IMLebanon

ثنائية الجبل.. حتى يسمع «الجنرال» و«الشيخ»!

الزعيم الاشتراكي يخشى كسر «بيضة القبّان»

ثنائية الجبل.. حتى يسمع «الجنرال» و«الشيخ»!

لم يبالغ وليد جنبلاط حين برّر «تلعثمه اللفظي» مستبدلاً اسم ميشال سليمان بميشال عون، بأنّه «يحلم به ليلاً». زلات اللسان الجنبلاطية لطالما كانت معبرة عما يضمره سيد المختارة الذي يخشى وصول اثنين لا ثالت لهما إلى بعبدا: ميشال عون وسمير جعجع.

وعلى أهمية المشهد الذي التقطته عدسات الكاميرات، في بريح والمختارة ودير القمر، فان وقوف الزعيم الدرزي إلى جانب بطريرك الموارنة ورئيسهم الأول، ولو كان في آخر أيامه، يقصّون معاً شريط مصالحة يفترض أنها خاتمة الصفحات الحزينة، هو المشهد الاستثنائي.

يعرف «أبو تيمور» أنّ مهرجان بريح الجامع للثنائية المسيحية ـ الدرزية، ما كان ليحصل لولا حراك تجري وقائعه في مكان آخر. هو «نقلة» استباقية، وقائية الطابع، على رقعة شطرنج قد تشهد انقلابات نوعية، في خضم المشهد الرئاسي.

هنا، لا بدّ من العودة إلى طاولة حكومة تمام سلام «الذهبية». عصا التوافق السحرية فعلت فعلها. أن يجلس وزراء «المستقبل» وعلى يمينهم رفاقهم «البرتقاليون» وعلى يسارهم ممثلو «حزب الله»، فيسيّرون سوياً الدفة كما يريدون.. فهذا أمر مخالف لمسار السنوات التسع الماضية، ولا يمر ّمرور الكرام.

هكذا لن يحتاج نهاد المنشوق إلى «بطولات» الوزراء «الاشتراكيين» العابرة للإصطفافات كي يعبّد طريق ملفات وزارة الداخلية المعقدة. يكفيه أن يتشاور على «الطاير» مع محمد فنيش الجالس الى يمينه وجبران باسيل الضاحك قبالته، كي يحمي هذا «التفاهم الثلاثي» جدول أعمال مجلس الوزراء من دون أية أدوار وسطية.

ينظر «أبو تيمور» بريبة الى معالم هذا الجسر العابر لخصومة مزمنة جعلته حاجة ضرورية للكل، أو «بيضة قبان» كما وصّفه الرئيس ميشال سليمان. أن ينجح ميشال عون في كسر الإصطفافات التي تمثلها 8 و14 آذار، فهذا أمر قد يغيّر المشهد، بمعزل عن حسابات الرئاسة الأولى.

واذا كان ثمة من ينظر لتوسيع دائرة «تفاهم مار مخايل» الثنائي، ليصير ثلاثياً، بانضمام «المستقبل» إليه، يبدو عون حريصا على عدم الانقلاب على تفاهمه مع «حزب الله». الأسـاس تحوّل الثنــائية إلى «ثلاثية حاكمة»، يكون هو ضابط ايقاعها من موقعه الضامن في رئاسة الجمهورية.

أصلاً لم يتردد فريد مكاري في البوح جهاراً بما يدور في رؤوس بعض «الزرق». التفاهم المباشر مع «حزب الله» و«التيار الحر» سيغنيهم عن «الضريبة على القيمة المضافة» التي يفرضها «الإشتراكيون» ليكونوا «القابلة القانوية» لكل شاردة وواردة. وما قاله نائب رئيس مجلس النواب في العلن، يهمس به حريريون في مجالسهم الضيقة. بهذا المعنى، تفوق حسنات وصول «الجنرال» إلى الكرسي المخملي، على سيئاته.

برغم ذلك، لن يغادر جنبلاط الموقع الوسطي. هو اعتبر أن ترشيح هنري حلو زاد المساحة الوسطية. يفضل الرجل أن يكون العهد الجديد تتمة للعهد السليماني، حيث تبقى فيه الكلمة الفصل لـ«الكتلة الوسطية». رئيس مثل ميشال سليمان، لا يأخذ من درب الآخرين، بل يتركهم أسياد اللعبة.

أما الشيعة، وتحديدا «حزب الله»، فلا يريدون أن يخسروا الشريك المسيحي، طالما أنّهم يجدون أنفسهم وشريكهم السني ضحايا فالق زلزالي كبير متحرك من أفغانستان الى لبنان مرورا بالعراق والخليج وباكستان، وبالتالي لن يكون سهلاً على الحزب أن يدير ظهره لميشال عون، أو أن يجعله يقع في أسر الآخرين، خصوصا وأنه يضع في الحسبان، أنّ الرافعة الاقليمية لـ«المستقبل» تفضّل جمع كل «الأضداد» لـ«مواجهة» ايران وحلفائها الاقليميين.

ولكن أكثر السيناريوهات عملانية هو التمسك بجسر ميشال عون للتخفيف من أضرار ثنائية الرابية ـ الضاحية الجنوبية. ولهذا بدا سعد الحريري متحمساً للعروض التي وضعها العونيون على طاولته، بعدما أثبتت فعاليتها على مائدة تمام سلام الحكومية.

كل هذه الصورة، بتفرعاتها النيابية التي سينتجها الاستحقاق المقبل حالما يحطّ رحاله، تغزل في رأس وليد جنبلاط. ماذا سيحلّ بموقعه؟ بشوفه؟ بكتلته؟ بزعامته؟ ماذا يضمن له أن يأتي بكتلة في الشوف اذا تحالف السنة والمسيحيون؟

مصالحة بريح أرادها جنبلاط تذكيرا بثنائية المتصرفية المسيحية ـ الدرزية وقوامها بكركي والمختارة.