IMLebanon

برّي: «الآليّة» تجعل الوزراء ملوكاً… وإتّــــصالات «إيجابيّة» لعقد جلسة تشريعيّة

اختُتم الأسبوع السياسي بحراك غربي ـ أوروبّي في فيينّا، على هامش الاجتماع الوزاري الغربي في شأن الملف النووي الإيراني، في محاولةٍ للحدّ من التوتّر بين إسرائيل وحركة «حماس» اللتين دخلت الحرب بينهما في غزّة أمس يومَها السادس، وبترقُّب للوضع في الجنوب عقبَ تجدّد إطلاق الصواريخ أمس الأوّل على شمال إسرائيل التي فتحت ملاجئها، فيما اعتبرَت قوات «اليونيفيل» الحادث خرقاً خطيراً للقرار 1701 ودعت لبنان وإسرائيل «إلى اعتماد أقصى درجات ضبط النفس والتعاون معها، منعاً لأيّ تصعيد».

وعلى وقع الشغور المستمر في سدّة رئاسة الجمهورية، تُراوح الحركة السياسية الداخلية مكانها، وسط خوف من انسحاب سياسة التعطيل التشريعي على العمل الحكومي، في ضوء عدم التمكّن الآن من إقرار ملف تعيين عمداء الكلّيات وتفريغ الأساتذة في الجامعة اللبنانية، ما يهدّد التضامن الوزاري.

ولوحظ في هذا السياق أنّ جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء المقبلة لم يوزَّع بعد على الوزراء، ما يعني أمراً من إثنين: إمّا أن لا جلسة ستعقد هذا الأسبوع، أو إذا انعقدت فستكون جلسة لإنعاش الحكومة التي تشَظّت في الجلسة الماضية، وإنهاء الحملات المتبادلة بين بعض الوزراء على خلفية تعيين عمداء الجامعة اللبنانية.

وعلمت «الجمهورية» أنّ رئيس الحكومة تمام سلام منفتح على إمكان الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء إذا تبلّغ من الاطراف المعنيين موقفاً يؤكّد تصميمهم على عدم تعطيل العمل الحكومي، ولكن أن يكون موقفاً حقيقياً لا موقفاً إعلامياً فحسب.

وحرصت مصادر سلام على توجيه العتب الى طرفي النزاع، وقالت إنّ هذه المواقف لا تخدم الحرص المعلن على وحدة الحكومة وتضامنها في مواجهة التطوّرات التي يعيشها لبنان والمنطقة، وإنّ التلهّي بأمور من هذا النوع سيؤدي الى تأزيم الأوضاع في وقت تبحث الحكومة عن وحدتها يومياً، وهو ما يحرص عليه رئيسها الذي لا يمكنه القبول بما يؤدّي الى التوتّر بين أعضائها.

وأضافت المصادر: «إنّ رئيس الحكومة، الحريص كلّ الحرص على التوافق بين اطراف الحكومة لا يقبل بكثير من النصائح التي توجَّه اليه على انّها من باب اللوم على قرار اتّخذه، فهو لم يتّخذ ايّ قرار يمكن ان يهدّد وحدة السلطة التنفيذية، لأنه متأكّد من انّ إدارة شؤون البلاد هي من مسؤولية الجميع، كلّ من موقعه، وهو ما يطالب به الجميع قولاً وفعلا».

برّي

من جهته، قال رئيس مجلس النواب نبيه برّي: «إنّنا لا نقبل بأن تُشَلّ الحكومة، بل نحن نريدها ان تعمل هي والمجلس، مثلما نريد انتخاب رئيس الجمهورية. ولكن للأسف الطريقة التي اتّبعت لا تترجم الآلية التي يلحظها الدستور في ممارسة مجلس الوزراء صلاحيات رئاسة الجمهورية بالوكالة، وإنّما تكبِّل الحكومة وتجعل الوزير ملكاً».

وأشار بري إلى انّه «يفترض أن يحلّ مجلس الوزراء مكانَ رئيس الجمهورية، وبالتالي فإنّ القرارات التي يتّخذها إنّما تصدر إمّا بموافقة أكثرية النصف زائداً واحداً من الوزراء، وإمّا بأكثرية الثلثين، فلماذا نرهن توقيع هذه القرارت بموافقة جميع الوزراء؟ لكنّ الرئيس تمام سلام، ولحِرصه الشديد على الوفاق قبِلَ بآلية التوافق على كلّ شيء وكانت النتيجة أنّ الحكومة صارت مكبّلة».

وردّاً على سؤال حول إطلاق الصواريخ من الجنوب، قال برّي: «وقوفنا معروف الى جانب المقاومة الفلسطينية والقضية الفلسطينية، ونحن قاتلنا العدوّ الاسرائيلي ولا نزال، ولكنّ إطلاق الصواريخ العشوائية لا يجدي، ولا يخدم المعركة، بل نحن لا نرى فيه إلّا محاولة لتوريط لبنان».

وسُئل برّي: هل ستنعقد جلسة تشريعية هذا الأسبوع؟ فأجاب: «الاتصالات مستمرة والأجواء إيجابية حتى الآن، ولكنّها ليست نهائية».

الراعي

وفيما الأفق الرئاسي يبقى مسدوداً، أطلقَت بكركي صرخة متجدّدة. وسأل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي النواب، إلى متى يهملون واجبهم الدستوري بانتخاب رئيس للجمهورية؟»، واتّهمَ المسؤولين السياسيين بإهمالهم الشعبَ وتركِهم إيّاه «فريسةَ الجوع والقهر والخطف والابتزاز والتهجير»، وبتفكيك «أوصال الدولة ومؤسّساتها بدءاً من إقفال القصر الجمهوري، وحرمانه من الرأس الذي يعطي الحياة لمؤسّساتها».

واعتبر الراعي أنّ «المسؤول الحقيقي والجدير بحمل المسؤولية هو الشخص المتجرِّد من ذاته ومن مصالحه، يُضحّي بكلّ شيء من أجل نموِّ البلاد»، و»المسؤول القويّ ليس مَن يفرض نفسَه مسؤولاً، بل الذي يبحث الناسُ عنه ويقيمونه رئيسا». وقال: «لا نرضى على الإطلاق بهذا الواقع المأسوي الذي بلغ ذروته في حرمان الدولة اللبنانيّة من رئيسٍ لها. ولا يُقنعُنا أيُّ مبرّر بانتهاكِ الدستور والميثاق الوطني ونتائجه على مجلس النّواب والحكومة المتعثِّرَين. ولا نرضى بإذلال المواطنين بعدم منحِهم حقوقَهم، وبحرمانهم من مقوّمات الحياة الأساسيّة، ولا نرضى ان يكون طلّابنا رهينة هذا النزاع القائم في لبنان، ولا نرضى أن يُحرَم شعبنا من الماء والكهرباء، والأمن والاستقرار».

وشدّد الراعي على أنّ «انتخاب الرئيس هو الواجب الأوّل على مجلسِ النواب ومجلسِ الوزراء قبل أيّ عملٍ آخر. ذلك، لكي يستقيم عملُهما، ويتمكّنا من ممارسة مسؤولياتهما التشريعيّة والإجرائيّة، التي يُحييها ويُشرّعها رئيس البلاد، تماماً كما يفعل الرأس لجميع أعضاء الجسد؟». وسأل: «أليس صوتُ النائب في انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة صوتًا شخصيًّا، حرًّا، مسؤولاً، يكون في خدمة مصلحة الوطن العليا؟ فكيف يوفِّق بين هذه ومصلحة الكتلة النيابيّة التي ينتمي إليها؟». وأضاف: «هل نوّابُنا الكرام في مختلف الكتل مقتنعون بعدم انتخاب رئيس للجمهورية، وبتداعيات ذلك على كلّ البلاد؟ فإذا كانوا مقتنعين، نقول لهم إنّهم يخونون وظيفتهم، وقد وكّلهم المواطنون الذين انتخبوهم لهذا العمل الشريف. أمّا إذا كانوا غيرَ مقتنعين ولا يجرؤون على تحرير صوتهم، خوفاً على مصالحهم، فإنّنا نلومهم. وفي الوقت عينه نذكّرهم بواجب «اعتراض الضمير» وهو عدم الالتزام بما يرَونه ضرراً للبلاد وإساءة للشعب، وتعطيلاً لمصالح الوطن». وسأل الراعي: «لماذا لا يحضر جميع النواب إلى المجلس النيابيّ ويختارون مَن يشاؤون رئيساً للبلاد من بين المرشّحين علناً ومن بين غير المرشّحين؟ إلى هذا الحدّ هم عاجزون؟ وينتظرون، كالعادة، أن يُقال لهم من الخارج إسمُ الرئيس لكي يدخلوا المجلس النيابي ويدلوا بصوت غيرهم، لا بصوتهم الشخصيّ؟ ولئن كان هذا الأمرُ مُخجلاً ومُذِلاً للكرامة الوطنيّة، فسنعمل نحن على ما يصون الجمهوريّة اللبنانيّة، ويحمي الدولة، ويحفظ مكانها ومكانتها في الأسرتَين العربية والدولية».

جبهة الجنوب

وفي المقلب الأمني، ساد الهدوء الحذر على الحدود بين لبنان وإسرائيل، في ظلّ التدابير الأمنية الإستثنائية التي اتّخذتها وحدات الجيش والقوات الدولية على طول الحدود الجنوبية، وتحديداً في القطاعين الغربي والأوسط، بعد القصف الإسرائيلي الذي شهدته المنطقة حتى فجر أمس الأحد، وسبقه إطلاق ثلاثة صواريخ من مجموعة مجهولة الهويّة على مستوطنة نهاريا في الجليل الغربي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وسيّرت قوات «اليونيفيل» والجيش اللبناني دوريّات مشتركة شملت الخط الساحلي من رأس العين حتى الناقورة، وداخل القرى الحدودية وعلى طول الخط الأزرق بين القطاعين الغربي والأوسط. وسُجّل صباح امس تحليق للطيران الحربي الاسرائيلي على علوّ متوسط في أجواء القطاعين الاوسط والشرقي من بنت جبيل حتى مرجعيون وحاصبيا.

وتَرافقَ كلّ ذلك مع إطلاق الإسرائيليين قنابل مضيئة في سماء المنطقة جنوبي صور ساحلاً وجبلاً، وصولاً حتى بوّابة راميا.

وكان مجهولون أطلقوا مساء السبت ثلاثة صواريخ في اتّجاه الأراضي الإسرائيلية، من سهل القليلة جنوب صور. ولكنّ الجيش الإسرائيلي لم يعترف سوى بصاروخين «سقطا من جنوب لبنان على شمال إسرائيل»، ما عُدّ أنّ صاروخاً ثالثاً قد تاه، وهو ما يدلّ على أنّ الرماة كانوا من الهواة وليسوا ممّن يتقنون عملية القصف، على رغم نجاحهم في إخفاء مصدر إطلاق الصواريخ الذي، على ما يبدو، كان مموّها جيّداً حتى ساعات المساء، حيث أنهى الجيش البحثَ بعثوره على قواعد الصواريخ في منطقة سهل رأس العين جنوب مخيّم الرشيدية الفلسطيني. كذلك عثر في المكان على قنبلة غير منفجرة.

«حماس» تنفي

وفي الوقت الذي لم تعلن أيّ مجموعة مسؤوليتها عن العملية، نفى عضو القيادة السياسية لحركة «حماس» في لبنان جهاد طه، ما تناقلته وسائل إعلام عن تبنّي «كتائب القسّام» إطلاقَ صواريخ من جنوب لبنان باتّجاه الأراضي الفلسطينية، مؤكّداً أنّ «العمل العسكري لكتائب القسّام محصور داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة». وقال إنّ «حماس» تحترم السيادة اللبنانية»، مستغرباً «زَجّ «كتائب القسّام» بهذا الأمر الذي يحتمل أغراضاً سياسية إقليمية ودولية».

معارك

وفي سياق أمنيّ آخر، تحدّث مصدر أمني لبناني لـ»وكالة الصحافة الفرنسيّة» عَن مقتل عنصر من «حزب الله» على الأقلّ وجرح 12 آخرين في معارك عنيفة مع مُقاتلين من المعارضة السوريّة بين قرية عرسال اللبنانيّة وبلدة القلمون السوريّة.

وقال إنّ «معارك تدور منذ مساء السبت بين مُقاتلين من الحزب وآخرين من المُعارضة في المنطقة الحدوديّة غير المُرسَّمة بين سوريا ولبنان».

من جهته، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى مقتل عنصرين من «حزب الله» وعدد كبير من الجرحى.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن للوكالة إنّ «معارك يوميّة تدور بين الطرفين، لكن يبدو أنّ حزب الله هو الذي بدأ الهجوم هذه المرّة للقضاء على جيوب المعارضة». وأضاف أنّ مئات من المقاتلين المعارضين يختبئون في تلال ومغاور جبل القلمون بعد انسحابهم من القرى، ويشنّون منها هجمات على مواقع النظام و»حزب الله».