IMLebanon

المحكمة الدولية “تؤدّب” اللبنانيين

“سلسلة” مشوهة تزيد غضب المتضررين .. وسلام لا يعترف بالفراغ

المحكمة الدولية “تؤدّب” اللبنانيين

تطرح قضية محاكمة رئيس تحرير جريدة “الأخبار” الزميل ابراهيم الأمين ونائبة رئيس مجلس إدارة قناة “الجديد” الزميلة كرمى خياط، أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، المزيد من علامات الاستفهام حول موجبات هذا الاعتداء الدولي الموصوف على الصحافة والحريات في لبنان.

وفيما قررت قناة “الجديد” المثول أمام المحكمة في لاهاي اليوم، قررت الزميلة “الأخبار” عدم مثول رئيس تحريرها الزميل الأمين أمام المحكمة، سواء في لبنان (المونتيفردي) أم لاهاي، وحمّلت المحكمة المسؤولية الكاملة عن أي ضرر، جسدي أو معنوي يصيب أياً من العاملين في المؤسسة، أو ينال من “شركة أخبار بيروت” نفسها، على خلفية الاتهامات الموجهة اليها والى رئيس تحريرها، ودعت السلطات اللبنانية “لتأمين الحماية اللازمة لمواطنيها كافة في مواجهة أي تعرض لهم أو لخصوصياتهم وحرياتهم ولحقوقهم المدنية”.

وبقدر ما هي وظيفة المدافعين عن “الأخبار” و”الجديد” تأكيد حرية التعبير المقدسة وحق الصحافة والإعلام بالنشر بلا قيود استنادا الى الحق المصان بالدستور والقانونين اللبناني والدولي، بقدر ما هو مطلوب تأكيد أن ما يعيق سير العدالة هو التسريبات التي تمت في المحكمة وليس نشرها بعد ذلك، علما أن تسريبها بداية وفي فترات متتالية، سواء من المحكمة أو من مكتب المدعي العام، بشهادة قانونيين هو الذي يعيق سير العدالة وهو الذي هدد أشخاصا كثيرين وأدخل حياتهم في دائرة الخطر…

واذا كان ملف تعامل المحكمة الدولية مع الإعلام اللبناني، يشي بكرة نار ستتدحرج، وربما تصل شراراتها الى داخل الحكومة نفسها، فإن ملف سلسلة الرتب والرواتب، يؤشر أيضا الى أن ما يمكن أن يخرج عن جلسة مجلس النواب يوم غد، لن يكون بالضرورة مشروع حل للتحرك الذي أطلقته “هيئة التنسيق النقابية”، بقدر ما يمكن أن يؤدي الى تعقيد الأمور وبالتالي إنتاج مشكلة جديدة، ليس على مستوى الشارع وحسب، بل على صعيد مستقبل عشرات آلاف الطلاب اللبنانيين، وخصوصا ممن يستعدون لتقديم امتحاناتهم الرسمية النهائية قبل أن يختاروا الانتساب الى جامعتهم الوطنية أو الى جامعات خاصة في لبنان أو الخارج.

وكانت “السلسلة” على موعد، أمس، مع محطة هي الأولى من نوعها في وزارة المال، من خلال الاجتماع الذي عقده وزير المال علي حسن خليل مع أعضاء اللجنة النيابية الفرعية، وخلص الى تقريب وجهات النظر في ما يخص الواردات، باستثناء موضوع زيادة ضريبة القيمة المضافة التي رفضها خليل رفضاً قاطعاً ومعها أية محاولة لزيادة الرسوم الجمركية على أمور قد تؤدي الى زيادة الأعباء المعيشية على اللبنانيين.

وقد كان التوافق كبيرا في قضايا المصارف والشركات المصرفية والبيوعات العقارية، إلا أن وجهات النظر كانت متباعدة في ما يخص الأملاك البحرية، حيث أصر أعضاء اللجنة على اعتماد سعر صرف الدولار تبعاً لسنة المخالفة (التخمين ومن ثم تحديد الغرامات على المخالفات)، وتم الاتفاق على ترك القرار للهيئة العامة، حيث بدا “فريق 14 آذار” مطمئنا الى أن “تكتل التغيير” سيتبنى وجهة نظره في أثناء التصويت غدا!

وفي موضوع النفقات، بدت وجهات النظر بين خليل واللجنة مختلفة جوهرياً، خصوصاً في ضوء التخفيضات التي طالت شرائح المعلمين والعسكريين والمتقاعدين.

ومن المقرر أن تعقد “كتلة التنمية والتحرير” اجتماعا عند الثانية من بعد ظهر اليوم في عين التينة لاتخاذ موقف نهائي من موضوع السلسلة، كما ستعقد كتل “المستقبل” و”التغيير والإصلاح” و”النضال الوطني” و”الوفاء للمقاومة” اجتماعات لحسم موقفها في الهيئة العامة من موضوع السلسلة.

وقال وزير المال علي حسن خليل لـ”السفير” ان إقرار السلسلة “يشكل عنصراً من عناصر تثبيت الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والمالي والسياسي، والمهم بالنسبة إلينا إيجاد صيغة عادلة تلبي من جهة مطالب المعلمين والموظفين الاداريين والعسكريين، ومن جهة ثانية تحافظ على التوازن المالي والاستقرار النقدي وبالتالي التخفيف قدر الإمكان من أية انعكاسات سلبية”، مؤكدا “أننا لن نسير نهائيا ككتلة تنمية وتحرير في أي مشروع يهدف الى رفع ضريبة القيمة المضافة” .

التمديد صار عنواناً علنياً

رئاسياً، يتقن اللبنانيون تعبئة الوقت الضائع بالصور وعرض العضلات سياسيا، وهم الذين يدركون أن رئيسهم الجديد سيُنتخب في الخارج، وبالتالي لا يكون دورهم إلا إسقاط ورقة مبايعة في الصندوق ـ الصورة تحت قبة المجلس النيابي الممدد له مرة والمؤهل لتمديد ثان قبل نهاية الصيف المقبل.

في هذا السياق، كان لافتا للانتباه البيان الذي أدلى به، أمس، المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي من مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، في مشهد أعاد التذكير بالبيان الشهير الذي أدلى به من القصر الجمهوري غداة جريمة اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن.

فقد قال ممثل بان كي مون في بيروت في بيان تلاه نيابة عن “مجموعة الدعم الدولية الخاصة بلبنان”، التي تضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، انه “لا عِلمَ لدينا بأية عقبة خارجية يمكن أن تعرقل حصول الانتخابات (الرئاسية) بنجاح في الموعد المحدد، بل بالعكس”، أضاف “أن أصدقاء لبنان في المجتمع الدولي لديهم اهتمامٌ كبير في إتمام الاستحقاق بنجاح في الموعد المحدد وعلى أساس الممارسات الدستورية”، وأكد أن تأليف الحكومة الحالية والإجراءات الأمنية التي اتخذت “ساهمت في زيادة الثقة والاستقرار، ومن المهم جداً استمرار ذلك، ويجب تجنب الشغور في موقع الرئاسة (الأولى)”، وأمل “أن يعمل أعضاء مجلس النواب بدأب في الأيام المقبلة لتأمين انتخاب رئيس في الموعد الذي يحدده القانون”.

تزامن بيان ممثل الأمين العام مع حراك خارجي على أكثر من خط إقليمي ودولي، في اتجاه توفير مظلة دولية إقليمية للاستحقاق الرئاسي، وكان لافتا للانتباه وصول وزير الخارجية جبران باسيل الى الرياض للمشاركة في الدورة الأولى لمنتدى الاقتصاد والتعاون العربي مع دول آسيا وجمهورية أذربيجان، علما أن مصادر ديبلوماسية عربية في بيروت نزعت عن الزيارة أي بعد سياسي لبناني يتصل بالاستحقاق الرئاسي.

الحريري ـ الراعي: الكرة في ملعب الآخرين

وعلى طريقة اللبنانيين في ملء الوقت الضائع، تندرج حركة المشاورات التي يواظب عليها الرئيس أمين الجميل، على أكثر من خط، وكذلك الرئيس سعد الحريري الذي أوفد، أمس، مدير مكتبه نادر الحريري إلى بكركي، استكمالا للتشاور الذي بدأه البطريرك بشارة الراعي مع رئيس “تيار المستقبل” في باريس، في الثلاثين من نيسان المنصرم، ومحوره السعي إلى انتخاب رئيس توافقي في موعد أقصاه الخامس والعشرون من أيار الحالي، وإلا إيجاد صيغة تحول دون وقوع الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية.

وعلم أن نادر الحريري أعاد التأكيد على مسامع الراعي ما كان قد سمعه من سعد الحريري شخصيا لجهة رفضه المطلق حصول الفراغ، وفي الوقت نفسه، اعتبر أن أي تمديد لرئيس الجمهورية ميشال سليمان بعنوان استمرار تصريف الأعمال في رئاسة الجمهورية إلى حين انتخاب رئيس جديد، يحتاج إلى تعديل دستوري وبالتالي إلى موافقة الطرف الآخر (أي 8 آذار)، “والكرة ليست في ملعبنا بل في ملعبهم ونحن يهمنا بقاء المكوّن المسيحي كرمز للبلاد” على حد تعبير الحريري.

وكان الراعي قد فاتح جهات أخرى أبرزها رئيس المجلس النيابي في موضوع التمديد لسليمان، وطلب من الحريري أن يستفيد من الحوار المفتوح بينه وبين عون لتسويق صيغة التمديد المطروحة.

سلام: لا شيء اسمه الفراغ

من جهته، استغرب رئيس الحكومة تمام سلام التضخيم السياسي والإعلامي من حصول فراغ في سدة الرئاسة، وقال لـ”السفير”: “لا شيء اسمه فراغ في السلطة. هناك شغور في موقع معين لا فراغ. قد يحصل شغور في موقع الرئاسة لكننا نفضل ألا يحصل، خصوصا أن الحكومة التي تضم جميع القوى السياسية تقريبا تقوم بملء الشغور في مواقع الإدارة اللبنانية بالتوافق في ما بينها، ومن الأولى بها أن تقوم بملء الشغور في موقع الرئاسة الأساسي في حياتنا الوطنية، وذلك ضمن المهلة الدستورية، لكن يجب عدم تضخيم هذا الموضوع باستخدام عبارات مثل الفراغ وانهيار الدولة”.

ودعا سلام إلى التوافق على رئيس توافقي وغير صدامي ومقبول من كل الجهات، وأضاف أن مجلس الوزراء “موجود وهو يقوم بكل مسؤولياته الدستورية والسياسية والأمنية، كما أن مؤسسات الدولة الأخرى تعمل طبيعياً، ويجب عدم التهويل بحصول فراغ، وإذا حصل شغور في سدة الرئاسة فستقوم الحكومة مجتمعة، كما ينص الدستور، بواجباتها، وسيقوم الوزراء بتسيير المرافق العامة كالعادة، ويوقعون المراسيم اللازمة لذلك، سواء بنصف أعضاء الحكومة زائدا واحدا أو بثلثي الأعضاء، حسب التوافق أو التصويت الذي يحصل في مجلس الوزراء.

وأكد سلام أن الحكومة ستنجز في الجلسة المقبلة (الجمعة على الأرجح) دفعة هي الرابعة من التعيينات في بعض المراكز الإدارية الشاغرة ومنها المؤسسة العامة للإسكان.