IMLebanon

«المستقبل» غير مقتنع بترشيح عون

لا جلسة الأربعاء المقبل ولا نِصاب، لأنّ تيار»المستقبل» سيكون قد أبلغَ إلى النائب ميشال عون رسميّاً، أنّه لن يستطيع التصويت له كمرشّح توافقيّ.

الأرجح أنّ وزير الخارجية جبران باسيل سيسمع كلاماً واضحاً من الرئيس سعد الحريري، سيُقال بعد طول انتظار. تيّار «المستقبل» قرّر أن ليس في الإمكان انتخاب عون رئيساً، فهو تذرَّع لعون مرّةً بعدم القدرة على إغضاب الدكتور سمير جعجع، ومرّةً أخرى بادّعاء أنّ السعودية تؤيّد انتخاب جعجع، لكنّ الحقيقة هي أنّ «المستقبل» غير مقتنع بترشيح عون، وغير واثق من خياراته بالتزامِه سياسة حزب الله، وأنّه يعتبر أنّ الرجل مرشّح «المشروع الإيراني».

بدأت عملية التقارب العوني ـ «المستقبلي» بقرار اتّخذه عون، الذي وجد أن لا إمكانية للوصول الى بعبدا، إلّا بعد موافقة الحريري، فبادرَ إلى طلب اللقاء، ثمّ قدّم سلّة من المغريات، استُهلّت بتأليف الحكومة التي وافقَ عليها، ودفع حليفه حزب الله إلى الموافقة عليها، كمبادرة حُسن نيّة. توالت مبادرات حُسن النيّات بكرم مثاليّ. التيار العوني يسحَب كتاب «الإبراء المستحيل»، فلا شيء مستحيل بعد الآن. التيّار العوني يقترح في أزمة البيان الوزاري عدمَ صدور بيان، مخالفاً توجّهات حزب الله. التيار العوني يسحب النائب ابراهيم كنعان من الواجهة، ويصوّت لتأجيل البحث في السلسلة، والهدايا تتوالى.

مرّ الانفتاح العوني ـ «المستقبلي» في مراحل عدّة، كان الحريري فيها يتعمّد تأجيل قول كلمة واضحة حول سؤال وحيد طلبَه عون: إنتخابه رئيساً. أمّا اليوم فقد وصلَ هذا الانفتاح الى لحظة الحقيقة، وسيسمع عون الـ»لا» الواضحة، وهذا يعني أنّ قواعد سلوكه يمكن أن تتغيّر بعد تيقّنه من أنّ كتلة «المستقبل» لن ترشّحه للرئاسة.

بالإضافة الى أنّ الحريري سيعود سعد الدين الحريري، في الأدبيّات العونية، فسيعود عون إلى نفسه قليلاً ليدرس الخيارات المتاحة.

عودتُه خائباً من «نكتة» الرئيس التوافقي الجامع، ستُملي بدء كشف الحساب مع حزب الله. هل سيسلّم عون بأنّ حظوظه انتهت؟ وهل سيعطي الحزبَ الضوء الأخضر لكي يفتش عن تسويةٍ يرعاها رئيس مجلس النواب نبيه برّي والنائب وليد جنبلاط؟ أم أنّه سيندفع أكثر إلى الأمام بلعبة «أنا أو الفراغ» المكلفة مسيحيّاً ووطنياً؟ أم هل يفتح أبواب التواصل مع «المجرم» سمير جعجع مثلما فعلَ عام 1988، ليحبط انتخاب مخايل ضاهر آخر؟

الواضح أنّ «انتحال» صفة «المرشّح التوافقي» قد بدأت تُستنفَد. كلّ الأحلام المبالغ فيها، والضجيج الإعلامي المرافق لها، يقترب من أن ينكشف على شكل محاولةٍ لم تُكتب لها الحياة. جهود المرشّح التوافقي عون وصلت إلى حدّ تكليف باسيل جولات خارجية لترويج ترشيحه. هذه الجهود ركّزت على السفير الأميركي في بيروت ديفيد هيل ليعمل لدى إدارته لتضغط على المملكة العربية السعودية لكي توافق على عون. تناسى الجميع أنّ هيل بات كغيره من سفراء المنطقة، رجلاً يُتقن ديبلوماسية نقل الأفكار، وعدم المساهمة في صنع الأحداث، تماهياً مع السياسة الأميركية الأوبامية التي استنسخت معادلة أوغلو: «صفر مشكلات»، وأضافت إليها معادلة: «صفر مبادرات».

سيؤدّي سقوط الفرَص الرئاسية لعون إلى نقل الأزمة إلى داخل 14 آذار التي وضعَها ترشيح جعجع في موقع آمن، فعَون هو الآن في موقع تعطيل النصاب، وهو الذي يتحمّل مسؤولية الفراغ، أمّا قوى 14 آذار فتذهب بثقة إلى كلّ الجلسات، فيما ينتظر حزب الله قرار عون بالاستمرار في التعطيل أو إعطاء «الضوء الأخضر» للبحث في إسم توافقيّ.

بعد جلسة الغد سيأخذ المسار الانتخابي شكلاً أكثر وضوحاً، إمّا الذهاب إلى الفراغ الذي سيسبّبه استمرار عون في المعركة، أو البدء بالبحث الجدّي عن إسم توافقيّ، وهذه ستكون المهمّة الأصعب داخل قوى 14 آذار.