IMLebanon

الشغور الرئاسي في ظلّ حكومة فاعلة أفضل بكثير من رئيس صوَري

غادر رئيس الجمهورية (السابق) قصر بعبدا في 24 أيار الجاري فاتحاً الباب أمام الشغور الرئاسي الذي يُروّج البعض أنّ لبنان وصل اليه نتيجة تمسّك أحد الأشخاص بالموقع الرئاسي انطلاقاً من مبدإ «أنا أو لا أحد»، غير أنّ مصدراً سياسياً مقرّباً من فريق 8 آذار يجد أنّ مثل هذا الادعاء يصحّ لو أن الشخص المعني قد فرض أمراً ما على أي فرد في لبنان أو خارجه، على نحو ما فعل أحد المرشحين المعلنين.

وقال انّ الشغور الرئاسي في لبنان يبقى أفضل بكثير من انتخاب رئيس إستفزازي لشريحة كبيرة من اللبنانيين، أو لا يُمثّل غالبية المسيحيين كونه يحتلّ منصباً باسمهم، هذا من جهة، أو رئيس جمهورية صوَري لا يقدّم ولا يؤخّر ولا يخدم البلد في شيء من جهة ثانية، في ظلّ وجود حكومة فاعلة تقوم بمهامها على أكمل وجه.

أما الادعاء بأنّ هناك من عرقل عملية الانتخاب لأنه يريد أن يصبح رئيساً دون سواه، فأمر رسم وخطّط له فريق 14 آذار يقول المصدر ليُظهر أنّ العرقلة أتت من هذا الشخص المتمسّك بكرسي الرئاسة دون سواه. وإنّ هذا الفريق، بطبيعة الحال، بعد أن وافق على الدخول في حكومة الرئيس تمام سلام الى جانب فريق 8 آذار وحلفائه، أراد إظهار تضامنه معه من اللبنانيين من أجل مصلحة لبنان، مبدياً استعداده لتقديم بعض التنازلات من أجل هذه المصلحة نفسها. لكن ما حصل من خلال عدم موافقته سوى على المرشح المعلن والذي تبنّى ترشيحه هو دون سواه، أنه سدّ بفعلته هذه الطريق على المرشح الذي يحظى بالشعبية الواسعة من شريحة كبيرة من المسيحيين وأخرى مماثلة من المسلمين الشركاء في الوطن، مع علمه وإدراكه أنّ مرشحه لا يمكن أن يصل الى سدة الرئاسة لعدة اعتبارات.

ومن هنا، يشدد المصدر السياسي نفسه على أنّ ما يحصل اليوم هو أنّ بعض القوى في فريق 14 آذار تعتمد سياسة «وضع العصي في الدواليب»، غير أن هذه السياسة لا تجور على الشعب اللبناني، ولهذا لم يعترض على مغادرة الرئيس سليمان قصر بعبدا وترك الكرسي الرئاسي شاغراً بعده، انطلاقاً مما سبق وذكر المصدر، أنّ الإبقاء على الشغور اليوم أفضل بكثير، بالنسبة للبنانيين، من أن يجلس عليها أي شخص بقصد تعبئة الفراغ.

فمسألة «تنصيب» أي كان رئيساً للجمهورية، تؤدي الى أن يقوم بأي أمر وبتمرير الوقت فقط لا غير، في حين أنّ المرحلة الدقيقة والحسّاسة التي يمرّ بها لبنان ودول المنطقة بحاجة الى رئيس قوي يقول المصدر يستطيع أن يقود البلاد الى مستويات متقدمة وأن يعيد للبنان أمجاده في الداخل والخارج انطلاقاً من رؤيته الثاقبة للبنان الغد الذي يريده اللبنانيون، والتي تظهر من خلال بعض المشاريع التي يقوم بها الوزراء المحسوبون على هذا السياسي القوي، في أي حكومة شاركوا فيها. والغالبية في لبنان لا تحبّذ وصول شخص الى رئاسة الجمهورية، أعداؤه أكثر من أصدقائه، أو أن لا يكون اسمه مسموعاً خارج حدود الوطن، ولا بدّ له من أن يحمل معه «بطاقة تعريف» ليخبر العالم عن شخصه.

وفي رأي المصدر نفسه، إنّ الوقت لا يزال سانحاً أمام جميع الأفرقاء السياسيين ليقرّروا من يريدون لرئاسة الجمهورية، وأي برنامج يجب أن يُطبّق خلال السنوات الست المقبلة، وألا يجعلوها تذهب هدراً مثل السنوات الأخيرة من عمر الوطن. وأشار الى أنّ الضغوطات الدولية والعربية سوف تتفاقم كلّما طالت مدّة خلو الرئاسة من أجل انتخاب الرئيس الذي يُمثّل الغالبية المسيحية خصوصاً، واللبنانيين عموماً، لا سيما بعد أن انتـهت الانتخابات الرئاسية المصرية، والانتخابات الرئاسيـة السوريـة ستجري في الثـالث من حزيـران المقبـل.

وفي هذا الوقت يحقّ لأي مرشح للرئاسة أن يستجلب المزيد من التأييد يضيف المصدر لتبوئه هذا المنصب، بعد أن عجز النواب عن التوافق على اسم مناسب للمرحلة المقبلة. ويعتبر المصدر هذا الأمر ضرورياً وحتمياً، لأنّ وصول رئيس قوي مدعوم من رئيس حكومة قوي، بما يمثلان من تحالفات مع الخارج يجب أن تصبّ في مصلحة لبنان، من شأنه إعادة الوئام الى الفرقاء السياسيين ما يقود الى مرحلة هدوء وسلام داخلي يؤمل منها أن يشهد لبنان استقراراً أمنياً واقتصادياً ومعيشياً.

فالحكومة الحالية قادرة على سدّ عجز الشغور لفترة معينة، غير أنّه لا يمكنها أن تستمرّ على هذه الحال لأكثر من ستة أشهر، على أبعد تقدير، على ما أشار المصدر، ولهذا فمن الضروري تكثيف الاتصالات الداخلية والخارجية من أجل إيصال المرشح القوي الذي يريده الشعب، والذي يستطيع تعزيز علاقات لبنان مع دول الخارج من أميركية وأوروبية وإقليمية وعربية.

ويقول انّه لا بدّ من الاستفادة من أي تقارب يحصل بين بلدين متناحرين، إن بين الولايات المتحدة وإيران، أو روسيا والولايات المتحدة، أو السعودية وإيران وسواها، لكي يصبّ في لبنان توافقاً على انتخاب رئيس قوي للجمهورية يحظى بغالبية شعبية وقادر على التقريب في وجهات نظر جميع الأفرقاء في أسرع وقت ممكن، من أجل إيجاد حلول جذرية للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية ولمسألة النزوح السوري واللجوء الفلسطيني ومكافحة الارهاب الذي يضرب لبنان والمنطقة.