IMLebanon

الأزمة الحكومية إلى التدويل

 

باتت الأزمة اللبنانية وكأنها متجهة إلى التدويل نظراً لصعوبة حل المعضلات الداخلية وفي طليعتها الأزمة الحكومية والتي باتت تنذر بعواقب وخيمة في حال لم تشكل هذه الحكومة في وقت قريب جداً على خلفية دخول لبنان في أزمات اقتصادية ومالية مزرية لم يسبق أن شهدها البلد في أي توقيت أو مرحلة، حتى إبان الحروب لم يصل لبنان إلى هذا الإفلاس على كافة المستويات.

من هنا فالجميع ومن يتابع ويواكب مسار التأليف، يدرك وفق مصادر سياسية متابعة للاتصالات والمشاورات الجاريتين مع القوى السياسية برمتها، بأن عقدة ما يسمى بسنّة الثامن من آذار ما هي إلا منطلق لفرض شروط إيران على من عاقبها إلى المناورة السياسية من قبل طهران للرد على الولايات المتحدة والذي كان مدروساً منذ فترة، ولهذه الغاية انتظروا التوقيت المناسب بمعنى إما توزير سنّة الثامن من آذار أو لا حكومة في ليلة إعلان مراسيم الحكومة الحريرية وهذا ما كان يتوقعه البعض ممن كان على بينة مما يحاك ويدبّر، وبالتالي طالما أن طهران حركت حزب الله لفرملة التأليف ووضع عقد جديدة أمام الرئيس المكلف، فإن ذلك يعتبر مدخلاً لتدويل الأزمة، وفي غضون ذلك شروع المجتمع الدولي بمن فيهم واشنطن للاتصال بإيران عبر أقنية ديبلوماسية متعددة من أجل الإفراج عن الحكومة اللبنانية وبمعنى أوضح الطلب من حزب الله حل عقدة سنّة المعارضة وعندها تشكل الحكومة.

وفي هذا السياق، تعتقد المصادر المذكورة أن ما جرى من وضع العصي في دواليب التأليف من قبل حزب الله بات يحرج العهد إلى حد كبير، وهذا ما بدأ وفق المعلومات المتداولة يدفع برئيس الجمهورية العماد ميشال عون لإيجاد مخرج جديد للأزمة الحكومة وليس مستبعداً أن يكون هناك لقاء حاسم يجمعه بالرئيس المكلف بغية السعي المشترك لإعلان الحكومة، وهذا ما ستظهر نتائجه ومعالمه قريباً جداً بينما تؤكد جهات أخرى أن المطلوب هو تحريك الدول الصديقة لدفعها باتجاه الضغط على المعرقلين إقليمياً، وهذا الأمر منوط بفرنسا التي وكما تقول بعض المصادر النيابية المتابعة أن باريس لم تتوقف عن اتصالاتها ومساعيها إنما الأمور ليست بهذه السهولة فثمة ملفات عالقة في المنطقة وعلى قدر كبير من الأهمية، وهذا الشأن يعتبر بالنسبة للمجتمع الدولي أولوية لا سيما الملف السوري إلى ما يحصل في العراق واليمن وفلسطين وبالتالي أن لبنان ليس متروكاً من قبل باريس إنما هناك عدم اكتراث لممارسة الضغوطات المطلوبة من قبل الولايات المتحدة الأميركية، ولهذه الغاية ليس غريباً على لبنان أن تلجأ بعض الدول كما تفعل طهران إلى استعمال ساحته منصة وساحة في سياق الكباش الإقليمي بين دول المنطقة، وبناء عليه فإن المخاوف قد تكون كبيرة ومستحيلة في حال تم تدويل عملية تأليف الحكومة وعندئذ يحتاج لبنان إلى تسوية جديدة على غرار تسوية الدوحة أو مؤتمر كمؤتمر «سان كلو» لأن المساعي الداخلية لم ولن تؤد إلى النتائج المتوخاة وهذا ما ظهر جلياً من خلال المساعي التي قام بها وزير الخارجية جبران باسيل مع معظم القوى السياسية، بحيث اصطدم بواقع حزب الله الذي سبق وان حدد العناوين التي يمكن أن يتم قبولها من وبمعنى آخر إن الحزب بعث برسالة معناها ليس هناك من بحث أو مفاوضات إلا بتوزير سنّة الثامن من آذار وهذا أمر محسوم وغير قادر لأي ديبلوماسية أو تدوير زوايا للتفتيش عن مخرج آخر.

وأخيراً يظهر أن ولادة الحكومة ليست في القريب العاجل بل الترقب سيكون باتجاهات معينة أولاً ما ستصل إليه الأمور بين الرئيس المكلف وسنّة المعارضة للتفاوض المباشر وغير المباشر بينهما، تالياً دور رئيس الجمهورية الشخصي حيث هو من سيتولى إيجاد مخرج بعدما فوض الوزير باسيل لهذه المهمة، ومن ثم وهنا الأهم كيف ستتحرك واشنطن وباريس والدول المعنية أو عواصم القرار مع دخول لبنان في نفق مظلم سياسياً واقتصادياً وفي ظل غياب للحكومة التي ستتابع نتائج مؤتمر «سيدر» وغيره من الملفات الكثيرة، وإلا الآتي سيكون أعظم من مراحل سابقة في ظل المعاناة المالية والاقتصادية وملف النازحين والحروب في المنطقة وغيرها من التطورات والتحولات في الإقليم.