IMLebanon

جنبلاط وفرنجية: إنهاء قطيعة.. وتشبيك بين «الورثة»

حوار غير مباشر بين الزعيم الدرزي.. والأسد!

جنبلاط وفرنجية: إنهاء قطيعة.. وتشبيك بين «الورثة»

قد تكون من المرات النادرة التي يأكل فيها الآباء الحصرم، والأبناء لا يضرسون.

للعلاقة بين «البكوات» نكهتها الخاصة. هم يفهمون على بعضهم البعض وتكاد منظومة مصالحهم أن تكون متشابهة الى حد كبير. علاقتهم بعامة الناس والأرض والعائلات والقصور وادارة التوازنات ضمن رقعة نفوذهم.

الوراثة متناسلة. من نظيرة الى كمال، فوليد وتيمور. من سليمان الجد الى طوني الشهيد وصولا الى طوني حفيد سليمان. القصة تبدأ ولا تنتهي.

لم يرث وليد جنبلاط وسليمان فرنجية في بداية علاقتهما السياسية أية عداوات. عامل الجغرافيا وبالتالي انتفاء التنافس المباشر، سهل مد القنوات، غير أن علاقة جنبلاط بسليمان فرنجية الجد تميزت بانضواء الاثنين تحت سقف الرئيس الراحل حافظ الأسد. بلغت علاقتهما مرحلة سياسية متقدمة عندما شكلا مع نبيه بري ورشيد كرامي وآخرين، «جبهة الخلاص الوطني» في منتصف الثمانينيات، فكانوا شركاء في الغاء 17 أيار وتوجيه ضربة الى نظام أمين الجميل.

امتد الحلف بين آل فرنجية وآل جنبلاط الى الطائف. هناك ركبا سوية «القطار السوري» واستفادا من ثمار الحقبة اللبنانية الجديدة، ولكن كل على طريقته وبأسلوبه، لا بل مرجعيته الدمشقية، على مدى خمسة عشر عاما، قبل أن تفرقهما مرحلة ما بعد القرار 1559 واغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

وقف الرجلان خلف متاريس الانقسام العمودي بين «8 و14 آذار» الذي فرقهما إلى حين التقيا على مائدة النائب طلال أرسلان في خلدة في 26 نيسان من العام 2009، قبل أن يدعوهما ميشال سليمان إلى القصر الجمهوري في 18 تشرين الثاني من العام ذاته.. لاستكمال «قائمة الأطباق» السياسية.

والمعروف عن «البيك» الزغرتاوي عفويته وصراحته التي تدفعه إلى قول الأمور كما هي. في حين يحلو لـ«البيك» الشوفي الغرف من معجن مفرداته التهكمية في توصيفه لشبكة علاقاته مع الآخرين، فلا يترك أحيانأً للصلح مطرحاً.

كل منهما يملك هامشاً واسعاً من المناورة، ضمن نطاق «زعامته»، لأنّ لا خطوط تماس مشتركة ولا «صراع رؤوس» ضمن الطائفة أو الجغرافيا، ولو أنّ اللقاءات بين قيادتي الحزبين وكوادرهما لم تنقطع أبداً وحافظت على الحد الأدنى من التشاور.

قبل شهور قليلة، التقى جنبلاط بالصدفة في أحد مطاعم العاصمة بطوني سليمان فرنجية، فأبدى حماسة في التعرف اليه وصافحه علنا، وهو الأمر الذي أثار حفيظة «الشيخ» فريد مكاري، الذي كان موجودا في المطعم ذاته، وتبادل السلام مع جنبلاط «بالمشالحة»!

تلك كانت البداية، إلى أن التقى طوني فرنجية وتيمور جنبلاط في أحد مطاعم وسط بيروت بحضور «اصدقاء مشتركين». سرعان ما تسللت الكيمياء بين الشابين، والدليل أن تيمور حل يوم الأحد الماضي ضيفاً على زغرتا، حيث جمعته مائدة «اهدنية» بطوني فرنجية، بدعوة من صديق مشترك، هو جيلبير مرعب عضو مجلس إدارة صندوق المهجرين، ليرفعا من منسوب تواصل، بدا وكأنه أفضل حالاً من تراكمات «البيكين الكبيرين». ما يؤشر إلى صداقة جدية يعمل الشابان على تمتينها.

ولهذا كانت مشاركتهما في اللقاء الذي جمع «أبو تيمور» و«أبو طوني» بمثابة تحصيل حاصل، واستكمالاً للمشهد الناشئ بينهما. مع أنّ جنبلاط كان يحرص خلال الجولة التي يقوم بها طارحاً لمبادرته، أن يكون وحيداً من دون أي مرافقة سياسية.

عملياً، لم يحمل الضيف «الاشتراكي» إلى مضيفه «المرديّ» أية أفكار استثنائية، أو خارجة عن سياق الكلام الذي يدلي به في العلن، والهواجس التي يعبر عنها من المدّ التكفيري، وأبرز تجلياته «المدّ الداعشي».

كلامه مع سليمان فرنجية، الذي يفضّل «الحكي بالاستراتيجيات»، تمحور حول تحديات المستقبل التي يفترض أن تجمع كل الخصوم حول طاولة واحدة، خصوصا في مواجهة ما تقوم به مجموعات ارهابية من مجازر وتهجير للاقليات ولاسيما المسيحيين.

لهذا يصرّ رئيس «اللقاء الديموقراطي» على خلع الأبواب المغلقة، ليفتح باب حوار، ولو بالواسطة، بين مختلف المكونات اللبنانية، حيث يبدو أنّ علاقته بفرنجية قد تشهد مرحلة جديدة، نوعية، لا سيما وأنّ تيمور وطوني قادران على إبقاء خيط التواصل بين الفريقين، متيناً.

يدرك جنبلاط أنه بتواصله مع الزعيم الماروني الشمالي، يتواصل بشكل غير مباشر مع الرئيس بشار الأسد صديق سليمان فرنجية سياسيا وشخصيا وعائليا، وهو الأمر الذي يصبح له معنى جنبلاطي أكبر عندما تكون قد سبقته لقاءات مع شخصيات أخرى مثل السيد نصرالله والكل يعرف موقعه عند الرئيس الأسد، فضلا عن حلفاء آخرين لدمشق مثل اللواء جميل السيد.

اللقاء الذي يشكل فاتحة لمرحلة عنوانها انهاء القطيعة السياسية بين الرجلين، توقف، وفق مصادر مطلعة، بقلق عند تنامي ظاهرة الارهاب في المنطقة، واستعرض المجتمعون الهجوم الاخير الذي نفذته المجموعات الارهابية في عرسال، واستهداف مراكز الجيش اللبناني وخطف العسكريين، مشددين على اهمية الالتفاف حول الجيش في هذه المرحلة وتوفير الدعم المعنوي والسياسي والتسليحي لتمكينه من القيام بالمهام الملقاة على عاتقه.

وقالت المصادر لـ«السفير» ان الجانبين استعرضا كل ما يحيط بالاستحقاق الرئاسي، والتقيا عند ضرورة التعجيل باجراء الانتخابات الرئاسية في اسرع وقت ممكن، لكنهما لم يلتقيا على موقف موحد حيال شخصية الرئيس العتيد، حيث كرر فرنجية موقفه الداعم ترشيح رئيس «تكتل الاصلاح والتغيير» النائب ميشال عون، والالتزام بهذا الدعم طالما ان العماد عون يستمر مرشحا للرئاسة، فيما ركز جنبلاط على ضرورة اجراء مشاورات عاجلة بين القوى السياسية توصلا للاتفاق على شخصية الرئيس الجديد.

وقال جنبلاط انه سيستكمل جولاته على القيادات التي شملت حتى الآن اضافة الى فرنجية، السيد حسن نصرالله والرئيس نبيه بري ورئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري والعماد عون، على ان تشمل قريبا الرئيس امين الجميل، ومن ثم رئيس «القوات» سمير جعجع في معراب.