IMLebanon

«الرئاسية» قبل «النيابية»… وإلاّ الفوضى

كما بات معلوماً فإنّ رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون يتجه للضغط اكثر فأكثر لاجراء الانتخابات النيابية، معتقداً أنّ هذا الاتجاه يُكسِبه شعبياً، ويقلب رأساً على عقب الصورة النمطية التي التصقت به وهي صورة المعطّل لكل الاستحقاقات.

 

من المستغرب أن يحارب عون خصومه بسلاح استعمله لتعطيل الانتخابات الرئاسية، وهو الذي امتنع عن المشاركة في كل الجلسات التي حدّدها رئيس مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. ففي وقت ينظر منظروه للانتخابات النيابية، يتجاهلون عمداً حقيقة أنّ اجراءها في ظل الفراغ الرئاسي، سيؤدي الى نتائج كارثية على مستوى النظام كذلك سيؤدّي سريعاً الى فراغ نتيجة تعثر تأليف حكومة جديدة، وبالتالي سيبقى المجلس النيابي ورئيسه السلطة الوحيدة المتبقية التي تعمل داخل النظام.

 

في التصوّر الأولي أنّ الانتخابات النيابية اذا أُجريت في ظل الفراغ الرئاسي، فإنّ صبيحة اليوم التالي لولادة المجلس النيابي الجديد، ستشهد أزمة دستورية من نوع آخر: كيف يمكن إجراء الاستشارات النيابية لتأليف حكومة جديدة، في ظل الاستقالة الحكمية للحكومة الحالية بموجب الدستور، مَن يجري الاستشارات، في ظلّ عدم وجود رئيس جديد للجمهورية، وفي ظلّ حكومة تصريف أعمال، وكيف سيتحوّل المجلس النيابي سلطة وحيدة، وما هي تداعيات ذلك على النظام السياسي ككل؟ تطرح هذه الاسئلة في ظلّ انعدام فرص إجراء الانتخابات الرئاسية وإصرار عون على التعطيل. أمّا بالنسبة الى مواقف القوى السياسية من إجراء الانتخابات، فإنّ أحداً الى الآن لا يجرؤ على مكاشفة الرأي العام بما سيحصل إن أُجريت الانتخابات في ظل الفراغ. قوى 14 آذار لم تتخذ موقفاً بعد، وهي تميل للذهاب الى الانتخابات لعدم وجود ايّ مخاوف من نتائجها، ولعدم اتهامها بالتمديد للمجلس النيابي، أما النائب وليد جنبلاط فقد أبدى الخشية من إجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، وهو يزمع طرح هذا الموضوع مع الرئيس سعد الحريري، وسيشدّد على طرح رئاسي متكامل مفاده وضع فيتوات على 3 أسماء، والانفتاح على قبول كل ما تطرحه 14 آذار وبكركي من أسماء. 

ويقول أكثر من مراقب متتبع لحركة عون إنّ يأسه من الحوار مع الحريري وإمكان الوصول الى نتائج سيؤدي به الى سلوك خيارات مكلفة، ومنها خيار طرح تعديل الدستور، او خيار إجراء انتخابات نيابية في ظل الفراغ، وكلا الاحتمالين ينبئ بمسار خطير سيؤدي حكماً الى ضرب «اتفاق الطائف»، وتهديد التوازن الهش القائم حالياً. وسيكون من الواجب الالتفات الى موقف «حزب الله» عندما يطرح عون الانتخابات النيابية في ظلّ الفراغ. فهل سيقبل الحزب بإجرائها؟ وهل هو جاهز لخوضها في ظل وجود ماكينته الأمنية والعسكرية واللوجستية في سوريا؟ وهل من مصلحة الحزب السير وراء عون بلا حساب، فيما هو متمسكٌ ببقاء الحكومة واستمرار عمل المجلس النيابي، وبقاء الوضع على ما هو عليه. أمّا تيار «المستقبل» فله حسابات أُخرى ولكنها تصب في الاتجاه نفسه. لا يمكن «المستقبل» أن يدير الانتخابات النيابية ورئيسه في الخارج، كذلك لا يمكنه خوض معركة سياسية تعبوية في ظلّ التهدئة المطلوبة عربياً ودولياً. ولذا فإنّ مطلب إجراء الانتخابات النيابية المحق شكلاً، سيصطدم بجملة اسباب تجعل من التمديد امراً واقعاً، هذا التمديد الذي يستلزم نصاب النصف زائداً واحداً، والتصويت بالأكثرية المطلقة، وهو ما يعني سهولة تأمين توافق على حصوله، على نحو التوافق الذي أنتج الحكومة.