IMLebanon

«العرّاب» معبَر إجباري للتوافق الرئاسي؟

في الطريق إلى 25 أيّار تتعثّر قوى 8 آذار بمسؤوليتها الواضحة عن تعطيل النصاب والتسبُّب بالفراغ، وتتكبّل قوى 14 آذار، على رغم كلّ ما حقّقته من مكاسب سياسية، بالترشيح المستحيل لـ»فخامة الرئيس» سمير جعجع.

في 8 آذار ما زال النائب ميشال عون يأمل في أن يكون مرشّح التسوية، هذا الأمل لم يقطعه كلام الرئيس سعد الحريري للوزير جبران باسيل، والذي قذف فيه طابة الاستحقاق الرئاسي إلى البيت المسيحي. يلعب باسيل لعبة الإيحاء بأنّ عون قادر على الابتعاد لمسافة عن حزب الله، ولكن حتى الآن لا يصدّقه أحد. لا يزال فريق الحريري يستمتع بهذه اللعبة المربحة. صنّارة لعون لإغرائه بالابتعاد عن حزب الله، واستمرار في دعم ترشيح جعجع وانتظار ضغط مهلة 25 أيار التي يتوقّع أن تغيّر في موقف الخصوم والحلفاء.

المناخ القريب من الحريري يوحي بأنّ هذه «الرفقة» مع عون إلى شاطئ البحر لن تنتهي إلّا بعودة عون في حالة عطش. وطالما إنّ طموحه الرئاسي لا ينضب، فلِمَ التعب من سياسة الأبواب المفتوحة؟

الموقف السعودي المتحفّظ والمعلن، يعكس السياسة الفعلية في التعامل مع الاستحقاق. جعجع بالنسبة إلى السعودية هو الحليف الذي لا يمكن خذله. جعجع هو الحليف الذي تؤيّده السعودية، وهو في الوقت نفسه العرّاب، الناخب الذي سيكون له الدور الأوّل في اختيار اسم التسوية، بمواصفات مقبولة لدى قوى 14 آذار.

في الدوائر السعودية كلام واضح عن عون. لا ثقة بابتعاده عن حزب الله، لا قدرة ولا نيّة على تأييده كمرشّح توافقي، ولا نصحَ للحلفاء (الحريري) بتأييده. لا موعد لعون حتى اليوم لزيارة السعودية، هذه رسالة واضحة.

في الدوائر السعودية كلام واضح عن دور المسيحيين في هذا الاستحقاق، عن أهمّية أن يكون بداية البحث قبل 25 في أيّ تسوية حائزاً على رضى «العرّاب» وجميع مسيحيّي 14 آذار، لكنّ البحث في الأسماء لم ينطلق، ذلك على الرغم من أنّ لكل اسم ملفّ تمّ تحديثه، ليتطابق مع المعايير، كونُ البعض من هؤلاء فتحَ قنوات اتّصال بعيدة الأنظار مع العهد القديم، لا تتناسب والعهد الجديد.

تتطابق الرؤية داخل 14 آذار من ترشيح جعجع. الجميع مُجمِع على الاستمرار، ما دام حزب الله يقف خلف ترشيح عون. الجميع مُجمِع على عدم استبدال هذا الترشيح بأيّ اسم آخر. طالبَ النائب سامي الجميّل في الاجتماع الموسّع لـ 14 آذار بترشيح والده، فأجابه ممثّلو «القوات» قبل غيرهم: «إذا أمّن الرئيس الجميّل الأصوات الكافية التي وُعد بها من النائب جنبلاط أو الرئيس نبيه برّي، فجعجع جاهز فوراً للانسحاب لمصلحته».

خلاصة ترشيح الجميّل بدأت مع اتّصال جنبلاط به، واعداً بتأييده إذا ترشّح، في اعتبار أنّ من بين الأقطاب الأربعة (الجميّل، عون، جعجع، فرنجية) ليس مقبولاً إلّا هو. بعد ذلك بدأ الجميّل سلسلة مشاورات مسيحية لا بدّ من أن تنتهي إلى نتيجة واحدة. عون مَرِنٌ لفظيّاً لكنّه لن يتراجع عن ترشيحه، النائب سليمان فرنجية يقف مرغماً خلف ترشيح عون، جعجع ينتظر موافقة جنبلاط على انتخاب الجميّل لينسحب له.

ستتحمّل قوى 8 آذار مسؤولية الفراغ، لكنّ قوى 14 آذار لن تستطيع أن تقف على جمود واحد اسمُه ترشيح جعجع. ومن الآن إلى جلسة الأسبوع المقبل فإنّ حراكاً يسجَّل للمرة الأولى على خط الاستحقاق الرئاسي، حراك عربي وإقليمي، لا يتوقّع أن تظهر نتائجه بسرعة.

في 14 آذار مسعى جدّي لإقناع «العرّاب» بلعِب دور الناخب إذا سحَب حزب الله ترشيح عون، لكنّ كلّ ذلك لن يكون له أيّ معنى إذا استمرّ عون في معركته، عندئذ ستشرق شمس 25 أيار على فراغ في قصر بعبدا، لا يجرؤ أحد بعده على توقّع ما سيأتي به من أحداث أمنية أو اقتصادية.