IMLebanon

بعد الإنتحاريين مُطلقو الصواريخ في قبــضة الأمنيين .. والأنظار إلى المونديال

الأنظار في عطلة نهاية الأسبوع مشدودة إلى «المونديال»، لمعرفة من سيفوز في كأس العالم بين ألمانيا والأرجنتين. وقد تحوّل اللبنانيون بين ليلةٍ وضحاها من خبراء في السياسة إلى خبراء في كرة القدم، يرجّحون كفّة هذا الفريق على ذاك، ويعدّدون نقاط القوّة والضعف لدى كلّ من الفريقين، ويتمَوضعون بشكل حادّ وعمودي على طريقة اصطفافاتهم السياسية. ولكن من حسنات «المونديال» أنّه أدّى إلى تعبئة الفراغ في الحياة السياسية، هذا الفراغ الذي لم تقتصر تداعياته على رئاسة الجمهورية، إنّما انسحب على الحياة السياسية بمجملها، حيث غابت السياسة لمصلحة الملفّات الأمنية والاقتصادية والمعيشية التي تصدّرت واجهة الأحداث والمتابعات، وآخرُها ملفّا الجامعة اللبنانية الذي هزّ الاستقرار الحكومي، وإطلاق الصواريخ من جنوب لبنان الذي كانت تحسّبَت له قوات «اليونيفل» والحكومة اللبنانية التي دعت الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية إلى الاستنفار منعاً لاستخدام الساحة الجنوبية من قِبل القوى الأصولية وتعميم الفوضى الأمنية. واللافت أنّ القوى الأمنية اللبنانية التي كانت نجحَت في تعقّب الانتحاريين وتطويق تحرّكهم وإفشال مخطّطاتهم عبر ضربات استباقية، نجحَت مجدّداً في تسجيل إنجاز أمنيّ إضافي، حيث تمكّنت بسرعة استثنائية من توقيف مطلقِي الصواريخ، في سابقة مهمّة، من مؤشّراتها التعاونُ الوثيق بين «اليونيفل» والجيش اللبناني و»حزب الله».

فيما يستمر العدوان الإسرائيلي على غزّة، قفزَ الوضع الأمني في الجنوب إلى الواجهة بعد إطلاق صواريخ كاتيوشا «أصولية» من الأراضي اللبنانیة باتّجاه شمال إسرائيل التي ردّت بقصف أطراف بلدات كفرشوبا وحلتا والمجيدية بأكثر من 25 قذيفة مدفعية، فيما عطّلت مخابرات الجيش صاروخين كانا مُعَدَّين للإطلاق من منطقة حدودية.

وفي حين استبعَد مسؤولون عسكريون إسرائيليون، حسب ما ذكرت الإذاعة الاسرائيلية، أن يكون «حزب الله» خلف عمليات إطلاق الصواريخ، واعتبروا أن لا مصلحة للحزب على الإطلاق بالدخول في مواجهة مع إسرائيل، كان لافتاً سرعة الأجهزة الامنية في التمكّن من توقيف مطلِقي الصواريخ، وقد رجّحت التحقيقات الأوّلية انتماءَهما الى جهة أصولية.

وأعلنت قيادة الجيش اللبناني، في بيان، أنّ «جهة مجهولة أقدمت على إطلاق ثلاثة صواريخ من منطقة مرجعيون – حاصبيا باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى الأثر سيّرت قوى الجيش دوريات في المنطقة المذكورة».

وذكر البيان أنه تمّ تفكيك منصتي صواريخ مع صاروخين و25 قذيفة في منطقة كفر كفرشوبا.

من جهتها، وضعت قوّات «اليونيفيل» عناصرها في أقصى درجات الإستنفار، فيما سيّرت دوريات مشتركة بالتنسيق مع الجيش اللبناني على محاور القطاع الشرقي.

لا تغييرات

وتعليقاً على ما شهدته منطقة الجنوب أمس، قالت مصادر ديبلوماسية غربية لـ«الجمهورية» إن الأمر لم يكن مستبعداً على الإطلاق، فالخطط التي لجأت اليها وحدات الجيش والقوات الدولية فور ارتفاع نسبة التوتر في غزة كانت تحسّباً لعمليات من هذا النوع، ما دفعهما إلى اتخاذ تدابير إستثنائية أدّت الى تحديد مصادر إطلاقها في اقلّ من ثلاث ساعات وصولاً الى مرحلة توقيف مُطلقي الصواريخ.

ولفتت المصادر الى انّ القوات الدولية أدّت دوراً كبيراً في حصر بؤرة التوتر ومنع امتدادها في الجنوب جرّاء قناعتها بحرص لبنان على الحفاظ على الهدوء في الجنوب عملاً بمقتضيات القرارات الدولية ولا سيما القرار 1701 الذي صدر في تاريخ 12 آب عقب حرب تموز 2006.

وأضافت المصادر انّ الحادث لن يؤدي الى اي تغييرات امنية او عسكرية دراماتيكية في الجنوب اللبناني. فالإتصالات التي تلاحقت ادّت الى اعتبار ما حصل حادثاً خارج إدارة الطرفين على جانبي الحدود في معزل عن الاستعدادات اللبنانية والإسرائيلية للتوجّه الى مجلس الأمن الدولي وتقديم شكوى متبادلة بين الطرفين.

وكانت وحدات الجيش عزّزت تدابيرها الأمنية في المناطق المرشّحة لتكون ساحة توتر.

وكشفت مصادر واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية» انّ قيادة الجيش نقلت اللواء الثامن من منطقة الجنوب بعد التنسيق مع القوات الدولية ليتولى تعزيز الإجراءات الأمنية في البقاع الشمالي والحدود اللبنانية – السورية تحديداً. فانتشر الى جانب فوجَي الحدود والمجوقل في المنطقة المواجهة للحدود السورية، بهدف منع تسلل المسلحين السوريين الى الأراضي اللبنانية بعد إقفال عشرات المعابر غير الشرعية بين سوريا ولبنان استكمالاً لإقفال الجيش السوري و»حزب الله» المعابر.

سلام يواكب

وكان رئيس الحكومة تمام سلام واكب التطورات الجنوبية فاطّلع هاتفياً من نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل على تفاصيل الاعتداء الاسرائيلي على لبنان والتطورات الامنية في الجنوب.

وقد جدّد مقبل التأكيد انّ «الجيش والقوى الامنية في جهوزية تامة لمواجهة ايّ خروق، وانّ بعض المعلومات التي تنشر في بعض وسائل الاعلام غير دقيقة ولا تستدعي الهلع». واكد «التصميم على متابعة تنفيذ الخطة الامنية المعدة للمناطق كافة ولا شيء يُثنينا عن تحقيقها مهما بلغت العقبات والتحديات».

8 آذار

وأكدت مصادر في فريق 8 آذار لـ«الجمهورية» ان لا علاقة لـ»حزب الله» بالصواريخ التي اطلقت على إسرائيل، كما لا مصلحة له في معركة لا علاقة له بها، وأبدَت اعتقادها انّ من دخل على الخط في الجنوب ليس بعيداً عن مناصري حركة «حماس»، أو من يدور في فلكها، وطمأنت الى انّ جبهة الجنوب ستظل هادئة، واستبعدت ان تُقدم اسرائيل على اي حماقة، فهي لا تريد ان تتورّط اكثر.

من جهة أخرى، استبعدت المصادر تنفيذ التهديدات باجتياح قطاع غزة برّاً، على رغم انّ التصعيد سيأخذ بعض الوقت، مشيرة الى انّ لا الاسرائيلي كان يريد هذا التصعيد ولا المقاومة الفلسطينية، انما شاء الاسرائيلي الانتقام لمقتل الفتيان الثلاثة ففوجىء بصواريخ المقاومة. واكدت المصادر ان لا مصلحة لـ»حماس» في إطالة أمد المعركة ولا مصلحة لتل أبيب في ان يبقى مطار بن غوريون مقفلاً والسياحة معطلة.

حوار «أمل» ـ «المستقبل»

واستكمالاً لِما نشرته «الجمهورية» امس الأول حول التحضيرات الجارية لعقد جلسة تشريعية، كشفت مصادر مطلعة انّ لقاء ثانياً عقد ليل الأربعاء ـ الخميس الماضي بين وزير المالية علي حسن خليل ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري، هو استكمال للقاء الأول الذي عقد في ضيافة وزير الصحة وائل ابو فاعور مطلع الأسبوع نتيجة للوساطة التي قام بها رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط بين حركة «امل» وتيار «المستقبل»، وباشر في تنفيذها فور عودته من زيارته الثانية الى باريس ولقائه الرئيس سعد الحريري، سعياً الى توفير النصاب الدستوري لجلسة نيابية تشريعية لبَتّ بعض القضايا على قاعدة انّ «الضرورات تجيز المحظورات».

وقالت مصادر رافقت التحضيرات لهذه الجلسة لـ«الجمهورية» انّ اللقاء الأول في حضور ابو فاعور إنتهى الى تحديد نوع من برنامج العمل يتناول القضايا التي يمكن ان يتركز حولها الحوار بين الطرفين، وهو امر جعل وزير المال يتقدم بدعوته الى عقد هذه الجلسة لاستصدار قانون جديد يجيز لوزارة المال دفع رواتب الموظفين في القطاع العام والهيئات المستقلة في الدولة، مستنداً الى توافق ضمني مع «المستقبل» بقيَ طيّ الكتمان على باقي الفرقاء، خصوصاً نوّاب حزب الكتائب و»القوات اللبنانية» و«المستقلين» الذي يصرّون على دور المجلس النيابي كهيئة ناخبة قبل الحديث عن أي مهام تشريعية أخرى.

وتحدثت المصادر عن تفاهم مبدئي بين خليل والحريري على حصر التشريع في الجلسة متى عقدت بالحد الأدنى من الضروريات، وتحديداً بما يتصِل بتوفير الرواتب لموظفي القطاع العام، وسلسلة الرتب والرواتب كذلك بالنسبة الى القانون الخاص لإصدار سندات اليوروبوند لتغطية جزء مستحق من كلفة الدين العام.

وأوضحت المصادر انّ التفاهم لم يتحقق حول حجم التقديمات التي سيتضمنها مشروع السلسلة عندما ظل الخلاف قائماً حول فرض نسبة الزيادة على القيمة المضافة بدرجة 1 في المئة، حسبما يطالب نواب «المستقبل» ورفض بري للصيغة واستبدالها بتخفيضات على هذه التقديمات تتراوح بين 10 و15 في المئة ممّا هو مطروح فيها.

وقالت المصادر إنّ الحوار ما زال قائماً ويحتاج بعد الى جلسة أو اثنتين، وإذا ما إنتهى الى تفاهم نهائي ستكون الإتصالات مع نواب 14 آذار من مهمة تيار «المستقبل» فيما تعهّد خليل بتسوية الأمر مع نواب «التيار الوطني الحر» وتيار «المردة» وحلفائهما، وكلها خطوات تعتبر إلزامية قبل توجيه الدعوة الى الجلسة، الأمر الذي ما يزال من السابق لأوانه.

جنبلاط

وكان جنبلاط شدّد أمس على انه بات من الملحّ والضروري اليوم، وأكثر من اي وقت مضى، التمسّك بحدودنا القائمة في الوقت التي تشهد فيه المنطقة اعادة ترسيم للحدود بين الدول على قواعد جديدة مغايرة للقواعد التي اعتمدت في الحقبات السابقة.

ورأى جنبلاط ان لا مفرّ من خروج جميع المتورطين في سوريا عاجلاً أم آجلاً، لما لذلك التورّط من نتائج وانعكاسات سلبيّة على لبنان في ضوء الاشتعال الاقليمي المتصاعد، مع تأكيد اعادة الاعتبار، على رغم كل الصعاب، لسياسة النأي بالنفس التي قد تكون الوحيدة الكفيلة في تلافي غرق لبنان في المزيد من المخاطر الأمنية والسياسية.

ترو

وفي المواقف، شكّك عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب علاء الدين ترو في قدرة الحكومة على الاستمرار إذا ظلت تعالج الملفات العالقة بالطريقة التي تعتمدها، خصوصاً في ظل الفراغ الرئاسي وتعطيل عمل مجلس النواب.

وقال ترو لـ«الجمهورية»: «لا يجوز ان تسير الامور هكذا، نفهم انّ النائب يتعاطى مع ناخبيه، لكن الوزير لا يستطيع ان يكون لمنطقته او لطائفته بل يجب ان يكون لكل لبنان بغضّ النظر عن انتمائه الحزبي والسياسي والطائفي».

عيد

وبينما لا يزال تحرّك أهالي الموقوفين الإسلاميين وقادة المحاور في طرابلس مستمراً، برز تطور قضائي تمثّل في طلب قاضي التحقيق العسكري الأول رياض ابو غيدا عقوبة الإعدام للأمين العام للحزب العربي الديموقراطي رفعت علي عيد وأربعة من «قادة المحاور» التابعين له لتأليفهم عصابة مسلّحة بهدف القيام بأعمال إرهابية وإطلاق النار على الجيش، ولا بد من أن يشكّل هذا القرار تنفيساً للاحتقان في الشارع الطرابلسي الذي وصل إلى ذروته في الأيام الأخيرة نتيجة عوامل عدة، من بينها التأخير في البَتّ بالملف المتصِل بجولات القتال بين باب التبانة وجبل محسن، خصوصاً أنّ القضاء وضع هذه المرة المسؤولية على «الرأس» مباشرة، الأمر الذي يساعد على تهدئة النفوس وتبديد التشنّج واستكمال الخطة الأمنية. وإن دَلّ هذا القرار على شيء فهو يدلّ على عزم الحكومة عموماً ووزارة العدل خصوصاً رفض لفلفة الملفات وتمييعها عبر تحميل كلّ طرف مسؤولية أفعاله وارتكاباته.