأولى كي يصبح ترشيحك جدياً؟ هل أنت تضمن كل أصوات «14 آذار»؟ وما هي الأصوات التي استطعت تأمينها من خارج فريقنا؟.

طبعاً، لم تكن إجابات رئيس «القوات» مشجعة ليكون الماروني الأول ضمن فريقه، ولم يكن «الاختبار» الذي أجراه «لشيخ» إلا لإحراج حليفه وإخراجه من الضوء.

– لم يعد العماد ميشال عون مرشح «8 آذار»، وفق بعض الآذاريين، ولكنه لم يلامس بعد عتبة المرشح التوافقي في ضوء الغموض الذي يلف موقف السعودية المتلهية بصراعات أبنائها الأمراء، والتي تتسبب بترحيل موقفها من الاستحقاق الرئاسي إلى أجل غير مسمى.

– أما ثالثة الخلاصات «الباريسية»، كما يقول آذاريون، فهي عودة قائد الجيش جان قهوجي إلى بقعة الضوء الرئاسية بقوة، ليكون واحداً من أبرز منافسي ميشال عون.