IMLebanon

الرئاسة و«السلسلة» من تأجيل إلى آخر وكلام عون يُثير موجة ردود

الانتخابات الرئاسية والسلسلة من تأجيل إلى آخر مع فارق وحيد وأساسي هو أنّ الهوّة في القضية الاجتماعية بدأت تضيق وتنحسر تدريجاً، ما يؤشّر إلى حلول مرتقَبة، فيما الهوّة في القضية الرئاسية ما زالت على حالها، خصوصاً بعد المواقف التي أطلقها رئيس تكتّل «الإصلاح والتغيير» العماد ميشال عون وأكّد فيها أنّه الأقوى ولا رئيسَ غيره، قاطعاً الطريق أمام أيّ تسوية رئاسية إلّا على شخصه، ما يعني استمرار الفراغ حتى إشعار آخر. وفي موازاة مواقف عون التي استجلبت ردوداً واسعة واستفزّت «المستقبل»، تَشخص الأنظار إلى اللقاء بين رئيس تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط مساءَ غد الجمعة، خصوصاً في ظلّ التقاطع المستجدّ في مقاربة ملفّات المنطقة بين الرجلين نتيجةَ التبدّل الملموس في خطاب جنبلاط ومواقفِه. ولكنّ الحراك المحَلي، على أهمّيته، لا يخرج عن سياق تقطيع الوقت، بانتظار جلاء صورة المشهد العراقي الذي استقطب كلّ الاهتمام الدولي والإقليمي واللبناني، حيث إنّ ساعة الاستحقاقات في لبنان سيُصار إلى تثبيتها قريباً على توقيت التطوّرات العراقية، ما يعني خروجاً من الجمود الذي طبعَ المرحلةَ الماضية باتّجاه تسويات على طريقة تأليف الحكومة تمدّ الوضعَ اللبناني بجرعة وافية من التهدئة والاستقرار تُجنّبه الانزلاق إلى العنف والفوضى. وفي هذا السياق لفتَ ما أعلنه البيت الأبيض من أنّ الرئيس الأميركي باراك أوباما يواصل مشاوراته حول كيفية التعامل مع تقدّم الجهاديين السُنّة في العراق، ولا يستبعد أيّ خيار باستثناء إرسال قوات على الأرض، فيما كشفَ رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأميركي، الجنرال مارتن ديمبسي، أنّ الولايات المتحدة استلمت طلباً من الحكومة العراقية لدعمها بقوّة جوّية، في وقت رأت السعودية أنّ الأوضاع توحي بحرب أهلية، وأكّدت إيران أنّها ستبذل كلّ ما في وسعها لحماية الأماكن المقدسة.

ظلّت مواقف عون الأخيرة في دائرة الضوء، لا سيّما لجهة إعلانه أنه يضمن للرئيس سعد الحريري أمنَه السياسي إذا انتُخِب رئيساً للجمهورية، وهي استدعَت ردوداً بالجملة من نوّاب «المستقبل»، ومن أبرزهم النواب: احمد فتفت، عمار حوري، سيرج طورسركيسيان وعاطف مجدلاني فيما طلب وزير الاتصالات بطرس حرب من النيابة العامة التمييزية ان تأخذ إفادته حول ما صرّح به عن أمن الحريري». أمّا رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع فأكّد أن لا أحد يحمّل عون مسؤولية أمن الحريري، وحتى الحريري لا يطلب منه ذلك، والموضوع غير مطروح.

حمادة

وقال النائب مروان حمادة لـ»الجمهورية»: «إنّ البحث عن قوانين جديدة وآليات هجينة لانتخاب رئيس الجمهورية ليس إلّا هروباً إلى الأمام. فلا انتخابات نيابية ولا انتخابات بلدية ولا انتخابات اختيارية ولا أيّ نوع آخر قبل الانتخابات الرئاسية، لأنّ العودة الى مهزلة 1988-1989 قد تجرّ لبنان الى حروب إلغاء جديدة تلغي الجمهورية وتلغي الوطن.

إنّني لا أفهم كيف يدّعي العماد عون انّ مجلس النواب غير شرعي، وهو يسعى الى فرض انتخابه هو عليه، كذلك لا أفهم ان يتفاوض مع الرئيس سعد الحريري او اطراف أخرى، وهو يلمّح أنّه الضامن الوحيد لحياتهم، وكأنّه يوحي بأنّ القاتل في لبنان هو حليفه.  إنّ بلوغ رئاسة الجمهورية لا يكون بادّعاء التمثيل الوحيد للّبنانيين عموماً وللمسيحيين خصوصاً.

وعن لقاء الحريري – جنبلاط أكّد حمادة انّ موعده تحدّد يوم غد الجمعة، في ضوء الأجندة الخاصة للرئيس الحريري وللوزير جنبلاط، ولم يكن الجواب على عون من شروطه، بل السعي المشترك لإيجاد حلول بديلة للمأزق الحالي، فجدول عشاء العمل مفتوح على كلّ المواضيع المحلية والتطوّرات الإقليمية.

شمعون

بدورِه، وصفَ رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون كلام عون بأنّه كلام غير مسؤول و»حَكي ما يبنحكى»، واقترحَ عليه أن يتطوّع في جهاز أمنيّ ما.وقال شمعون لـ»الجمهورية»: «سمعتُ في حياتي تصريحات، لكنّني لم أسمع تصريحاً «أجدَب» من هَيك، وكأنّ الأمن في يده.

وخاطبَ شمعون عون بالقول: «إذا كنتَ تمسك بالأمن فلماذا حصلت إذن كلّ هذه المشاكل الأمنية، وأنت الذي تعتبر نفسك المدافع الأوّل عن لبنان؟ ما دمتَ تستطيع وضعَ حدّ للعمليات الأمنية فتفضّل دلّنا كيف، ولماذا لم تساعد رئيس الجمهورية وتدلّه على الوسيلة؟ إنّما هكذا، لا أحد سواك يستطيع «تجليس المقتاية»؟ الموضوع تحوّل بازاراً، أعطني الرئاسة وأنا أؤمّن لك أمنَك، هذا بازار وصفقة في رئاسة الجمهورية.

واعتبر شمعون أخيراً أنّ حظوظ عون في الرئاسة «مثل أمل إبليس في الجنّة»، وشدّد على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس، خصوصاً في ظلّ التطورات الاقليمية الراهنة ، متوقّعاً أن يُصار الى التمديد للمجلس النيابي الحالي لصعوبة إجراء الانتخابات في ظلّ الوضع الراهن. ورأى انّ الوضع الأمني يصبح مفتوحاً على كلّ الاحتمالات مع الشغور الحاصل.

و«التيّار الحر» يوضح

في المقابل، أكّدت مصادر بارزة في «التيار الوطني الحر» لـ»الجمهورية» أنّ ما قاله العماد عون واضح وصريح، لكنّهم هم لا يريدون ان يفهموا، ويدرك الجميع انّه لا يغطّي أحداً. والمقصود بكلامه أنّه إذا كان هناك من إشكالية أمنية في البلاد، فهو يتعهّد بحَلّها عندما يكون في موقع المسؤولية، أي بمعنى آخر يحاسَب على ما يقوم به حين يكون في موقع المسؤولية، وبالتالي هو يضمن أمن الجميع سواءٌ أكانوا معارضين أم موالين.

وبالطبع ما قاله ليس من باب المقايضة ولا من باب الابتزاز، وفي كلّ الأحوال لو كانت كذلك فعلاً لكان الحوار بين «المستقبل» و»التيار الحر» قد توقّف، إلّا إذا كانوا هم يعتبرون أنّ الحريري قد قبلَ الإبتزاز».

فرنجية

ولفتَ رئيس تيار «المرَدة» سليمان فرنجية الى أنّ «الموارنة مختلفون على مشاريع سياسية وليس على الكرسي، وهذه المشاريع الرئاسية جزء منها، والمقاعد النيابية أيضاً، ولكنّ الاختلاف ليس على الكرسي»، متسائلاً: «المشكلة ليست تعبئة الكرسي بل نوعيّة هذه الكرسي، فهل تمثّل فعلاً المجتمع أو لا؟»، معتبراً أنّ «الكرسي يجب ان تكون ممثلة لكي تستطيع ان تحكم البلد، لكنّ غيرنا يقول إنّه يجب ان نملأ الكرسي بالموقع القانوني والدستوري فقط».

ورأى فرنجية أنّ «المطلوب الرئيس الذي يمثّل ويستطيع ان يحكم، ولديه القدرة على الحكم»، متوجّهاً إلى السُنّة في لبنان بالقول:»هل يقبلون أن يأتي موظّف درجة أولى كرئيس للحكومة؟».

واعتبر فرنجية أنّ «الرئيس القويّ أفضل من عدم وجود رئيس، لكنّ عدم وجود رئيس لن يُضعف المسيحيّين»، داعياً إلى «الانتظار قليلاً والإتيان برئيس قوي»، مشيراً إلى أنّ «سليمان جاء وفق برنامج ما، ثمّ انقلب»، مُعلناً «أنّه يتقبّل رئيساً من 14 آذار ويواجهه ديمقراطياً، لكن لا يقول إنّه رئيس لا يمثّل، بينما رئيس من الوسط ولا يكون معه مسيحيّون فهذا الأمر لم يعد يصلح».

وأضاف فرنجية: «أريد رئيساً يمثّلني، ولا تهمّني الطريقة الدستورية التي توصِله، وعدمُ النزول الى المجلس النيابي حقّ دستوري، في بكركي قلتُ إنّني لن أنزل إذا كان هذا حقّي الدستوري». وأكّد فرنجية على أنّه « لن يكون هناك رئيس لا يَرضى عنه الرئيس الأسد».

جنبلاط وسليمان

وعشية اللقاء بين الحريري وجنبلاط، عُقدَ عصر أمس اجتماع بين الرئيس السابق العماد ميشال سليمان وجنبلاط، في حضور وزير الصحّة وائل ابو فاعور. وجرى البحث في مختلف التطورات على الساحتين المحلية والإقليمية عشيّة اللقاء المقرّر عصر اليوم بين الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وسليمان في قصر الإليزيه.

سلام إلى الكويت

وعلى صعيد آخر، أنجزَت الأمانة العامة لمجلس الوزراء الترتيبات الخاصة بزيارة رئيس الحكومة تمام سلام الى الكويت يوم الأحد المقبل، لتشجيع الكويتيين والخليجيين على زيارة لبنان وقضاء عطلة الصيف فيه، وتعزيز المساعدات له لمواجهة أزمة اللاجئين السوريين، خصوصاً أنّ الكويت قد شهدت اوّل مؤتمر دولي لدعم قدرات لبنان في مواجهتها منذ حزيران 2013. وعلمَت «الجمهورية» أنّ وفداً وزاريّاً سيرافق سلام، ومن بين المرافقين أبو فاعور وحرب ووزير الشؤون الإجتماعية رشيد درباس، والمالية علي حسن خليل، إضافة الى وفد ديبلوماسي وإداري وإعلامي.

«السلسلة»

في هذا الوقت، تحوّلت الجلسة النياية أمس، والمخصّصة في الأساس لانتخاب رئيس للجمهورية، إلى مناسبة استفادت منها الكُتل النيابية لعقد لقاءات كثيفة تناولت ملفّ سلسلة الرتب والرواتب، في محاولة للاتفاق على تفاصيلها لكي تمرّ في جلسة اليوم الخميس.

وقد عُقد أمس في مكتب رئيس مجلس النواب نبيه بري في مجلس النواب، اجتماع موسّع ضمَّ، إضافة اليه، الرئيسين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي، وزير التربية الياس بو صعب، وزير المال علي حسن خليل، والنوّاب: بهية الحريري، ابراهيم كنعان وجورج عدوان وجمال الجراح، خرجَ على اثره السنيورة ليعلن أنّ الأمور لا تزال قيد المناقشة، وأكّد أنّ فريقه ملتزم بإقرار السلسلة لكن «على أساس العدالة بين الأسلاك وخفض حجم الإنفاق، وأن تؤمّن الواردات التوازن، بما يجعل جميع الفرقاء المعنيّين وجميع اللبنانيين مرتاحين لإقرار السلسلة، نحن مع إقرار السلسلة شرط التوازن بين النفقات والإيرادات، وهذا ما لم يتمّ بعد».

وأكّد السنيورة الحرص على «أن تتوفر ضمن السلسلة العدالة، بالمقارنة ما بين جميع العاملين في كافّة الأسلاك الإدارية والتعليمية والعسكرية والأمنية، وأن تكون السلسلة بمبالغها وكلفتها كاملةً للتحمّل من قبل الاقتصاد.

وأضاف: حين يقول البعض إنّنا «دبّرنا من هنا وهناك» عدداً من الإيرادات، وباتَ المبلغ متوفّراً حسابياً لدينا، فإنّنا نردّ عليه بأنّ أحداً لا يستطيع أن يضمن هذه الإيرادات، وحتى لو افترضنا أنّ قيمة الإيرادات تخطّت قيمة السلسلة».

أمّا خليل فقال لدى مغادرته اجتماعاً برئاسة برّي وحضور النائب بهية الحريري: «سجّلنا تقدّماً ملموساً في موضوع الأرقام التي كانت موضع نقاش، سواءٌ أكان في موضوع الواردات أو في موضوع النفقات، واقتربنا جدّاً من التوازن الذي تأمّن برأينا، وهناك وجهات نظر». وأشار الى أنّ السنيورة سيستكمل نقاشَه على مستوى فريق 14 آذار، متمنّيا أن تحضر كلّ الكتل جلسة اليوم.

كذلك كان لميقاتي تصريحٌ في المجلس اعتبرَ فيه أنّ «ما تمّ اقتراحه من إيرادات لتمويل السلسلة ليس محسوماً أنّه يمكن جبايته هذا العام، في حين أنّ هناك متوجّبات للسلسلة يجب دفعُها هذا العام. أضِف إلى ذلك أنّ عجز الخزينة المقدّر هذا العام يبلغ حوالي 7660 مليار ليرة، وأنا أخشى أن يؤثّر أيّ عجز إضافي على تصنيف لبنان لدى المؤسسات الدولية».

فتفت لـ«الجمهورية»

إلى ذلك، قال النائب أحمد فتفت لـ»الجمهورية»: «إننا مستعدّون لحضور جلسة السلسلة إذا حصل اتّفاق على الأرقام، لأنّها حتى الساعة لا تزال مبهَمة وغامضة، فهناك تضارُب في الأرقام، مثلاً في موضوع الكهرباء بين الأرقام التي تقدّمها مؤسسة كهرباء لبنان وتلك التي تعرضها الوزارة، من واحد إلى خمسة».

إلى ذلك، أكّدت مصادر متابعة لملفّ سلسلة الرتب والرواتب لـ»الجمهورية» أنّ النقاط الخلافية التي تمحورَت حولها الاتصالات أمس، تركّزت على ثلاث نقاط: الضريبة على القيمة المضافة، إعطاء الدرجات السِتّ للمعلمين، ونسبة الزيادة للعسكريين.

ففي البند الأوّل، طالبَت قوى 14 آذار برفع الضريبة على القيمة المضافة بنسبة واحد في المئة على كلّ السلع من الضروريات إلى الكماليات، في حين طالبَت قوى 8 آذار برفع الضريبة على القيمة المضافة إلى 16 في المئة على الكماليّات فقط. وفي نقطة الخلاف الثانية، طالبَت قوى 8 آذار بإعطاء الأساتذة الدرجات السِتّ، في حين رفضَ تيار «المستقبل» ذلك.

هيئة التنسيق

وعشية الجلسة النيابية العامّة المقرّرة اليوم، نفّذت هيئة التنسيق النقابية أمس اعتصاماً أمام مجلس الخدمة المدنية في فردان، ثمّ عقدت مؤتمراً صحافياً أكّدت خلاله أنّ الحقوق «لا تخضع للتفاوض ولا للمساومة، وما يجري من اتصالات بين ممثّلي الكُتل النيابية لا يُلزمنا بشيء، فهي تجري في غيابنا.

وحتى تاريخِه لم نتلقَّ جواباً من مسؤول حول مذكّرتنا وكتابنا.

وحذّرَت من «أيّ اتّفاق قد يحصل بين ممثلي الكُتل النيابية على حساب حقوقِنا»، مجدّدةً مطالبتها بإعطاء نسبة زيادة واحدة للقطاعات كافة بحسب نسبة التضخّم 121% كحَدّ أدنى من دون تقسيط ومن دون تخفيض ومن دون تجزئة، وبمفعول رجعي اعتباراً من 1/7/2012.