IMLebanon

برّي لـ «الجمهورية»: إلى فراغ فوق فــراغ ولا رواتب بلا قانون

رشَح من حصيلة المشاورات والاتصالات أمس أنّ البلاد مقبلة على مرحلة من التشنّج السياسي قد تنطلق نهاية الشهر الجاري حيث ستصادف عطلة عيد الفطر، في حال لم يقبض موظّفو القطاع العام رواتبهم التي تحتاج إلى قانون، وكذلك في حال لم يتمّ إقرار سلسلة الرتب والرواتب، لأنّ وزير التربية الياس بوصعب أبلغَ إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي أنه في حال عدم تصحيح مسابقات الامتحانات الرسمية من الآن وحتى عشرة أيام، فإنه لن يكون في مقدور أيّ طالب الالتحاق بأيّ جامعة في الخارج.

يبقى الترقّب سيّد الموقف في انتظار ما ستؤول إليه الجهود الدولية والعربية المستمرة للتهدئة في غزّة في اليوم العاشر للعدوان الاسرائيلي على القطاع، والذي تجدّد بعد ظهر أمس عقب انتهاء فترة الهدنة الانسانية التي دامت خمس ساعات، وسط نفي كلّ من اسرائيل وحركة «حماس» التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

في الموازاة، يبقى لبنان أسير التجاذبات السياسية التي عرقلَت عقد جلسة لمجلس الوزراء، وأخرى تشريعية لمجلس النواب، ومدّدت أمدَ الشغور الرئاسي، فيما جدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري امس دعوته الى جلسة لانتخاب رئيس جمهورية جديد ظهر الأربعاء المقبل، أمّا اليوم فتشخصُ الأنظار الى «البيال» لترقّب المواقف التي سيعلنها الرئيس سعد الحريري في خلال سلسلة الإفطارات السنوية التي يقيمها تيار «المستقبل»في عدد من المناطق.

رائحة التمديد

وقال بري لـ «الجمهورية»، ردّاً على سؤال: هل من رائحة للتمديد للمجلس؟: «تبدأ الرائحة بالتصاعد إذا تخطّينا منتصف آب ولم ننتخب رئيس جمهورية، ويصبح التمديد عندئذٍ وارداً، لأنّ البعض، خصوصاً تيار «المستقبل»، يتبجّح بأنّ بدءَ مهلة الانتخابات وإجراءَها من دون انتخاب رئيس سيؤدّيان الى استقالة الحكومة، وعندئذٍ مَن يجري الاستشارات الملزمة لتكليف شخصية تأليف حكومة جديدة؟. ولذلك يجب انتخاب الرئيس من الآن وحتى شهر آب».

وأكّد برّي «أنّ الاوضاع الامنية السائدة الآن تسمح بإجراء الانتخابات، إلّا إذا حصل تطوّر أمني كبير، خصوصاً أنّ الدوائر المعنية تستعدّ لهذه الانتخابات»، وقال: «إنّ عدم التحوّط لإجراء الانتخابات سيجعل البلاد في فراغ فوق فراغ، لا رئيس جمهورية ولا حكومة ولا مجلس نيابياً».

وسُئل بري عن الجلسة النيابية التشريعية في شأن رواتب موظّفي القطاع العام، التي تجري الاتصالات لعقدِها، فقال: «لا اتّصالات ولا مشاورات، ولن تكون هناك رواتب للموظفين في نهاية الشهر إذا لم يقرّ مجلس النواب قانوناً لهذه الغاية».

وأكّد بري أنّه لن يسمح بمخالفة القانون في صرف الرواتب لموظفي القطاع العام «بالطريقة التي اعتُمدت منذ العام 2005، وهي ما يريدها تيار «المستقبل». وأشار الى «أنّ الحوار الجاري مع التيار سلبيّ، وهذه إشارة ليست لي، بل لوليد جنبلاط الذي يعمل على خط هذا الحوار مع تيار «المستقبل» حول موضوع الرواتب. وعندما يردّ التيار سلباً فإنّ الرسالة هي إلى جنبلاط».

وقال برّي: «لا يريدون اجتماع المجلس، إذن ماذا يفعل هذا المجلس، لا ينتخب رئيساً ولا يشرّع ولا يراقب، هل هو فقط لدفعِ معاشات النوّاب؟

وحول ما يطرحه البعض حول شراء مياه من تركيا، قال بري: «لدينا مياه شرب عذبة في ثلاث مناطق بحرية، هي صور وقبالة المعاملتين والشمال، ويمكن استخراج المياه منها، وهي مياه صالحة للشرب، وكنت قد اختبرتها شخصياً في وقت سابق قبالة صور.

علماً أنّني عرضت على القبارصة عندما زرتُ قبرص العام الماضي ان يمدّهم لبنان بهذه المياه، ومع ذلك يريد البعض في لبنان شراء المياه من تركيا، فيما استجرار هذه المياه من البحر لا يحتاج إلّا الى مَدّ قساطل فقط».

وعن موضوع صرف رواتب موظفي القطاع العام، قال بري: «المشكلة ليست ابنةَ اليوم، فقد كانت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عملَت على تأمين رواتب الموظفين لسَنة وأقِرّت بقانون في جلسة لمجلس النواب في حينِه، لكنّ الرئيس فؤاد السنيورة طلبَ يومها الاكتفاء بإقرار 80 في المئة من هذه الرواتب والإبقاء على عشرين في المئة، بغية حضّ حكومة ميقاتي على إنجاز الموازنة، وها قد أنجزها وزير المال علي حسن خليل الآن، فلماذا لا يقرّون المبلغ المتبقّي الذي يبلغ ألف وأربعمئة مليار ليرة لبنانية التي هي سبب المشكلة اليوم».

حراك ديبلوماسي

وكان بري أمس محورَ حراك ديبلوماسي لافت، حملَ تحذيرات من التأثير السلبي للشغور الرئاسي ودعوات متجدّدة الى استعجال انتخاب رئيس جمهورية في أسرع وقت.

وفي هذا الإطار، حذَّر المنسّق الخاص للامم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي الذي التقاه برّي من «التأثير السلبي للشغور الرئاسي على عمل كلّ مؤسسات الدولة وخصوصاً مجلس النواب، الأمر الذي يزداد وضوحاً يوماً بعد يوم، ويبيّن هذا ضرورة عمل جميع الأطراف من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن».

باولي: لا فيتو على أحد

من جهته، شدّد السفير الفرنسي باتريس باولي على ضرورة انتخاب رئيس جمهورية جديد في اقرب وقت. ووجّه رسالة من بلاده الى اللبنانيين عبر برّي مفادُها «أنّ عليهم أن لا يتعوّدوا على الفراغ في رئاسة الجمهورية». وقال: «نحن نطلب ذلك كأصدقاء، وليس لنا أيّ مرشّح أو أيّ فيتو على أحد، ولكنّنا ننادي اللبنانيين لانتخاب الرئيس في أقرب وقت».

التوافق الحكومي

وعلى الخط الحكومي، واصلَ رئيس الحكومة تمام سلام أمس لقاءاته مع الوزراء، كلّ على حِدة، مستكشفاً الأجواء تمهيداً لدعوتهم الى جلسة لمجلس الوزراء، لا يريدها أن تنعقد قبل التفاهم على أسُس جديدة للنقاش فيها، تمنع تجميد أعمال المجلس متى وقع خلاف بين أيّ وزير وآخر، ما دام شرط التوافق متحكّماً بمصير المواضيع المطروحة على جدول أعمال مجلس الوزراء.

وقالت مصادر مُطّلعة لـ»الجمهورية» إنّ سلام بدا يستطلع الأجواء سعياً إلى ترتيب جديد لعمل المجلس ينهي العمل بمبدأ التفاهم الشامل والكامل الذي يمكن أن يكون مستحيلاً في بعض الحالات غير الأساسية، بحيث يمكنه هو أو أيّ من الوزراء الدعوة الى التصويت على أيّ قرار يمكن ان يكون مطلوباً من المجلس، على أن يبقى موضوع الإجماع متصلاً بالقضايا الميثاقية والقرارات الكبرى التي لا يمكن إحالتها على التصويت طالما إنّ أيّ موقف رافض لها قد يسيء الى الميثاقية اللبنانية.

وقالت المصادر إنّ سلام لمّحَ أمام بعض الوزراء الى ضرورة استعادة المجلس نشاطَه العادي لتسيير شؤون الناس، على ان تُحال القضايا الخلافية الى التصويت، وهي التي تتّصل بتسيير شؤون الناس العادية والبسيطة غير الجوهرية، والتي لا تتصل بالميثاقية.

وعلى هذا الأساس فهمَ بعض الوزراء معنى التصريح الدستوري الذي أدلى به الوزير رشيد درباس بعد زيارته سلام أمس وأطلق فيه ما يشبه آلية جديدة للعمل في المجلس لتصحيح تلك السابقة التي تعطي حقّ «الفيتو» لهذا الوزير أو ذاك في أيّ قرار وزاريّ، وهو ما أدّى الى «كربجة» عمل المجلس نتيجة الخلاف على تعيين عميد أو موظف في وزارةٍ ما.

مشروع جلسة

على صعيد آخر، قالت مصادر مُطّلعة إنّ سلام، وفي ضوء ما استخلصَه من لقاءاته مع الوزراء، لم يقرّر بعد دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد، على رغم التشديد على ضرورة عودة المجلس الى جلساته الأسبوع المقبل، وإذا ما لم يتمّ التفاهم على ملفّ الجامعة اللبنانية فليوضع على الرفّ، ويستأنف المجلس عمله في ما لديه من قضايا وملفّات بالمئات تتصل بمصالح المواطنين في مختلف المجالات.

أندراوس

وفي المواقف، دعا نائب رئيس تيار «المستقبل» أنطوان اندراوس الى ترقّب ما سيعلنه الحريري اليوم، أملاً في سماع «كلام جديد، في ظلّ المرحلة الجديدة التي دخلت فيها البلاد ووسط غليان المنطقة».

وقال لـ»الجمهورية»: «إنّ الحريري زعيم سنّي معتدل، وهناك أصوات مسيحية تعتبره من أقرب الناس إليها، ومصلحتها تكمن في أن تكون قريبة من الاعتدال، وهو يمثّل الاعتدال الأكبر في لبنان». وأكّد «أنّ إفطارات «المستقبل» هذه السنة جاءت لتتحدّى الظروف الصعبة، فسياسة التيار مَبنية على الاعتدال والحياة، وليس على الموت».

وأضاف: «إنّ الحوار بين «المستقبل» ورئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون لم يتوقّف، لكنّ عون هو مَن أوقفَ كلّ شيء، ولا يعتقدَنّ أحد أنّه ينتظر الحريري، بل على العكس الحريري هو من ينتظره، طلبَ منه التحدّث مع المسيحيين لكنّه لم يفعل، لا يرى على الارض إلّا نفسَه، حتى إنّه لا يتكلم مع البطريرك الراعي، «هو أو لا أحد»، وإنّ مبادرته مرفوضة، فالقانون الأرثوذكسي، أساساً نحن نرفضه، ثمّ إنّ انتخاب رئيس جمهورية من الشعب معناه نهاية المسيحيين في لبنان، فليسمح لنا».

وعن الحوار بين «المستقبل» وحركة «أمل» تمهيداً لعقد جلسة تشريعية، أشار أندراوس الى «أنّ الخلاف في موضوع الرواتب كبير، ووزير المال علي حسن خليل لا يملك خبرة كافية، وأنصحه بأن يستمع الى أصحاب الخبرة، خصوصاً الرئيس فؤاد السنيورة وغيره». واستبعدَ عقد جلسة تشريعية في المدى المنظور، مؤكّداً «أنّ الحلّ يكمن في انتخاب رئيس وتثبيت المؤسسات في لبنان».

وعن الوضع في طرابلس، قال: «الأمر واضح للعَيان، فكلّ من يريد أن «يدقّ» بتيار «المستقبل» والحريري يسارع إلى تحريك الوضع في المدينة، إذ إنّ القوّة الأكبر للتيار هي في الشمال، وفي كلّ فترة سيعاود النظام السوري وحلفاؤه في لبنان تحريك الوضع هناك».

رواتب الموظفين

على صعيد آخر، لا تزال قضية رواتب موظفي القطاع العام تدور في حلقة مفرغة، مع إصرار طرفي النزاع على مواقفهما، وتبادُل الاتهامات. ومع اقتراب نهاية شهر تمّوز بدأ هذا الملف يضغط أكثر فأكثر، مع إصرار وزير المال علي حسن خليل على ما يعتبره الأصول القانونية، وتمسّك قوى 14 آذار بالأعراف السائدة منذ العام 2005.

وفيما يطالب وزير المال، الموظفين، برفع الصوت باتّجاه الكتل النيابية لتتوجّه إلى مجلس النواب وتقرّ مشروع فتح اعتمادات إضافية، تُحمِّل قوى 14 آذار الوزير مسؤولية عدم حصول الموظفين على رواتبهم في نهاية الشهر.

وعُقد اجتماع في وزارة المال مساء أمس ضمّ خليل والوزير وائل ابو فاعور ونادر الحريري مدير مكتب الرئيس سعد الحريري، وتناولَ المجتمعون بالبحث موضوع عقد جلسة نيابية تشريعية لإقرار قانون يجيز صرف رواتب موظفي الدولة نهاية الشهر الجاري.

فتفت

إلى ذلك، قال عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت إنّ امكانية تأمين رواتب الموظفين «موجودة قانوناً عند وزير المال لتأمين الرواتب»، معتبراً أنّ موقف وزير المال هو «موقف سياسيّ ولا علاقة له بالقانون، علماً أنّنا مستعدّون لتسهيل قانون عبر موازنة 2014، يكون شبيهاً بالمادة 32 في موازنة 2005 التي تسمح باستمرار الصرف للنفقات الدائمة حتى قبل إقرار الموازنة». (تفاصيل ص 11)

الوضع الأمني

وقد حضرَ الوضع الأمني عموماً، وفي الجنوب خصوصاً في لقاء برّي مع بلامبلي الذي يلتقي اليوم عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض. وأكّد بلامبلي أنّه اتّفقَ وبري على أهمّية حماية الهدوء السائد هناك، وكذلك ضمان تطبيق القرار 1701 بنحو فعّال. كذلك حضرَ الوضع الأمني في لقاء سلام مع قائد الجيش العماد جان قهوجي.

شكوى بإسرائيل

توازياً، تقدّمت وزارة الخارجية أمس بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي على الخروق الإسرائيلية للسيادة اللبنانية وللقرار 1701، واعتبرَت في شكواها أنّ «إطلاق بعض الأفراد والعناصر المتفلّتة أو المجموعات الهامشية الصواريخَ في اتّجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة عملٌ مرفوض لا يخدم مصلحة لبنان أو مصلحة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزّة، ويعطي الذرائع لإسرائيل للاعتداء على لبنان وسيادته، مهدّداً السلم والأمن الدوليّين».

من جهة ثانية، أفاد مندوبنا في الجنوب أنّ الجيش قطعَ طريق صور – الناقورة ذهاباً وإياباً لأسباب أمنية، ومشَّطَ أحد بساتين الحمضيات في رأس العين – القليلة، إثر الاشتباه بحركة داخله.

إلى ذلك، شهدَت منطقة المعلية عملية عسكرية، وتقول المعلومات إنّه أُلقِيَ القبض على فلسطيني، فيما فرَّ ثلاثة آخرون، والجيش قطع الطريق وانتشر بكثافة.